يواجه المجلس ظروفا سياسية صعبة ومعقدة على الصعيدين المحلي والخارجي ، ويتحمل مسؤولية عظيمة امام الشعب الاردني ، تحتاج الى ادراك عميق لهذه المهام الكبيرة ومقدرة واسعة على التعامل معها .
اداء مجالس النواب السابقة اسهم اسهاما كبيرا في فقدان الثقة وانعدامها بين الجماهير والمجلس ، واصبحت البرلمانات محلا للتهكم والسخرية ، لانها لم تستطع ان تحقق امال الناس بالقدرة على القيام بمهامها الدستورية المتمثلة في الرقابة والتشريع وحفظ مقدرات الاردنيين واسترداد اموالهم المنهوبة وارضهم المغصوبة .
ما حدث كان على النقيض تماما فالمجالس المتتابعة عجزت عن القيام بالرقابة على اعمال السلطة التنفيذية ، وذهب النواب الى التنافس في الحصول على المكتسبات الفردية الصغيرة وتوظيف الاقارب والمحاسيب مقابل السكوت وتمرير الصفقات ، ولم يتم الاكتفاء بذلك بل عملوا على طي ملفات الفساد وتبرئة الفاسدين والتغطية على اعمال النهب والسلب لمقدرات الوطن وأموال الشعب .
تتجلى المهمة الاصعب في هذه الاونة بامتلاك القدرة على استعادة الثقة المعدومة، لان فقدان الثقة يؤدي الى الاحباط، وليس هناك اكثر خطورة من سيادة جو اليأس والاحباط الذي يعطل العقل الجمعي ، ويقتل الابداع ، ويعطل الدافعية نحو العمل والانجاز ، كما انه يمثل البيئة المناسبة لنمو بذور التطرف والعنف والفوضى التي تطيح بالامن والاستقرار وتؤدي في انهيار المجتمعات .
محاربة الاحباط واليأس مهمة وطنية لكل القوى والاطراف السياسية الفاعلة ولكل مكونات المجتمع بغض النظر عن الاختلاف الموجود في وجهات النظر والاجتهادات السياسية ، مهما كانت عميقة وجذرية ، لان الخطر يهددنا جميعا ويهدد الوطن والمجتمع كله.
المجلس السابع عشر اذا اراد ان يكون له مكانة ودور في هذه المرحلة فعليه ان يقدم على الخطوة الاولى التي تتمثل بالجدية على محاربة الفساد واعادة فتح الملفات المغلقة بدءا بملف الفوسفات والبوتاس والاتصالات مرورا بملف موارد والعقبة واتفاقيات الغاز والنفط ، وسكن كريم وشحنات الاغذية الفاسدة .
وعلى المجلس ان يعمل على اعادة جميع املاك الدولة العامة ، وكل الاراضي التي تم الاستيلاء عليها وتسجيلها باسماء كبار المتنفذين ، وازالة كل الاعتداءات على المال العام بلا هوادة او تهاون ، واعادة الملكيات الخاصة الى اصحابها .
بغير ذلك سوف يزيد منسوب الإحباط لدى الناس ولدى قطاعات الشباب ، مما يعني الاستمرار بهدم الثقة بكل مؤسسات الدولة بلا استثناء و يؤدي الى نشوء جيل ناقم لا يجد سوى الفوضى في التعبير عما يريد .
الحديث في هذا الموضوع ليس ترفا ، وليس من باب المبالغة والتهويل ، فالامر جد لا هزل فيه والخطب عظيم والخطر قادم لا محالة ، اذا بقيت الامور سائرة في الاتجاه نفسه واذا بقي المجلس السابع عشر سائرا يتعقب خطى المجلس السادس عشر .
ينبغي ان نعلم جميعا ان المهارة ليست في تقطيع الوقت ، وليس في تجويف المصطلحات وتفريغها من مضمونها بل ان المهارة ينبغي ان تتجلى في امتلاك الجرأة على التغيير ، والثورة على النفس الامارة بالسوء والقابعة في قبو التقليد والتمسك بمخلفات الماضي .