عروبة الإخباري –
الرأي –
هل الأديب الأردني في مجال أدب الطفل يعاني مشكلة ما، أم أنّ اشتغاله على الثيم والأفكار في خلطة إبداعية غير كافٍ لفوزه بجائزة نظمتها مؤسسة أردنيّة وُجّهت للأردنيين والعرب؟!..
أسئلة كثيرة ربما تُطرح حول هذا الموضوع المهمّ، في موضوع جائزه أدب الطفل بمؤسسه عبد الحميد شومان، ذراع البنك العربي، لعام 2023، التي اختصت هذا العام بحقل الشعر، ضمن محور أو موضوع «البيئة» الموجهة للأطفال في الفئه العمريه من 9 إلى 12 سنة، وعلى أحقية لجنة التحكيم ومعاييرها ورؤيتها للأعمال الفائزة، وعلى أحقية الفائزين العرب بها من الجزائر والعراق وسوريا تباعًا بالمراكز الثلاثة الأولى، فإننا، وكتغذية راجعة، ربّما نسأل أنفسنا: لماذا لم يفز كاتبنا بالجائزة؟!..
وما مدى منافسته؟!..
وهو سؤال يُطرح على لجنه التحكيم في مؤسسة عبد الحميد شومان، إذا ما عرفنا من هي هذه اللجنة. المسألة الثانية هي هل هناك عزوف لدينا في التقديم للجائزة، بدليل أننا سمعنا أنّ الجائزه مُددت لغايات توسيع المشاركة الأردنيّة في المقام الأول، مع أنّ نسبة مشاركة الأردنيين في الجائزة هي الثانية بعد المشاركة المصريّة؟!
المسألة الثالثة هي أننا ونحن نتصفح السير الذاتية للفائزين، نجدها سيرًا وجيهةً للفوز، وعلى أحقية فوزهم، إلا أننا يحقّ لنا أيضًا أن نحتكّ قليلًا بأديبنا الأردني في مجال أدب الطفل، فنحاوره ونقبّلهُ ونهمس في أذنه: لماذا لم يشارك؟!..
وإذا كان شارك، لماذا لم يفز وكيف عالج الثيم والأفكار وفق آفاق الجائزة وشروطها؟!.. والسؤال مطروحٌ أيضًا أمام لجنه التحكيم وأمام الجائزة.
الطبيعي أنّ من حق الجائزه أن تحجب وأن تمنح، وأن تبيّن معاييرها في ذلك، ومن حقنا والجمهور أيضًا، أن نعرف معايير الجائزة في موضوع ربما يكون جافًا، كموضوع «البيئة الموجّهة للأطفال»، في الفئة العمرية من 9 إلى 12سنة.
ومن خبرتنا في الجوائز الإبداعية العربيّة في الرواية والقصة وخلافها، يمكن أن نناقش ونقرأ نصيب الثيم والأفكار في الفوز بالجائزة، في مجال مفتوح للجميع، هو موضوع أدب الطفل.
ومع أنّ كاتب الطفل هو مبدع عالمي كوني، ربما يستعير أفكارًا يعبّر عنها كأفكار إنسانيّة موجودة في كلّ مكان، إلا أنّ دولًا مثل العراق وسوريا تعرّضت لنكبات كثيرة وعانى الكاتب فيها قبل الطفل، ما يجعله قويًّا في استعداده لدخول أيّ مسابقة تأخذ مما يعيش ويعاني، علاوةً على أنّ أطفال هذه الدول عانوا الكثير، فهل هذه الأرضيّة اليوميّة من المعاناة هي ما يمّد الكتّاب فيها؟!..
لكنّ تحديد الموضوع في مجال البيئة بشكل توعوي، ربما لا يرتبط بهذه المعاناة أو يرتبط قليلًا بها بحسب قوّة التناول والمعالجة والاستعارة والشروط الإبداعيّة في هذا، لأنّنا نعتقد أنّ الموضوع المطروق مهم في أيّ جائزة، في طرافته وجدّته وقوّته، دون أن نلغي بالطبع المسألة المهمّة جدًّا وهي التقنية الأدبية في أدب الطفل المحدد بالفئة العمرية من 9 إلى 12 سنه، وهذه أسئلة نحب أن نطرحها على لجنة تحكيم الجائزة في مؤسسة عبد الحميد شومان، وهو ما لا ينفي أننا نشاركهم احتفالهم بالفائزين الأشقاء ونرجو أن تتاح لنا فرصة حوارهم عبر مساحات صحفية وإعلامية ثقافية، واستضافات متنوعة في بلد يؤمن بالإبداع المحلي والعربي، وقام أصلًا على أساس نهضوي وعروبي.
