موفق محادين /نابليون الثالث العربي

من الأعمال السياسية القليلة لمؤسس الاشتراكية العمالية، كارل ماركس دراسته (الثامن عشر من برومير بونابرت). أما برومير فهو شهر فرنسي، وأما الكتاب فيتحدث عن نابليون الثالث (ابن أخ نابليون الأول بونابرت وفق مقارنة بين الحالتين: الأولى حالة البونابرت عندما قاد انقلابا على أول جمهورية فرنسية وأعلن نفسه امبراطورا، والثانية حالة (ابن الأخ) عندما كرر الأمر نفسه بعد نصف قرن تقريبا.
وقد كثف ماركس هذه المقارنة بقول شهير استعاره من هيغل، وهو أن التاريخ يكرر نفسه مرتين، مرة على شكل مأساة أو تراجيديا، ومرة على شكل مسخرة أو كوميديا، نابليون الأول ونابليون الثالث..
ومع تأكيدنا على اختلاف الزمن والظروف، إلا أن هناك ما يسمح بمغامرة فكرية لمقاربة العديد من الحالات العربية بعد سرقة الحراك الشعبي العربي من جماعات الإسلام الأمريكي.
فما من (زعيم) عربي قذفته الأحداث إلى سدة الحكم أو الزعامة بعد تلك الأحداث يخلو من المسخرة أو الكوميديا، في المنظر والمظهر على حد سواء كما كان نابليون الثالث، وعلى حد تعبير المثل الشعبي الدارج أيضا لا مظهر ولا محضر..
شخصيات باهتة لا يمكن أن تقارن بكاريزما البونابرت العربي الأول، جمال عبدالناصر وأحلامه الامبراطورية القومية التي جعلته الرقم الأول في العالم الثالث طيلة سنواته في المشهد العربي والعالمي، ومن وجه المفارقة هنا المسافة الزمنية المشتركة بين نابليون الأول وطبعته الكوميدية، نابليون الثالث وهي حوالي نصف قرن تقريبا بين 1799 و 1851، وبين المسافة الزمنية بين جمال عبدالناصر (1952) والزعامات الكوميدية الباهتة لربيع الإسلام الأمريكي من نمط محمد مرسي والمرزوقي والغنوشي وجورج صبرا وعبدالباسط سيدا وأمثالهم.
والحق أن بين هؤلاء وأولئك، ثمة شخصيات عربية لا يمكن إنكار طابعها الكاريزمي بهذه الحدود أو تلك وأيا كان الموقف منها، سلبا أو إيجابا، مثل هواري بومدين في الجزائر وصدام حسين في العراق، والملك حسين ووصفي التل في الأردن، وأحمد الشقيري وجورج حبش وأبو عمار من فلسطين، وحافظ الأسد وصلاح جديد في سورية، والسيد حسن نصر الله وكمال جنبلاط ورشيد كرامي والإمام موسى الصدر في لبنان.

mwaffaq.mahadin@alarabalyawm.net

شاهد أيضاً

شهدنا الانتخابات بدون أحزاب فكيف بالأحزاب بالشكل الحالي؟* هيلدا عجيلات

عروبة الإخباري – شهدنا الانتخابات بدون أحزاب فكيف بالأحزاب بالشكل الحالي؟!! أعتقد نسبة المشاركة ستبقى …

اترك تعليقاً