عروبة الإخباري – صدر عن دار الشروق، عمان، رام الله، كتاب بعنوان “اتجاهات نظرية حديثة في الإرشاد النفسي”، للمؤلفين د. مراد كاسب البوات، مؤيد إبراهيم المغاصبه.
في مقدمة الكتاب يقول المؤلفان إن النظرية الإرشادية تعبر عن أصالة علم النفس الإرشادي، والدور الذي يلعبه هذا العلم في خدمة البشرية، خاصة وأن الإرشاد النفسي بكافة فروعه جاء مطابقاً لما تطمح إليه تلك النظريات في المجال التطبيقي.
فنظريات الإرشاد والعلاج النفسي تتعدد في الوقت الحالي تعدداً كبيراً حتى أنه يوجد ما يزيد على 250 نظرية، وهذا جعل رئيس الجمعية الأمريكية لعلم النفس يقول: “إن النظريات في مجال الإرشاد والعلاج النفسي قد أصبحت أشبه بغابة متلاطمة الأشجار ولكن في الواقع لا يزيد عدد هذه النظريات العملية والممارسة حالياً عن 25 نظرية أو نموذجاً نظرياً.
ويبينون أنهم لاحظوا شحاً في كتب النظريات الإرشادية، ووجدنا من الضروري أن تكون تلك النظريات في كتاب مستقل، يفسح المجال للطالب المختص في الإرشاد التربوي ولطلبة كليات التربية، وللعاملين في حقول التربية وعلم النفس والإرشاد، ولكل مهتم بالنظريات الإرشادية، ولمن أراد التوسع في هذا المجال.
ويقولان إنه لم يكن اختيار مجموعة من النظريات ليشملها مرجع عربي بالأمر السهل، فالأمر عند الحديث عن النظريات الغربية لا يقف عند حدود التعرف على بنية النظرية أو تطبيقاتها أو جوانب القوة وجوانب الضعف فيها، وإنما تدخل في عملية الاختيار اعتبارات أخرى، وبذلك فإن المؤلفين قد حاولا أن يشتمل هذا الكتاب على تلك النظريات بحيث تمثل أغلب التوجهات الراهنة في هذا الميدان.
ويشيران في مدخل الكتاب إلى أن النظرية في الإرشاد النفسي تعد بمثابة إطار عام، وأسلوب يعين المرشد النفسي في التعامل مع المشكلات التي يواجهها المسترشد، فهي توضح للمرشد السبب والنتيجة، وأغلب النظريات في الإرشاد النفسي تخضع لنظرية التحليل النفسي على أنها هي التي فتحت الباب على مصرعيه للبحث العلمي بغض النظر على ما فيها من عيوب وسلبيات، وفي نظريات الإرشاد النفسي وعلم النفس بشكل عام تتفق جميع نظريات الإرشاد على وجوب التسليم بتغيير سلوك الفرد إلى نحو أفضل، وتسعى نظريات الإرشاد النفسي إلى تفسير السلوك المضطرب، على حسب ما يراه أصحاب أو صاحب النظرية من فلسفة ووجهة نظر.
ويشرح المؤلفان أهداف الإرشاد وهو كما يقولان “تحقيق الذات: Self -actualization”، فلا شك أن الهدف الرئيس للإرشاد هو العمل مع الفرد لتحقيق الذات والعمل مع الفرد يقصد به العمل معه حسب حالته سواء أكان عادياً أم متفوقاً أم ضعيف العقل أم متأخراً دراسياً أم متفوّقاً أو جانحاً، ومساعدته في تحقيق ذاته إلى درجة يستطيع فيها أن ينظر إلى نفسه فيرضى عما ينظر إليه.
كذلك يهدف الإرشاد النفسي إلى نمو مفهوم إيجابي للذات، والذات هي كينونة الفرد وحجر الزاوية في شخصيته، ومفهوم الذات الموجب “positive self – concept” يعبّر عن تطابق مفهوم الذات الواقعي “أي المفهوم المدرك للذات الواقعية كما يعبّر عنه الشخص”، مع مفهوم الذات المثالي “أي المفهوم المدرك للذات المثالية كما يعبّر عنه الشخص”.
ومفهوم الذات الموجب عكس مفهوم الذات السالب الذي يعبر عنه عدم تطابق مفهوم الذات الواقعي ومفهوم الذات المثالي، وهناك هدف بعيد المدى للإرشاد وهو توجيه الذات self –guidance أي قدرة الفرد على توجيه حياته بنفسه بذكاء وبصيرة وكفاية في حدود المعايير الاجتماعية، وتحديد أهداف للحياة وفلسفة واقعية لتحقيق هذه الأهداف، وقدرة الفرد على التغلب على المشكلات والعقبات التي تواجهه حتى يستمر في نمو ذاته وتوجيهها الوجهه الصحيحة.