ما كتبه سفير أذربيجان ” إيلدار سليموف” عن مدينة شوشا القديمة”عاصمة أذربيجان الثقافية” وتاج قره باغ ذات الأهمية العسكرية – الاستراتيجية

عروبة الإخباري – هذه سلسلة ثانية من مقالات كتبها سعادة سفير جمهورية أذربيجان لدى المملكة الأردنية الهاشمية إيلدار سليموف عن مدينة شوشا القديمة والتي هي عاصمة أذربيجان الثقافية وتاج قره باغ ذات الأهمية العسكرية – الاستراتيجية:

بقلم السفير إيلدار سليموف

           شخصيات شوشا المرموقة ذات المناقب في حياة أذربيجان الاجتماعية – السياسية والثقافيةفي النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وصل عدد السكان في شوشا، بمَن فيهم العُلماء وأصحاب الحِرف إلى 25 الف نسمة. وطبقاً للمعلومات الصادرة عن الأكاديمية الوطنية الأذربيجانية للعلوم، فقد عاش في شوشا في القرن التاسع عشر فقط 95 شاعراً، و22 من علماء الموسيقا، و38 مطرباً مهنياً، و19 خطّاطاً، و16 نقّاشاً، و12 مُجلِّداً، و5 عُلماء في عِلم الفلك، و18 نَحَّاتاً، و16 طبيباً، ونحو 42 معلماً وغيرهم. هذه الشريحة الواسعة من المثقفين، لعبت دوراً كبيراً للغاية في تحويل شوشا إلى مركز ثقافي، وتطوير العِلم والتعليم والثقافة فيها.
تُعتبر شوشا، وهي المركز الثقافي التاريخي لأذربيجان، موطناً لرجال العِلم والثقافة. وليس من باب الصُدَف إطلاقاً أن بيئة شوشا بالذات، قد حملت دوراً هاماً في حياة خورشيد بانو ناتافان، والملا باناه واقف، ومير محسن نواب، وقاسم بك ذاكر، وعبدالرحيم بك حقفاردييف، وسليمان ساني أخوندوف، وفاطمة هانم كمينه، ونجف بك وزيروف، ويوسف وزير تشامانزامينلي، وفيرودين بك كوتشارلي، وسفرعلي بك والَيبيكوف، وكريم بك مَهْمانداروف، وحميدة هانم جافانشير، وحسن علي خان قره داغي، ونريمان بك نريمان بايلي، وبدل بك بدل بايلي، وحاشم بك وزيروف، وأحمد بك آغا أوغلو، وجيهون بك حاجي بايلي، وبهرام بك أخوندوف، وثرايا أغا أوغلو، وصمد بك مهمانداروف، وفرج بك أغاييف، ويعقوب قولييف، وأسلان قاراشوف، وعلياء رُسْتَمْبايوفا، وعشرات الشخصيات الأخرى ذات الصيت العالمي.
تحوّلت شوشا منذ النصف الثاني من القرن الثامن عشر إلى المركز الموسيقي، ولعبت دوراً سببياً بارتقاء الموسيقا الأذربيجانية. ويُعد حاجي هوسو، وعبدالباغي زولالوف (بلبل جان)، وجبّار قارياد أوغلو، ومشهدي مَمّاد فَرْض علييف، وكاتشاتشي أوغلو محمد، وميرزا صادق (صادق جان)، ومشهدي زَيْنال، ومشهدي جمال أميروف، وأحمد بدل بايلي (أغدامسكي)، وإسلام عبداللايف، ومجيد باهْبودوف، وسيد شوشينسكي، وزولفو أديقوزالوف، وخان شوشينسكي، وقربان بِيريِموف، وبلبل، ورشيد باهْبودوف، وآخرون مِمّن يُعدون من كبار المطربين والمهنيين الذين يتمتعون بالشهرة في “الشرق الأوسط” برمته، الذين رَبَّتهم شوشا.
كما تشتهر شوشا باعتبارها موطنا للملحنين الذين ولدوا فيها وذاعت شهرتهم عبر الكرة الأرضية بأكملها. إذ أن ولادة مرحلة جديدة في تاريخ الثقافة الموسيقية الأذربيجانية، كانت قد ارتبطت بعُزيْر حاجي بايلي الذي أصبح شهيراً أيضاً بوصفه إعلامياً موهوباً وشخصية اجتماعية – سياسية، مع كونه ملحّناً عبقرياً وباني موسيقا الأوبرا الأذربيجانية. علاوة على ذلك، تحتل الأسماء مثل فِكرات أميروف، وذو الفقار حاجي بايوف، ونيازي وأفْراسياب بدل بايلي، وسلطان حاجي بايوف، وأشرف عباسوف، وذاكر باغيروف، وسليمان علي عسكروف، والشخصيات المسرحية والسينمائية مثل مهدي ممادوف، ولطيف سفروف، ومخلوقة صاداقوفا، بمن فيهم عدد من الرسامين والنحاتين والمهندسين المعماريين مثل كربلائي صفي خان قره باغي، ولطيف كريموف، وجلال قارْياغدي، وتُغْرول نريمان بايوف، ومنوّر رضاييفا، والعديد من الشخصيات الأخرى ومِهنِهم، تحتل مكانة استثنائية في تاريخ الثقافة الأذربيجانية.