وحول فوز ثلاثة من الأدباء العرب بالجائزة، علينا أن نحترم وجهة نظر المؤسسة التي تقول إنّ الفوز العربي يبيّن حيدة الجائزة والقائمين عليها، ويظهر موضوعيتها وعدم اشتراطها أن يفوز أردني على الأقلّ، في أيّ مركز من المراكز الثلاثة، بمعنى ألا يكون التحيّز لكاتبنا الأردني ضدّ المنافسة الإبداعيّة النزيهة في التحكيم، فنقوم بتفويز أحدنا لنظلّ حاضرين في الجائزة.
في السياق، هناك مواضيع كثيرة تزدحم علينا، حين نفتح جوائزنا على العرب والعالم، لترويجنا مؤسسيًّا ولنسمح لأنفسنا بقراءة الأدب الشقيق، وكذلك الأدب الصديق، ولكي ندعو أنفسنا إلى المقارنة بيننا وبينهم،.. إلخ كفوائد لهذا الشمول والتوسيع في رقعة أو مساحة الجوائز.
لكنّ آراءً أخرى تقول إنّنا بتوسيع الجائزة عربيًّا وعالميًّا إنّما نقلل من مساحة مبدعنا أو من فرصته في الفوز، وإيرادنا هذا الرأي، ليس معناه أننا ضد أن تكون الأردن ملتقى للإبداع والمبدعين.
على أنّنا، ونحن لم نقرأ النصوص الفائزة بالجائزة بعد، فهي ربما تصدر في كتاب أو توزّع لاحقًا في احتفال، علينا أن نتساءل، ومن حقنا أن نتساءل كصحفيين وأدباء وأصدقاء لكتّابنا في مجال أدب الطفل، هل عدم فوزهم في الجائزة هو زهدهم، أم أنهم نافسوا ولم يحالفهم الحظّ، أم أنّها أقلّ بكثير أو قليل من المستوى المطلوب، أو ربّما كانت مشاركاتنا، وجميع ما نقوله احتمالات، قريبة جدًّا من الفوز، وهو ما يُطمئن في بحثنا عن مؤشّر عام على أدب الطفل في الأردن، بعيدًا عن مقولات الحمايه الأدبية لكاتبنا وشاعرنا ومبدعنا في ما تقدّمه مؤسساتنا المحليّة من جوائز.
إنّ مؤسسه عبد الحميد شومان التي نحب ونحترم، كذراع للبنك العربي المعروف بإسهامه الثقافي والإبداعي والأدبي والفني والمعرفي، كمسؤوليه اجتماعية من خلال المؤسسة، تدرك مدى رغبتنا بالمكاشفة بأنّ خلوّ الجائزة من الفوز الأردني هو مؤشّر مهم في شعر أدب الأطفال في الأردن.
لكنّ الفوز الأردني في العام الماضي في الجائزة بمحور القصّة كان سببًا في الحفاوة والاعتزاز والنقاش أيضًا، ومع ذلك فإنّ وجاهة الفوز الجزائري والعراقي والسوري في محور الجائزة لهذا العام، يجعلنا نبارك لهم ونحترم إبداعاتهم دون أن نخفي عتبنا على مبدعنا المحلي في ذلك.
ربّما نحتاج ندوة نقاشيّة احتفائيّة وتقييميّة في مؤسسة عبدالحميد شومان، يحضرها الأدباء والمثقفون والمهتمون، ونقرأ فيها مدى معالجة موضوع البيئة إبداعيًّا لدى المشاركين، كموضوع تربوي ربما أو صعب التحرّك إبداعيًّا فيه، نحو دورات قادمة للجائزة.
فإلى أين يتجه أدب الطفل، في إنسانيته أم في قُطْريَّته، وما مدى الاحتكاك الثقافي بالثقافات الأخرى في أدب الطفل وفي غيره من الآداب، كالشمال الإفريقي الذي ينفتح على ثقافات عديدة بحكم الجوار الغربي وخلافه؟
نقول هذا، ونحن لا نستهين بكاتبنا ومقدرته على النفاذ إلى أبعاد كبيرة فيفوز، ليس فقط في جائزة بمؤسسة محليّة، وإنما في كل شيء وبجوائز عالميّة، حتى في الرياضة التي تحظى دائمًا بتكريم جلالة الملك عبدالله الثاني للفائزين، ولذلك يظلّ السؤال النقدي حاضرًا والمراجعة الذاتيّة أيضًا في ذلك.
