بلا مقدمات سياسية، أو تحولات جوهرية في السياسة العراقية نحو الانفتاح على الشعب العراقي الشقيق، والوفاء بكل تعهدات رئيس الوزراء السيد العبادي، لتحقيق العدالة والمساواة للشعب العراقي، وإخراج العراق من ربقة الاحتلال الإيراني، يفاجأ المواطن العربي، والعراقي على وجه الخصوص، بزيارة وزير الخارجية القطري الدكتور خالد العطية لبغداد، في زيارة وصفت بأنها رسمية، سؤال المواطن العربي المحب لقطر: هل هذا توقيت مناسب للقيام بزيارة حكومة أمعنت في الطائفية والقتل والدمار لأهل العراق، خاصة أهل السنة؟.
العراق اليوم يسبح في بحر لجي من الدماء بقيادة العبادي والجعفري ومن قبلهما نوري المالكي (ثالوث حزب الدعوة الطائفي)، الذي تغول على الشعب العراقي، خاصة أهل السنة. منعت حكومة حزب الدعوة، أهل السنة الهاربين من وحشية حرب الحشد الشعبي الشيعي، على مدنهم وقراهم في الأنبار، من دخول العاصمة بغداد بحثا عن الأمن بالقرب من مقر حزب الدعوة في العاصمة دار السلام.
(2)
نقلت وسائل الإعلام أن قطر أبدت رغبتها لحكومة العبادي، بدعم العراق في الوقت الراهن، خصوصا أنه يعاني من أزمتين، أمنية واقتصادية، وعودة السفارة القطرية إلى سابق عهدها.
كنت أتمنى قبل الزيارة، أن يعدّ مكتب الوزير العطية عن الأزمة الاقتصادية التي حلت بالعراق، أسبابها، ونتائجها، وحتما سيجد أن أسباب تلك الأزمة المالية الفساد المطبق والنهب المنظم لمليارات الدولارات، نهبت بمعرفة قيادات سياسية حاكمة، وعلى قمة النهابين لمالية العراق وثرواته التاريخية نوري المالكي الذي حكم العراق لسنوات عديدة. كنت أتمنى لو أن مكتب سعادة الوزير أعد ملفا عن الحالة الأمنية، على أن يحدد المستهدف من تلك الحالة، إنهم أهل السنة في كل أرجاء العراق.
وفي تقديري أن عودة السفير القطري إلى بغداد قد تعني الإقرار بكل ما تفعله حكومة العبادي من شرور بأهل العراق.
تمنيت ألا تتم هذه الزيارة في هذا التوقيت الذي تمر به المنطقة، حرب في الأنبار طائفية بكل معنى الكلمة، كان شعارها المذاع من وسائل الإعلام الرسمية العراقية “لبيك يا حسين”، ورغم تغيير شعار تلك الحرب الطائفية الملعونة بضغوط أمريكية، إلا أن العقيدة ما برحت في الصدور والعقول “لبيك يا حسين”، والأنبار وما يجري فيها شاهد على قولي.
هل تعلم سعادة الوزير، أن مليشيات الحشد الشعبي الشيعي بقيادة إيرانية مطلقة اشترطت على حكومة العبادي استعدادها لتحرير الأنبار من “داعش” على أن تُلحق “عين الفلوجة والنخيب” بكربلاء، لتكون الحدود السعودية (250 كم تقريبا) مكشوفة لإيران وهنا الخطورة على دول مجلس التعاون، حدود برية مكشوفة مع الكويت والسعودية، ناهيك عن مناطق أخرى على امتداد السواحل الغربية من الخليج العربي.
(3)
في الشأن المصري، كتبت في هذه الزاوية طلبي الملح أن تكون المملكة العربية السعودية أول الزائرين لميدان التحرير إبان ثورة الـ25 من يناير 2011 والالتقاء بقيادات تلك الجماهير التي احتشدت مطالبة بسقوط نظام حسني مبارك لما أصابهم من وهن وإهدار كرامة الإنسان المصري، وإفقاره من أجل أن ينعم الفاسدون.
