عروبة الاخباري – خاص – كتب سلطان الحطاب – العقبة – عانت الملكية الاردنية اوضاعا صعبة ومازالت وهاهي قد تخطت الخمسين من عمرها وتجربتها لتكون مدرسة في الادارة والدور والصورة لم تكن الطريق ولا الفضاء سالكا فقد واجهت تحديات عديدة ظلت تتغلب عليها من خلال ارادة الاردنيين ودعم قيادتهم لها منذ ان ولدت فكرة واسميت ” بعالية” لقد جاءت فكرة الملكية حين لم يكن الاّ مطار قلنديا في الضفة الغربية ومطار ماركا هنا ولم يكن لدينا شركة محلية او ناقل وطني وشان الغراس الطيبة التي زرع معظمها في عهد الحسين الباني الراحل كالتلفزيون الاردني والجامعة الاردنية ومدينة الحسين الطبية ومدينة الحسين للشباب والملكية الاردنية وغيرها من الروافع التي مازالت تشكل تكوينات اجتماعية واقتصادية ..
صمدت الملكية الاردنية ومازالت تصمد وسيظل لها من ابناء الوطن من يسخرون امكانياتهم المتميزة لخدمتها والدفاع عن رسالتها ..
فقد كانت الذراع الاول للسياحة حين لم يكن للسياحة الاردنية اذرعا او مسوقين وظلت تلعب دور تنشيط السياحة والنهوض بها كما ظلت سفير الاردن الى كل المطارات والبلدان التي كانت تصلها فهي الحبل السري الذي كان يربط الاردن بالعالم اذ ان الاردن ليس بلدا بحريا ولا يتواصل مع العالم في منافذ كافية تخصه..
مرّ على الملكية ايام طيبة واخرى صعبة وسنوات سمان واخرى عجاف وكانت مهددة بالفعل قبل الخصخصة وحتى بعدها نتاج ارتفاع اسعار الوقود والخدمات ولم تدرك بعض الجهات الرسمية اهمية الناقل الوطني ودوره وقيمته والفراغ الذي لا يستطيع ان يعبئه غيره من شركات غير وطنية ولذا قامت اجتهادات مختلفة ومتباينة ولكن الامر كان يحسم دائما لصالح الملكية والاقتصاد الوطني ومدى تاثيرها على المجتمع ..
واكبتُ سنوات طوال من مسيرة الملكية وقد كنت مهتما بالمتابعة وخاصة في سنوات الارهاق الصعبة التي ظلت الملكية فيها تحافظ على ميزتها من السلامة وحسن الخدمات والاحتفاظ بملامح الغنى رغم العوز فقد كان اسمها يكلفها شكلا من الكبرياء والبرستيج ظلت تحافظ عليه وتحرص على بقائه..
ما جعلني اكتب عن الملكية مجددا وقد كتب عنها الكثير وخاصة في عيدها الذهبي هو ما آلت اليه من حاجة الى اتخاذ قرارات حاسمة بخصوص دعمها وتمكينها وان تبقى حيث يحب الاردنيون ان تكون ذراعهم وعلامة مميزة في هوية انجازاتهم يعتزون بها ..
نافست الملكية شركات اكبر منها واغنى من دول غنية ومقتدرة ولديها في دعم شركاتها الكثير ولكنها ظلت تحافظ على مستواها..
اليوم والملكية مازالت راسخة الجذور فان المطلوب هو اعادة انتاج اوضاعها وتقليم الشجرة لزيادة انتاجها وحتى تواصل اقلاعها ابعد..
امس كنت استمع لكلام جاد وعميق وموضوعي عن الملكية .. عن الشرفة الجديدة في بيت الملكية الاردنية وهي طائرة الاحلام بوينغ ( 787) التي الحقت بالملكية وعن التفاؤل والامل من هذا العنوان حيث يعتبر ادخال هذه الطائرة واخريات قادمات قبولا للتحدي ومؤشرا على ان الناقل الوطني الاردني مستمر في رسالته ودوره وتميزه..
كنت استمع للرئيس التنفيذي الجديد للملكية الاردنية الذي لم اكن اعرفه من قبل ولكننا التقيناه من خلال دعوة وجهها للصحفيين ومدراء مكاتب سياحية وشخصيات اخرى على متن الطائرة المدهشة التي يجري الترويج لها وقد توجهت الى العقبة بعد تحليق في سماء عمان على ارتفاعات متدنية مكنتنا من التقاط صور جميلة لتفاصيل العاصمة وقد شمل التحليق مدينة مادبا وخط سير الملكية الى العقبة..
الطائرة 787 دريم لاينر واحدة من خمس طائرات انضمت الى اسطول الملكية هذا العام 2014 وهذه الاضافة النوعية تشكل منعطفا جديدا وعمليا بعيدا عن التطير والوعود والتسويف..
ولان الرئيس التنفيذي المدير العام للملكية قادم من خبرة طويلة في الطيران فهو كابتن ومن الادارة فهو مؤسس كثير من شركات الطيران العربية وواحد من ابرز المستشارين في العديد منها.. ولانه من اهل مكة الذين هم ادرى بشعابها وممن يعرفون الطيران ادارة وتحليقا وممن يحسون بمكابدة الطيارين والعاملين في الخدمات والمطارات فانه يستعمل لغة سهلة ومفهومة حين يتحدث فهو لا يكتشف الدولاب ولا يعرف بنظريات معقدة وان كان خطابه التعريفي فينا قد جاء بلغة واضحة ومتماسكة وفصحى وجريئة لا تعوزها الدقة ولم يصبها اللحن الذين ظل يصيب لغة الكثير ممن يتولون مواقع متقدمة..
