سلطان الحطاب/حكومة النسور.. طبعة جديدة مزيدة ومنقحة!

يخرج الدكتور عبدالله النسور بالتكليف الذي جاء مختصراً ومكثفاً وسياسياً وبعيداً عن الانشاء والجمل الفضفاضة وإذا كان قد أخذ وقت اختبار قبل تشكيل البرلمان فإن تلك الفترة التي نجح فيها هي التي حملته الآن إلى التكليف فقد صمد بشجاعة أمام موجة من نقد الشارع واحتجاجاته وحينها لم يقف مكتوف اليدين بل قدم خطة بديلة لتهوين انعكاس الأسعار على الشرائح الفقيرة مما خفف الضغط وقطع الطريق على المعارضة وخاصة الاسلامية في تجيير الاحتجاجات لمزيد من التصعيد أو لصالحها..
الأردنيون يدركون مصالحهم وسوء سلوكيات الحكومات المتعاقبة وأخطاءها وارتجالاتها واستخفافها بالشارع وقواه السياسية وحتى معارضته كان بمثابة الحجارة التي رجم بها الاخوان المسلمون وحلفاؤهم الحكومات وحاصروها مستفيدين من الحراكات الشعبية خلال السنوات الثلاث الماضية.
يعود الدكتور النسور هذه المرة في مناخات جديدة ومعطيات جديدة وواقع جديد يحتاج معه إلى أساليب جديدة ومضامين جديدة في الحوار، والمرحلة التي سيعمل فيها ستكون انتقالية بمخاضات صعبة فيها من ارث الماضي الثقيل الذي لن يتغير بين عشية وضحاها واستحقاقات القادم الضرورية اذ لا بد له أن يثبت عملياً وحتى أثناء تشكيل حكومته أنه يتعامل مع حكومة ذات نكهة برلمانية وأن تأشيرة المرور لا بد أن يوقعها النواب فقد انتهى الزمن السهل الذي كانت الارادة الملكية بالتكليف كافية أن تضع المكلف على كرسي الرئاسة وأن تجري صناعة الضمانات له بالفوز والمرور من البرلمان.
هذه المرة ستحاول الاغلبية في البرلمان أن تخاطب ناخبيها (الشارع) من خلال موقفها من النسور وحكومته وسنرى موجة من الممانعة والعناد في منح الثقة وعملية شد حبل قوية حتى لا يعتقد الشارع أن تفويضه لنوابه جرى صرفه بسهولة وبلا مكونات كافية فالنواب في غالبيتهم حريصون على ايصال رسائلهم للشارع على مختلف اتجاهاته والحكومة التي لا تستطيع الاستجابة لرغبة النواب وخدمة رسائلهم المستعجلة ستجد نفسها في جدل وارتباك وحاجة متعاظمة للاقناع والعمل وشراء الوقت وحتى الحصول على الثقة بصعوبة لأن لهذه الحكومة التزامات دولية متعلقة بالقروض والمنح والديون والاسعار ولديها أيضاً توجه أولي في ان لا توزر النواب لاعتبارات موضوعية تتعلق بأن توزيرهم سابق لأوانه وقد يحتاج لبرلمان آخر قادم يحقق مستلزمات التوزير حين يكون النواب قادمين من الأحزاب المؤتلفة تحت القبة.
هناك قوى متربصة في الشارع محسوبة على المعارضة وهي تنتظر خطوات الحكومة الجديدة سواء لجهة تشكيلها لنقد هذه التشكيلة أو للبحث عن ردود فعل عليها يجري ركوبها أو لجهة اتخاذ خطوات أخرى تمس الأسعار أو الحياة الاجتماعية، واذا كان من حق المعارضة أن تحتج لأن هذا جزء من عملها ومن حق الشارع أن يعلن رأيه عبر ناخبيه أو منظماته المدنية وأي أشكال أخرى فإن على الحكومة بالمقابل أن تبادر فوراً وبمواقف استباقية وعملية لارسال رسائل ليس للنواب وحدهم وانما لمختلف القوى السياسية والشارع ان لديها قدرة على الاحتواء العملي وأنها تعيد انتاج المعطيات الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية التي كانت الحكومات السابقة تعتبرها قدراً أو شكلاً جاهزاً لا يمكن تطويره أو الخروج عنه..
على هذه الحكومة أن تجترح الان اساليب اخرى وأعتقد أنها من خلال طريقة رئيسها قادرة في أن تذهب إلى مواقف أقل ضرراً وأن تدرأ كثيراً من الخطوات التي ظلت مستفحلة لا علاج كافياً لها.
خطاب الفساد الحاد الذي مارسته الحكومات لم يعد يقنع وهو لا يخفض المحروقات ولا يدعم الخبز واذا كان لهذه الحكومة أن تعمل على مكافحة الفساد والتقليل من منسوبه ومحاصرة ينابيعه فهذا يتطلب وقتاً وصبراً ورؤوساً باردة وغرفاً خلفية حتى لا تظل محاربة الفساد شعاراً على طريقة «أشبعناهم سباً وأودوا بالإبل»..
ولعل ما وضعت الحكومة أو وعدت أن تضع وهو ايصال الدعم لمستحقيه عن طريق البطاقة الذكية أمر في غاية الاهمية والجدية فالحكومة حين تأتي بأساليب ايجابية فهي لا تصنع العجلة وانما تتخلص من الكسل وضغط بعض القوى الاجتماعية التي كانت تفرض مصالح الاقلية على حساب الاكثرية.
ويكفي أن تخدم موضوع شراء الخبز لتظهر الفروق الكبيرة الايجابية حين يوجه الدعم لمستحقيه، الحكومات تستطيع أن تفعل الكثير الايجابي لو عملت..فلندعها تعمل !
alhattabsultan@gmail.com

شاهد أيضاً

البطالة تتمدد.. والحكومة تتفرج!* أسرار جوهر حيات

عروبة الإخباري – لا يمكن إنكار أن ملف التوظيف في الكويت أصبح مرهقاً للدولة، فالأجهزة …

اترك تعليقاً