وتمنيت من القيادات العربية عامة والسعوديين خاصة، أن يشدوا من أزر الحكومة المصرية المنتخبة بقيادة الدكتور محمد مرسي، لا حبا في الخلفية التاريخية لنوع الحكومة المصرية (أعني الإخوان المسلمين)، ولكن خوفا أن تنزلق مصر إلى الفوضى والاضطراب، ولكن مع الأسف الشديد، أن بوصلة بعض الأنظمة العربية راحت تعادي الجمهورية المصرية الثانية (الأولى كانت جمهورية عسكر، والثانية مدنيين) وجاء العسكر إلى قيادة مصر بقيادة الجنرال السيسي الذي جر البلاد إلى ما توقعه كاتب هذه السطور في حينه.
دول الخليج العربي، خاصة المملكة السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت، أغدقوا أموالا طائلة على نظام السيسي من أجل استقرار مصر، ولكن مع الأسف الشديد راحت تلك الأموال إلى جهات معينة كشفت عنها التسريبات المؤكدة ولم تصل إلى الشعب المصري.
تتعرض اليوم المملكة العربية السعودية بالتحديد وقياداتها، لهجمة إعلامية مصرية غير أخلاقية، يقودها رموز إعلام العصبة الحاكمة في القاهرة، إنها حملة ظالمة وغير مبررة.
القيادة السعودية استقطعت من احتياطيات الشعب السعودي المالية مليارات الدولارات وراحت تغدق على نظام السيسي لتثبيته، ولكن مع الأسف راح ومساعدوه يمعنون في الابتزاز لأنظمة الدول الخليجية “فلوسهم زي الرز”، وراحت وسائل إعلامهم تكيل لنا ولقادتنا الشتائم، وكأنهم يعتقدون بفعلهم ذلك دفع قادتنا لإغداق مزيد من الأموال، ولكننا نحن الشعب العربي في الخليج، سنقف دفاعا عن قياداتنا وكرامتنا ولن نلتفت إلى مهاترات إعلام مصر السيسي، ليس ضعفا، ولكن ترفعا وكبرياء.
(4)
تجري في مسقط محادثات بين الأمريكان والحوثي، حول أوضاع اليمن، تقول مصادر موثقة إن الأمريكان يمارسون ضغوطا منقطعة النظير للدفع بأركان الحكومة الشرعية اليمنية المقيمة في الرياض على القبول بالذهاب إلى جنيف للتفاوض مع ممثلي الحوثي وعبد الله المخلوع، وعلى وقف القتال في اليمن، على أن يبقى كل في مكانه حتى الوصول إلى حل نهائي للمسألة اليمنية، وهذا في حد ذاته، الاعتراف بالأمر الواقع للحوثيين.
الأمريكان يعتقدون أن قوات الحوثي وصالح المخلوع كفيلان بالتصدي لتنظيم القاعدة في اليمن، وهذه أكذوبة كبرى، فالقاعدة في اليمن هي من إنتاج علي الخلوع وبزواله والحوثي ينتهي تنظيم القاعدة مرة وإلى الأبد في اليمن.
قبول بالذهاب إلى جنيف قبل أن تتغير خارطة ميدان القتال لمصلحة الحكومة الشرعية، يعتبر غرز خنجر في خاصرة المملكة السعودية، لأن ذلك المؤتمر سوف يسيّد الطائفية في اليمن المرتبطة بإيران، وما يجري على الحدود السعودية اليمنية من مناوشات مسلحة، وتفجيرات المنطقة الشرقية إلا دليلا على ما أقول. من هنا نؤكد أن إيران تعمل على تهديد السعودية، شرقا وشمالا وجنوبا، وتعلن “داعش الإيرانية” مسؤولياتها عن الأحداث في المنطقة الشرقية، وهذه في العراق تعمل إيران بكل ثقلها لتكون حدودها مع المملكة مفتوحة عبر الأنبار العراقية.
آخر القول: الحكومة الشرعية اليمنية على حق في رفض مؤتمر جنيف إلا بعد تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2216، والسعوديون على حق في رفض جنيف لأنهم أعلم بما سينتج عن ذلك المؤتمر من سلبيات ستكون راسخة رسوخ جبال صعدة.