موسميا ..ينشغل اعلاميون واقتصاديون وعامة المواطنين بالموازنة العامة للدولة للعام المقبل، وبالفطرة تطرح اسئلة في الصميم..اولها هل سترفع الحكومة الكهرباء والمياه، وهل سترفع الدعم عن الخبز، وماذا ستعمل المالية حيال العجز، والى اي مستوى سيبلغ الدين العام؟…ويأتيك سؤال كيف يمكن للحكومة ان تتخلص من عجز الموازنة؟، وهذه الاسئلة مهمة ومشروعة..يمكن الاجابة عليها بكلمات قصيرة ..مفادها ان على الحكومة ان تخفض النفقات بحيث تغطي الايرادات المحلية للنفقات الجارية، وبعد ذلك الامور الاخرى تتدبر.
عجز الموازنة يتحول الى ديون جديدة، وهذه الديون هي ضرائب جديدة وان كانت مؤجلة، وفي حالة الاردن يتم استيراد نحو ثلثي الاحتياجات السلعية وربما اكثر، وهذا يعني السماح للاستهلاك ان يتجاوز كل الحدود، ويجتاح اسواقنا الداني والقاصي بسلع ضرورية وغير ضرورية وكمالية، استناد الى (النزاهة والتزام) الحكومات بالاتفاقيات التجارية الاقليمية والثنائية والعالمية في مقدمتها اتفاقية التجارة العالمية ( WTO )، التي الحقت اضرارا بالغة بالصناعات والزراعة والقطاعات الاقتصادية الاردنية، ووضعت الاقتصاد الوطنى امام مواجهة استحقاقات كان في غنى عنها.
وبالعودة الى الموازنة العامة للدولة (والتي تشمل موازنات المؤسسات المستقلة) فأن حجم موازنة الدولة يبلغ 10 مليارات دينار، وهذا يشكل نسبة 40% الى الناتج المحلي، وهو وضع شاذ بكافة المعايير، وان قصائد المديح التي تدبجها بعثات صندوق النقد الدولي للمالية الاردنية هي بمثابة ذر الرماد في عيون الحقيقة، وان البديل المنطقي وضع خطة واضحة ومربوطة بفترة زمنية لاتتعدي ثلاث سنوات للتخلص من المؤسسات المستقلة غير الضرورية، وتخفيض حجم النفقات العامة الى مستويات امنة بحيث لاتتجاوز النفقات الجارية للايرادات المحلية بأي شكل من الاشكال.
اما الدين العام وهو الخطر المالي الاكبر على حاضر ومستقبل الاردن يتم التعامل معه بضبابية مخجلة، فأرقام المديونية غير معروفة ..تارة 20 مليار دينار وتارة ثانية 22 مليار وتارة ثالثة تتجاوز 24.5 مليار دينار، وربما هناك رقم رابع اذا اضفنا مديونية الحكومة لمصفاة البترول، وفواتير المياه والكهرباء غير المسددة من قبل الوزارات والمؤسسات العامة، الى عجز الجامعات الرسمية، وفواتير الادوية للمستشفيات، اي اننا اما نمط من المسؤولين يلعبون في ارقام المديونية كما يقال ( اللعب بالبيضة والحجر).
المواطنون في موقع المتلقي والحكومات من يضع السياسات والبرامج في كافة مناحي حياتنا، وان الفشل الذريع المتفاقم منذ اكثر من ثلاث سنوات ونيف تتحمله الحكومة، اما تحميل هذا الاخفاق لمتغيرات الاقليمية والعالمية هو هروب الى الامام وتنصل من المسؤولية، وهذا لاينطلي على أحد في عالم يقدم المعلومات وملايين المدونات في دقائق…ما نحن فيه مروع يستدعي المعالجة…الاخفاق واضح ومعلن والحلول العلاجية ممكنة وتحتاج الى ارادة، وهذا ما نحن بحاجة اليه في هذه الايام.
خالد الزبيدي/الحكومات مسؤولة عن التردي المالي
25
المقالة السابقة