عروبة الإخباري –
في لحظة لا تُقاس بالزمن، بل تُقاس بما تتركه في الروح من أثر، وقفت الإعلامية سمر ضو محمود، بين الكلمات والدموع، بين التصفيق والذكريات. لم تكن مجرد لحظة تكريم، بل كانت لحظة اعتراف نادر بمن أمضت عمرها تكتب في الظل ليُسلّط الضوء على الحقيقة.
فكم من فجرٍ بدأت فيه حكايتها مع الحرف، وكم من ليلٍ أسدل ستاره على عينين ساهرتين تُنقّبان عن نبض الخبر! ثلاث وعشرون سنة من الإيمان برسالة لا تتزحزح، من عشقٍ دفين للكلمة النزيهة، من وفاءٍ قلّ نظيره لمهنة متعبة وجميلة في آن.
اليوم، كأن الزمن توقّف ليصفق لها… كأن الأيام قالت لها شكرًا، بلسان من قرأ حرفها، وصدّق صدقها، وارتاح لقلمها الذي لم يبع يومًا ضميره.
ثلاثة وعشرون عامًا من العطاء، من الوقوف على جبهات الخبر، من مواجهة التحديات المهنية والإنسانية، من البحث المتواصل عن الدقة، والصدق، والمسؤولية. واليوم، في لحظة امتزجت فيها الدموع بالفخر، وفي لحظة ذهبية تليق بمسيرة من الذهب، جاء تكريم سمر في وكالة الأنباء القطرية، بمناسبة يوبيلها الذهبي، ليكون شهادةً على أن العمل الصامت لا يضيع، وأن لكل تعب صدى، ولكل عطاء صدى أبقى.
لم يكن التكريم ورقةً تُمنح، بل كان اعترافًا بمشوار مليء بالقصص، مليء بالمواقف التي رُويت بين سطور الأخبار، ومليء بالمشاعر التي لا تُكتب لكنها تُحس. كانت لحظةً اختزلت كل ليال السهر، وكل نبض عاشته سمر مع كل خبر، وكل خطوة خطتها على درب الصحافة.
وفي كلماتها، خرج الامتنان من القلب: لزملائها الذين شاركوها الدرب، لمسؤوليها الذين آمنوا بها، لأساتذتها الذين وضعوا حجر الأساس في بدايتها، وللوكالة التي احتضنتها كبيت أول وأخير. هذه ليست فقط مسيرة مهنية، بل قصة انتماء، قصة امرأة جعلت من الإعلام رسالة، لا مهنة، ومن القلم أمانة، لا مجرد أداة.
“مشواري لم ينتهِ بعد…”، هكذا قالتها سمر، وهي تستقبل لحظة التكريم لا كنهاية، بل كبداية أخرى، مليئة بالشغف، بالعزيمة، بالحبر الذي لم يجف، وبالإيمان الذي لم يخفت. فالتكريم لم يكن محطة توقف، بل دفعة جديدة نحو مزيد من الإبداع والعطاء، لأن من جعلت من الصمت المخلص بوصلة، تعرف أن الطريق لا يزال أمامها، وأن الرسالة لا تنتهي بتصفيق، بل تستمر بما تتركه من أثر.
سمر ضو محمود، لم تكوني فقط إعلامية ناجحة، بل كنتِ روحًا نزيهة في زمن يفتش عن النقاء. ولأنكِ أثبتِ أن الوفاء للرسالة هو أسمى أشكال النجاح.