 

                             لقاء الشاعرة الأذربيجانية خورشيد بانو ناتافان
                                  مع الكاتب الفرنسي ألكسندر دوما

تُظهر الوثائق التاريخية أن الروائي الشهير ألكسندر دوما الذي الّف الأعمال الكلاسيكية مثل “الفرسان الثلاثة”، و”كونت مونتي كريستو”، مكث في روسيا والقوقاز على امتداد الفترة من منتصف عام 1858 إلى مطلع عام 1859، حيث قام أثناء سفره إلى القوقاز، بزيارة أذربيجان لبعض الوقت. ثم صدر في باريس في شهر أبريل من عام 1859 كتاب دوما المُكوّن من ثلاثة مجلدات حول انطباعاته عن رحلته القوقازية (بالفرنسية:Impression de Voyage Le Caucase ). وأثناء زيارته لمنزل بِيغولييفسكي وهو قائد الشرطة في أحد أحياء باكو، تعرّف ألكسندر دوما بخورشيد بانو ناتافان، إبنة حاكم قره باغ، والشاعرة الشهيرة وزوجها الأمير خاساي أوسْمييف، ما أدّى إلى تكوّن علاقات الصداقة المخلصة بين الطرفين. ويلعب الكاتب الفرنسي دوما الشطرنج مع الشاعرة الأذربيجانية ناتافان الذي تكون نتيجة لعبته لا تُنسى، إذ أنها أماتت شاه دوما. وحينما تغلبت ناتافان على دوما، كانت أصغر منه عمراً بكثير، حيث بلغت من العمر 26 عاماً فقط، بينما كان عمر دوما 56 عاماً.
وتجدر الإشارة، إلى أنه قد تم افتتاح التمثال المكرس للشاعرة الأذربيجانية البارزة خورشيد بانو ناتافان في مدينة واترلو، في المملكة البلجيكية في 18 فبراير عام 2016 وذلك بدعم من مؤسسة حيدر علييف، حيث وردت في قاعدة التمثال المعلومة عن كون خورشيد بانو ناتافان أميرة قره باغ. في شهر مارس من عام 2020، تعرّض تمثال لخورشيد بانو ناتافان؛ الذي يندرج في قائمة المعالم التاريخية المحمية لدى مدينة واترلو؛ لأعمال التخريب على أيدي الارمن. في عام 2020، أُعيد افتتاح التمثال للشاعرة الأذربيجانية البارزة وأميرة قره باغ خورشيد بانو ناتافان في مدينة واترلو بعد إصلاحه بالكامل.

 

