أكتب هذه السطور وهناك ستة مرشحين يتنافسون على الفوز بالرئاسة الفرنسية، غير أنني أكتفي اليوم بالحديث عن ثلاثة منهم، وأهمل ثلاثة آخرين أجد أن حظهم بالفوز ليس أفضل من حظ أصدقاء لي وصديقات يحملون الجنسية الفرنسية.
وهكذا أتجاوز جان – لوك ميلونشون ومانويل فالس وفرنسوا بايرو، وأركز على فرنسوا فيّون وإيمانويل ماكرون ومارين لوبن.
فيّون كان رئيس الوزراء خمس سنوات مع الرئيس فرنسوا هولاند، وهو كاثوليكي محافظ من الحزب الجمهوري بقي متقدماً على جميع المرشحين الآخرين أشهراً وأسابيع حتى انفجرت «فضيحة» زوجته التي تبيّن أنه دفع لها مرتباً مجموعه نحو مليون دولار من دون أن تقوم بأي عمل. (إذا استمر هذا الوضع فقد ترتفع أسهم مانويل فالس، وقد يفكر هولاند بالعودة إلى المنافسة).
استطلاعات الرأي العام الأخيرة أظهرت تراجع تأييد فيّون، وتحسن وضع ماكرون، وهو وزير اقتصاد سابق عمره 39 سنة، استقال الصيف الماضي لخوض حملة الانتخابات كمستقل. هو متهم بأن برنامجه الانتخابي غامض فقد وعد بمكافحة البطالة، ونسبتها عالية في فرنسا الآن، إلا أنه لم يقل كيف سيفعل ذلك، ووعد بمواجهة عدم المساواة في الوظائف بين رجال ونساء، إلا أنه، مرة أخرى، لم يقل كيف سيواجه هذه المشكلة. كذلك تحدث ماكرون عن أخطار العولمة، وهي قضية في بلاده لأن الفرنسيين حريصون على الاستقلال في مواقفهم. بين وعود ماكرون الأخرى زيادة مخصصات الدفاع وتعيين عشرة آلاف شرطي إضافي، وزيادة تمويل المدارس، وتخفيف قوانين العمالة، وهي في فرنسا خفيفة أصلاً. ونقطة أخرى تستحق التسجيل فهو انتقد سياسة الرئيس دونالد ترامب وقال أن معارضيه يستطيعون اللجوء، ولعل هذه الكلمة تعني الإقامة في فرنسا.
الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة الفرنسية ستجرى في 23 نيسان (أبريل) المقبل، والجولة الثانية، وهي الحاسمة، ستجرى في 7 أيار (مايو). أكتب بحذر وأرجح أن تكون مارين لوبن، رئيسة الكتلة الوطنية اليمينية جداً، الأولى في الجولة الأولى، وأن تخسر الجولة الثانية.
مارين لوبن، ووالدها جان ماري مؤسس الحزب، قالا يوماً أنهما لو كانا أميركيين لاختارا التصويت لترامب رئيساً. وثمة مقالات وأخبار كلها يرسم أوجه الشبه بين سياسة ترامب في الولايات المتحدة وسياسة لوبن في فرنسا.
هي أصدرت 144 التزاماً للتنفيذ إذا فازت بالرئاسة، وبينها الخروج من منطقة اليورو، وإجراء استفتاء على البقاء في الاتحاد الأوروبي أو تركه، والسيطرة على الهجرة إلى فرنسا لأنها تراها خارجة عن نطاق قوانين البلاد، وفرض ضرائب إضافية على الأجانب العاملين في فرنسا، وفي الوقت ذاته خفض الضرائب على الفرنسيين، وزيادة مخصصات الضمانات الاجتماعية، وغير ذلك كثير.
قالت مارين لوبن أن الهدف من اقتراحاتها أن تسترد فرنسا حريتها وأن يسود صوت الشعب. في هذا الموقف هي قريبة من موقف ترامب في بلاده، فقد استمال أنصاف المتعلمين، والعاطلين من العمل في وسط الغرب الأميركي والمسيحيين التبشيريين في الولايات الجنوبية، بوعده أن تعود أميركا إلى قيادة العالم وشعاره «أميركا أولاً».
الوعود، إن في الولايات المتحدة أو فرنسا أو غيرهما، شيء والتنفيذ شيء آخر. بما أن الانتخابات الفرنسية على بعد أسابيع من اليوم، فقد قدمت للقراء معلومات صحيحة وقد يطرأ بعد ذلك ما يغير رأي الناخبين في هذا المرشح أو ذاك أو تلك.