1-الطاقة
أبدى العدد الأكبر من النواب في جلسة الرد على بيان الحكومة اهتماما كبيراً بمواضيع رئيسية ثلاثة وهي: الطاقة والمخدرات والأوضاع المعيشية للمواطنين. ففي مجال الطاقة كان التوجه العام يتمثل بضرورة الدخول في بدائل للطاقة باستعمالاتها المختلفة بدلاً من الانسياق المتسرع و غير المبرر وطنيا و إقتصاديا وراء الغاز الإسرائيلي. و أكد العديد من المتحدثين أن هناك مصادر عديدة لم تقترب الحكومة منها بجدية كما تفعل الدول الأخرى. وفي عين الوقت فإن اهتمام الحكومة بتطوير حقول الغاز في الريشة تراجع بشكل ملفت للنظر بعد سلسلة من المشاهد الغامضة، تراوحت بين إعلان وزير الطاقة عام 2012 بأن الأردن سيكون مصدرا للغاز عام 2020 ،و بين الإنسحاب المفاجىء لشركة بريتش بتروليوم عام 2014 ، ليتبعها بعد بضعة أشهر توقيع رسالة النوايا لاستيراد الغاز من اسرائيل.
و أكد المتحدثون أن ميناء الغاز السائل يكفي احتياجات الأردن بل ويزيد إلى حد التصدير، خاصة وأن الحكومة متعاقدة مع شركة شل لشراء الغاز السائل من الأسواق العالمية ،والذي هوأكثر أمنا و أوثق ضماتا وأقل كلفة من الغاز الإسرائيلي حين تحسب كافة التكاليف الإقتصادية واللوجستية و الأمنية . و “الإسرائيلي” غاز مستولى عليه و يتدثر باتفاقية سرية لا يعلم أحد تفاصيلها ،بكل ما تعنيه السرية من أضرار و مخالفة صريحة للدستور . إضافة إلى أن التقدم في تجارة ونقل الغاز المسال والتقدم في تكنولوجيا الصخر الزيتي كما تبين في مؤتمر الصخر الزيتي الذي انعقد الأسبوع الماضي في البحر الميت يلغيان كل حجة لاستيراد الغاز من اسرائيل. ولا زالت الحكومة تتلكأ في تسهيل استثمارالصخر الزيتي ،وتدير ظهرها للشركات المستثمرة مما يعقد أمر التمويل، في حين سارعت إلى عقد الاتفاق مع الشركة الأمريكية ( الإسرائيلية) حتى تيسر حصولها على تمويل من البنوك. . وبالتالي دعا النواب بدون استثناء إلى عدم السير في اتفاقية الغاز مع اسرائيل من خلال شركة نوبل انيرجي . هل تعني كلمات النواب شيئاً للحكومة ؟ أم أن الثقة هي المطلوبة ،وما عدا ذلك ليس له أهمية. هل تأخذ مواقف النواب على انها تعبير عن موقف شعبي ،و هي كذلك، أم أنها ستستمر في الموضوع وتستورد الغاز، ليصبح واحد من مفاصل الطاقة مرهوناً بالرضا الإسرائيلي؟
2-المخدرات
أما الموضوع الثاني فهو المخدرات ،والتي أصبحت آفة اجتماعية خطيرة، قد تبدو بالنسبة للأمن وإدارة مكافحة المخدرات ليست بالخطورة الشديدة، ولكن خطاب النواب كان تعبيرا صحيحا عن الحقيقة الاجتماعية التي ترى حالة المخدرات اليوم بداية لحريق كبير يقترب من الغابة، خاصة في الظروف التي تمر بها المنطقة، ووجود عشرات الآلاف من الشباب المحبطين و العاطلين عن العمل،و مئات الآلاف من الوافدين، وانهيار دول مجاورة. والمطلوب من النواب والحكومة على حد سواء الوصول إلى “كتاب أبيض” أو “الوثيقة الوطنية لمجابهة المخدرات” تقوم على التوافق الرسمي والشعبي على محاربة هذا الخطر و “الإلتزام بقواعد سلوك معينة لدى الفئات ذوي العلاقة و ضبط الاجراءات” وفي مقدمتها التغليظ الشديد لعقوبة الإتجار لتصبح رادعة للمروجين وتجار المخدرات . إن تشديد العقوبة بشكل ضئيل و متدرج (5 سنوات بدل 3سنوات) لن يغير شيئا .المطلوب أن تكون عقوبة التجارة والترويج تقترب من المؤبد والإعدام دون الحق بالتكفيل والتأجيل والترحيل ،وغير ذلك من الثغرات القانونية التي ينفذ منها المروجون .المطلوب عقوبات جازرة قاطعة إضافة إلى حملة توعية مكثفة في هذا الإتجاه لا تعتمد على الإعلان و التوجيه بل على ثقافة عميقة .هذا بالإضافة إلى الإهتمام بالشباب تربية و تشغيلا و انخراطا في العمل المجتمعي.
3-الأوضاع المعيشية
أما الموضوع الثالث، وهو مصدر قلق المواطنين جميعاً، فهو الفقر والبطالة وبطء النمو الإقتصادي، وعدم التحرك الجاد نحو حل أي مشكلة اقتصادية ،ابتداء من شركات كبرى متعثرة مثل الملكية والفوسفات وغيرها من الشركات، ومروراً بآلاف المصانع على وشك الإغلاق، وانتهاء بالمشاريع الصغيرة الفردية التي تموت بعد أشهر من انطلاقها، نتيجة للمنافسة غير العادلة من السلع التي يتم استيرادها من كل بقاع العالم. أين تنمية المحافظات؟ أين المشاريع الانتاجية في القرى والأرياف؟لماذا عمان أغلى عاصمة عربية ؟ ما السبب ؟ لا أحد يدري، ولم تحاول “الإدارات الرسمية” الإجابة على هذه الأسئلة ،رغم الكتابة فيها والحديث عنها وتداولها على شتى المستويات لسنوات . إن امكانات البلاد كثيرة، ولكن إدارتها و توظيفها و استثمارها هو الذي يحيط به الضعف والفوضى وعدم الاكتراث . نحن في الاتفاقيات الدولية في غاية النشاط ،أما في العمل الداخلي فهو مجرد تسيير أعمال. فالدبلوماسي له الأفضلية عندنا عن الإقتصادي التنموي.
هل تتوقع الحكومة أن ينتعش الإقتصاد وتتولد فرص العمل ونحن نستورد كل شيء ؟ هل تتوقع الحكومة أن يتراجع الفقر والبطالة دون مشاريع انتاجية عاجلة و متوسطة تعطى الحماية والرعاية الكافية في الأرياف والبوادي؟. هل تتوقع الحكومة أن تنجح المشاريع الريادية الصغيرة والفوائد المترتبة على تمويلها تتعدى 10% وقد تصل إلى 15%؟ والسلع الأجنبية على أنواعها تنافسها بكل شيء ؟. هل تتوقع الحكومة أن يتحرك المستثمرون الوطنيون والعرب والأجانب نحو الاستثمار الإنتاجي في حين لا يزال الجهاز الرسمي يتعامل مع المواطن بفوقية واستعلاء، وليس لديه أدنى احساس بقيمة الوقت المهدور الذي يمثل كلفة و فرصا ضائعة على الوطن و المواطن ؟ ناهيك عن التعقيدات الإدراية التي يضعها صغار المواطنين ولا يعلم بها رؤساؤهم أو مدراؤهم أو وزراؤهم . حصلت الحكومة على الثقة بأغلبية مريحة ،و هذا بداية الطريق الشاق نحو العمل و التعامل مع المستقبل و التغيير.