                               المدرسة في قضاء شوشا هي أول مؤسسة تعليمية علمانية في قره باغ
حازت البيئة الأدبية والثقافية والتعليمية لشوشا على دور قل نظيره في تاريخ التنوير في أذربيجان. لقد أسهم الرأي العام في شوشا بمساهمات مهمة في تنمية تاريخنا، وكذلك قدّمت هذه المدينة الشخصيات الفذة لأذربيجان والعالم.
النمو الاقتصادي العالي في شوشا والمحاولة من مثقفي المدينة لافتتاح مدرسة ذات منهج تعليمي عِلماني، قد أكسب شوشا المرتبة الأولى في هذا المجال أيضاً. افتتاح أول مدرسة في القضاء على نطاق القوقاز، دُشِّن في شوشا في 30 ديسمبر عام 1830، بالتالي، وُضِعت أرضية لأول منظومة مدرسية عامة في أذربيجان. واستولت المدرسة في قضاء شوشا على الصدارة من بين المدارس ذات المنهج التعليمي العلماني. وقبل افتتاح المدارس العامة في القوقاز، أعدّت الحكومة القيصرية الروسية ميثاقاً خاصاً، لتُقرّه في 2 أغسطس عام 1829، حيث تأسست مدرسة قضاء في شوشا ضمن أول المدن المنصوص عليها في الميثاق.
لقد كانت المدرسة في قضاء شوشا تتصدر خلال سنوات العمل جمعاء من حيث جودة التعليم، مثلما كانت أول مدرسة تأسست في أذربيجان. في 12 مايو عام 1835، جرى اعتماد الميثاق الثاني للمدارس فيما وراء القوقاز الذي تضمن كذلك تحسين 4 مدارس قضاء في أذربيجان، بما فيها المدرسة في شوشا. وجرى تدريس قواعد اللغة الروسية، والجغرافيا، والتاريخ، والحساب، واللغة الأذربيجانية، والخط والرسم في الصفين الثاني والثالث لدى المؤسسات التعليمية التي بدأت عملاً بموجب الميثاق الجديد. وكان تدريس اللغة الأذربيجانية يجري 6 ساعات في الأسبوع، كمادة الزامية للقسم أيضاً.
واستناداً للمعلومة الواردة في المكتبة لدى المدرسة في قضاء شوشا عن عام 1845، فقد احتوت على 301 مادة أدبية وغيرها من مواد التدريس. وقد تحولت المدرسة في قضاء شوشا التي انطلق التدريس فيها بِ5 مدرسين و127 تلميذ كونها كانت تملك 3 صفوف في البداية؛ إلى مدرسة حضرية ذات 4 صفوف في عام 1878. المدرسة الحضرية في شوشا، كانت تتبوأ المرتبة الأولى على مدى سنوات عملها من حيث جودة التعليم، مثلما كانت أول مدرسة بُنِيَت في أذربيجان.
في 18 ديسمبر عام 1848، جرت الموافقة على الميثاق الجديد للمدراس فيما وراء القوقاز. وبالتالي، مَثلت الأهداف الجديدة امام مدارس أقضية، بما فيها المدرسة في قضاء شوشا. اذ أن مُلخَّص قواعد القرطاسية، اندرج في خطة التدريس، بالإضافة الى المواد السابقة. كما أفسح الميثاق مجالاً أوسع لتعليم اللغة الأذربيجانية.
لقد تميز الفعل التعليمي التعلُمي في المدرسة في قضاء شوشا، بمستوى رفيع بالمقارنة مع نظيرته. كما كانت هذه المدرسة، تتصدر الشهرة فيما وراء القوقاز بأكلمه بعدد تلاميذها الذي وصل إلى 240 تلميذاً في عام 1865. ومنذ عام 1868، اندرجت في خطتها للتدريس اللغات اللاتينية والأوروبية. وبدأ تدريس اللغة الفرنسية في المدرسة في قضاء شوشا.
وأضحت المدرسة في قضاء شوشا وهي أول مؤسّسة للتعليم العام في أذربيجان، بأنها باكورة المدارس الحضرية في القوقاز في عام 1874، وصارت “مدرسة مدينة شوشا”. وبالتالي، بدأت مدرسة مدينة شوشا هذه نشاطها في عام 1874 على أساس المدرسة في قضاء شوشا ذات عدد وفير من التلاميذ، والمكاتب والقاعدة التعليمية – المادية. وتميزت المدرسة الجديدة بنوع ومستوى اعلى. ولهذا السبب، كانت اغلبية هيئة التدريس تتألّف من خريجي معهد تبيلسي ألكسندريسكي للمعلمين. وتميزت المدرسة الحضرية في شوشا مرة أخرى من حيث العدد الكبير من التلاميذ فيها، اذ أن عددهم في الصف الأول فقط، استقر على مستوى 70 تلميذاً في عام 1876، ليصبح 160 تلميذاً في عام 1877.
والتحق بعض التلاميذ من خريجي الدفعة الأولى لدى مدرسة مدينة شوشا بمعهد غوري للمعلمين في عام 1879، حيث آتى من ضمنهم المعلم المعروف، المتخصص البارز في الأدب وصاحب الخدمات الخاصة في تاريخ العلم والتربية والرأي العام في أذربيجان فِيرودين كوتشارلي، والشخصية التنويرية المعروفة، سفر علي بك واليبايوف أيضاً. كما تلقى الممثل المرموق للأدب الأذربيجاني في القرن العشرين، نجف بك وزيروف والعديد من الشخصيات الشهيرة، أول تعليم لهم في مدرسة مدينة (قضاء) شوشا.
تحولت مدرسة مدينة شوشا إلى المدرسة الثانوية الحضرية رقم 1 بعد العام الدراسي 1937-1938. في عامها الدراسي 1939-1940، خرّجت المدرسة ذات العمر 110 عام، أوائل طلبة التعليم الثانوي. في عام 1966، تفرعت عن المدرسة رقم 1 المؤسسة التعليمية الجديدة، ألا وهي المدرسة الثانوية رقم 4. وانتقلت المدرسة الحضرية الثانوية في شوشا رقم 1 إلى مبنى جديد، واستمرت هنا في مزاولة عملها تحت إسم الملحن الفذ عزير حاجي بايلي.
وقّع رجل الدولة العبقري حيدر علييف في عام 1982 على قرار مكتب اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الأذربيجاني المعنون “حول الاحتفال بالذكرى الخمسين بعد المائة للمدرسة الثانوية الحضرية رقم 1 في شوشا”، وبموجب هذا القرار، جرى الاحتفال الرسمي بيوبيل المدرسة.
في 7 ديسمبر عام 2010، تم الاحتفال الرسمي على مستوى الدولة بمرور الذكرى الثمانين بعد المائة للمدرسة الثانوية الحضرية رقم 1 في شوشا، وذلك بناءً على مرسوم رئيس جمهورية أذربيجان إلهام علييف.
بعد 6 شهور من تحرير مدينة شوشا من المحتلين في 8 نوفمبر عام 2020، وقّع رئيس أذربيجان إلهام علييف على مرسوم يستهدف تصميم وبناء مدرسة ثانوية كاملة تتسع لِ 960 مقعداً للتلاميذ، وتم وضع الأساس لمدرسة التعليم العام رقم 1 في مدينة شوشا مع انقضاء 4 أيام. وهكذا، سوف تواصل مدرسة مدينة شوشا البالغة من العمر 192 عاماً؛ لكونها أول مؤسسة للتعليم العلماني في القوقاز”؛ عملها قريباً، محتضِنة مجدداً هيئتها المحبوبة في أرضها الأم، وسوف تسهم مساهمة قيّمة في تنمية التعليم في أذربيجان.