تحدث الكابتن هيثم مستو .. عن تفاؤله.. عن ميزات الطائرة التي قدمها وعن اهميتها وعن التوفير الذي يحققه شكلها وانسيابها وصناعتها وعن المنافسة التي ستشكلها وعن الاقدام على شراء كثير من الدول اعدادا منها وعن الخصائص والميزات التي تنفرد بها وعن الاضافة الاقتصادية التي ستتشكل من دخولها الى الملكية ..
كنت جالست مدير عام الملكية لساعات اثناء الرحلة وفي اكثر من مكان وكنت مهتما ان يضيء لي جوانب اخرى عن دور الملكية في دعم السياحة وعن دورها في اعادة صناعة جسم سياحي اردني من موقع المبادر الذي يقدم المبادرات للاطراف الاخرى المكونة للخدمات السياحية كنت استمع لمداخلات اصحاب شركات السياحة ولمداخلة مهمة من مدير عام فندق الانتركونتننتال في العقبة عن ضرورة الشراكة بين الناقل الوطني وبين الفنادق والمنشآت السياحية وان يقوم جسم متكامل واطار يستطيع الزائر او السائح او المواطن ان يجد في هذا التكوين الجديد ما يمكنه من الحصول على خدمات افضل واسعار ارخص..
المدير العام الجديد يدرك حجم التحديات والمخاطر ويدرك الابعاد السياسية والاجتماعية كما يدرك كلفة ان يكون الناقل الوطني في خدمة اهداف الدولة وليس فقط تحقيق الهدف الربحي وخيارات المساهمين وان بدا ذلك مهما جدا .. ولذا فان حديثنا تشعب لابعاد الادامة والتطوير والتحسين وسد الثغرات واعادة بناء الملكية سواء بالهيكلة وزيادة راس المال واستقطاب كل ما يجعلها تتطور وتحافظ على تميزها.. وكيف يمكنها المحافظة على كوادرها الفنية وسط منافسة اقليمية واغراءات بالرواتب جعل مهمة الملكية ان تدرب وتربي في حين يقطف الاخرون وتصبح الملكية طاردة بدل ان تكون جاذبة وهذا تحد كبير كان لابد من الرد على اسئلته..
كان السبت الماضي يوما جميلا مميزا من ايام الملكية حين رافقت طائرات الصقر الملكي الاستعراضية الرحلة قبل نزولها وحين أُستقبلت الطائرة برشها بالماء وبالفرقة الغنائية الجميلة فرقة العقبة التي شدت باغاني وطنية توجت بها اغانيها وهتفت للملك عبدالله الثاني الذي يكابد الدفاع عن الاردن والحفاظ على استقراره في منطقة الحرائق المستمرة في اوطاننا..
كانت الرحلة منوعة برية وجوية وبحرية حيث ركبنا البحر مع شركة السندباد التي انجزت الكثير وقدمت خدمات مجانية ان نقلت الصحفيين الى عرض البحر بمرافقة الادارة التي حرصت على عكس قدرات اردنية مميزة كناقل سياحي الى طابا ومنشط حقيقي للسياحة الاردنية وفي العقبة تحديدا من خلال مرسى ومنتجع خاص لهذه الشركة يشكل معلما سياحيا بارزا ..
تسويق طائرة الاحلام بوينغ 787 اردنيا هو المقدمة لان ذلك يسلط النظر على الملكية ويقدمها من خلال هذه الفاترينا الجميلة. بالعمل والاضافة وليس الوعود والادعاء.. فالملكية التي تعمل باكثر من مليار دولار سنويا لا يجوز ان يبقى راس مالها في حدود 80 مليون في حين تعاني اوضاعا قد تحلها زيادة راس المال والاكتتاب ومساعدة الحكومات الاردنية في تمكين الملكية من الحصول على معاملة متميزة او مفضلة داخل الاردن ازاء كثير من الخدمات وحتى الوقود كما تحصل الشركات العالمية للطيران في دولها وخاصة الطيران التركي الذي يتوسع بفضل دعم حكومته باعتباره قطاعا عاما في حين لا تاخذ الملكية دينارا عن طريق التخفيض لاي شيء سواء في الوقود او الصيانة او المناولة او المشاريع او الدعم او الضرائب او غير ذلك..
ولانني متابع فقد كنت ادرك حجم معاناة من سبقوا وخدموا الملكية على مستويات مختلفة بوتائر مختلفة واقر للكثير منهم انهم عملوا وكافحوا لاخر لحظة وان تاخر الترياق الحكومي الذي ظل دائما سببا في وهن الملكية ومحاولة منعها عن مواصلة السباق بشروطها..
اليوم ياتي الى الملكية من بين ابنائها وكريرها شاب طيار متحمس واع يدرك حجم المخاطر والتحديات ويمتلك طاقة من التفاؤل وارادة من العمل والقرارات واعتقد ان عليه ان يواصل فالملك يعرف اهمية الناقل الوطني ودوره وقيمته والموروث الذي يعنيه كما يعرف من ساهموا وشاركوا من الاردنيين والعرب واعتقد ان بنية الملكية قوية وانه تتوفر لها الان ارادة جيدة وقيادة واعية تواصل ما كان انجزه السابقون الذين لم يقصروا ولكنهم صبروا ..
ندعو للادارة الجديدة بالتوفيق ولهذا الشاب هيثم مستو من ان يحافظ على تفائله وان يتمكن من افراغ علمه ومعرفته وخبرته وان ياخذ بيده الملكية شركة وقوى بشرية وعاملة نحو الاستقرار وبر الامان والانجاز والتطور فالاردنيون المميزون لا تعوزهم الارادة ولكن الادارة التي تمكن كل جهة من ان تبدع بعيدا عن ما نعرفه من محبطات والله من وراء القصد .