تقول المديرة التنفيذية للمؤسسة فلنتينا قسيسيّة في البيان الذي صدر عن الجائزة، بعد التهنئة للفائزين الثلاثة، بأنّ محور الجائزة لهذا العام يعيد الاعتبار للشعر والبيئة، والشعر كما نعلم عالم آخر ربما يتنمّط في توظيف البيئة شعرًا، إن يئست الهمم من توظيف هذا المحور التوعوي إبداعًا، إذ يرى مبدعون أنّهم من الصعب أن يكتبوا حتى للأطفال، عن علم الكيمياء مثلًا، شعرًا رائعًا، إلا إذا ارتبطت الكيمياء بأمور نفسيّة يعرفها أهل الإبداع، فهل يتخلّص محور الجائزة مستقبلًا من موضوع النصيحة التوعويّة وإقحامها على الشعر أو القصّة أو أيّ مجال أدبي آخر؟!
من حقّ مؤسسة شومان أن تشدّد على الجانب التوعوي والتربوي المحمول على جناح الإبداع، كونها مؤسسة «تنتمي الى السياق الثقافي والمعرفي»، وربما نكون مغالين أو ظالمين حين نلغي الالتفاتات الإنسانيّة البسيطة والعفوية في الكتابة للطفل، فكثير من الجوائز فازت أعمالها لبساطة الطرح وروعة المعالجة في الفن والأدب، ومثل ذلك موضوع البيئة الذي لا يفترض تحذلقًا أو إقحامًا أو تعنّتًا في الكتابة، لفئة عمريّة رائعة نحبّ أن تنشأ على الروعة وعالم الجمال.
تركز مديرة «شومان» على الوجدان وصدى الجائزة، نحو أن تشعل فينا شرارة التفكير والعمل من أجل الحفاظ على هذا الكوكب، ولأنّ للجائزة هيئة علميّة ولجنة تحكيم متخصصة، فإنّ الأدب بالتأكيد يبنى على الثقافة والمعرفة والبحث، نحو مخرج إبداعي وجيه للفوز.
تقول لجنه تحكيم الجائزة إنّ معظم المشاركين في المسابقة قدموا محاولات إيجابية وتجريبية للاقتراب من خواصّ قصيدة الطفل والحصيله اللغوية للمرحلة العمرية المستهدفة، كما أنّ هناك مشاركات جعلت الرسالة مُضمنة كإيحاء، وهذا الذي ندعو إليه في كيف يحمل الأدب والإبداع الموضوع العلمي أو المباشر، ضمن تعبير أدبي إبداعي.
وتقول إحصائيات الجائزة إن 492 طلبًا تقدم من 12 دوله عربية، وهي بشرى طيبة، وخمس دول غير عربية، وهذه بشرى عالميّة في وصول الجائزة إلى أصقاع وأدمغة واهتمامات واسعة، بينما توزعت الدول الأكثر مشاركة على مصر 28%، ومع ذلك لم تفز، و الأردن 17% ومع ذلك لم تفز، ولنا أن نقرأ المؤشرات، في أنّ سوريا بمشاركة 16% فازت، والجزائر بمشاركة 10% فازت، وأنّ تونس والعراق شاركتا بـ 6% لكلّ دولة وفاز العراق، كما شاركت المغرب واليمن بـ 5% لكل دولة، وشاركت فلسطين بـ 4%، فيما شكّل باقي الدول نسبة 1% من المشاركات، لكلٍّ من لبنان، السودان، السعوديه، وكلّ هذه المؤشرات تحيلنا إلى قراءة هذه الدول في أدبائها وشعرائها ومدى اهتمامها في المقام الأوّل لأن يكتب أدباؤها في هذا الموضوع، والسؤال ذاته حول الدول الأجنبيّة في الاهتمام أو المشاركة.
تقول الجائزة السنوية إنّ فلسفتها أو رسالتها تقوم على الاستثمار في الإبداع المعرفي والثقافي والاجتماعي والإسهام في نهوض المجتمعات في العالم العربي من خلال الفكر القيادي والفنون والابتكار، في الجائزة التي تمنح مرة كل عام في مجال أدب الطفل، في واحدة من الفنون الأدبيه، وهي: القصة، الشعر، الرواية، النص المسرحي للأطفال، وهي محاور تقام بالتناوب.
وإذ يحصل الفائز الأول على 10000 دينار والفائز الثاني على 5000 دينار والفائز الثالث على 3000 دينار، ومع طموحنا إلى زيادة هذه الأرقام المالية كجوائز، إلا أنّ سؤالنا الأهمّ يتعلق بالْمُخرج الإبداعي والفوز المعنوي، ومرّةً أخرى نبارك للفائزين من أشقائنا العرب فوزهم ونطمح أن تكون بين أيدينا قريبًا منجزاتهم لنشارك لجنة التحكيم فرحتها بمسوّغات الفوز.