 

باناه علي خان جافانشير (1693-1763)                                        
مؤسِّس خانية قره باغ، قائد، ينحدر من سلالة جافانشيرلار               
وهي إحدى القبائل القديمة في منطقة قره باغ الأذربيجانية                

خورشيد بانو ناتافان (1832-1897)

شاعرة أذربيجانية، صاحبة الأعمال الخيرية،

متبرعة، شخصية اجتماعية

عزير حاجي بايلي (1885-1948)                                         
مؤسّس فن الموسيقا الاحترافية ومدرسة الأوبرا الوطنية،          
معلّم، إعلامي وشخصية اجتماعية – سياسية                       

بلبل (مرتضى مَمَّادوف) (1897-1961)

مؤسس فن الغناء الاحترافي في أذربيجان،

مغني الأوبرا، باحث في الفولكلور الموسيقي

مبنى مدرسة شوشا الموسيقية الذي يُعتبر معلماً معمارياً           
أُنشئ في القرن التاسع عشر بعد تدميره                               

 

مبنى مدرسة ريالني الذي حطَّمه الاحتلال،

وهو أثر معماري بُني في القرن التاسع عشر

شاهد أيضاً

(فيديو) السفير الإسباني يفتتح دوري بمناسبة يوم المرأة

عروبة الإخباري – نظم مكتب التعاون الإسباني التابع للسفارة الإسبانية في الأردن، الخميس، نشاطا بمناسبة …