عروبة الإخباري – نشرت صحيفة هارتس العبرية اليوم الاثنين تفاصيل تبيض اموال و نشاط حماس المالي و سعيها لتشكيل تبيين مسار تحويل المال بين غزة وبنك الصين باستعمال أسماء شيفرية مختلقة وتبديل بطاقات السيم لمنع التنصت واستعمال عرب اسرائيليين ومواطنين اجانب).
تم الكشف مؤخرا عن استعمال حماس والجهاد الاسلامي الواسع لحسابات بنكية في الصين لتمويل ارهاب، في نطاق دعوى قضائية رُفعت في نيويورك. وتبين في الدعوى القضائية التي رفعتها عائلة امريكية قُتل ابنها في عملية تفجيرية في تل ابيب في نيسان 2006، تحويل ملايين الدولارات الذي استمر حتى منتصف العقد الماضي. لكن في حين أخذت اسرائيل تتورط بين ضغوط امريكية وصينية تتعلق بشهادة مسؤول رفيع المستوى سابق في جهاز الامن هو عوزي شعياه في الدعوى القضائية تكشف وثائق لجهاز الامن العام عن أن نشاط حماس في الصين استمر سنين بعد ذلك ايضا، حتى 2012 على الأقل.
تم التحقيق في القضية في “الشباك” في شباط – آذار 2012، وكُشف عن شبكة تحويل اموال محظورة من الصين. وفي وقت التحقيق استولى “الشباك” على وثائق كثيرة تدل على تحويل الاموال وعلى قائمة الحسابات التي حُول المال إليها. ولا يمكن أن نعلم من وثائق التحقيق ما هي العمليات التي تمت في جهاز الامن الاسرائيلي لتعقب المال بعد أن تم تحويله من الصين.
كان المحور المركزي في التحقيق صرافا اسمه عمار مرعي من قرية برطعة في الضفة الغربية. إن مرعي، وهو في الاربعينيات من عمره، عمل في تحويل اموال من عمال غزيين الى أبناء عائلاتهم لكنه كف عن ذلك على أثر ضغط من السلطة الفلسطينية التي ضيّقت عليه ليقطع الصلة بالقطاع.
في كانون الاول 2011 حول رجل الصلة بمرعي الغزي تفاصيله الى شخص آخر وهو من سكان غزة ايضا يكنى “أبو عثمان”، وشهد مرعي في الشرطة بعد اعتقاله بأنه افترض أن الحديث عن رجل من حماس.
كانت الطريقة تجري كالتالي: كان المال يُحول الى مرعي بواسطة محمد اغبارية من سكان قرية مصمص في وادي عارة، الذي كان يصاحبه إبن خاله محمد أبو شهاب الذي كان يعمل سائقا له. وكان الاثنان يتلقيان رسالة نصية من أبو عثمان، وفيها رقم هاتف مُشفر لمهاجر من اريتيريا. وبعد ذلك كان اغبارية يأتي الى منطقة المحطة المركزية في تل ابيب حيث يأخذ المال النقد من المهاجر الافريقي وينقله الى مرعي الذي كان يودعه في فرع بنك فلسطين في قرية يعبد في شمال السامرة. وبعد ذلك كان مرعي يتلقى رسالة الكترونية من أبو عثمان فيها إرشاد الى أين يُحول المال.
كانت أكثر الأهداف لحسابات بنك في الصين وأقلها في الهند وتركيا والولايات المتحدة. وبعد التحويل كان يعيد الى أبو عثمان سند تحويل مصورا. وكان مرعي الى ذلك ايضا يحول بعض المال النقد الى نشطاء حماس في الضفة تعويضا عن مكوثهم في السجن. وعلى أثر معلومة استخبارية وصلت الى “الشباك” احتُجز مرعي عند حاجز ريحان في شباط 2012 وفي حوزته 126 ألف دولار و80 ألف شيكل نقدا.
مال نقد للعائلات
إن مسار المال المعوج أثار علامات سؤال. فقد سأل “الشباك” مرعي في التحقيق معه لماذا في رأيه اجتهد أبو عثمان في دفع نسب وساطة للاريتيري والوسيطين من مصمص وله هو نفسه ايضا. وأجاب بأن الامر لم يبدُ له منطقيا حقا وأنه ظن أن الحديث عن اعمال غير قانونية. وقال إن السلوك المتعلق بالمال واستعمال الرسائل النصية “لم تنبعث عنه رائحة طيبة”. وزعم مع ذلك أنه سأل أبو عثمان مباشرة هل الحديث عن اموال لحماس، لكن أُجيب بـ لا.
تم في الحاصل العام 40 تحويلا لاموال بلغ مقدارها في الحاصل 1.1 مليون دولار أكثرها لحسابات أُديرت في بنك الصين. وكانت طائفة من الشركات التي كانت هدفا للاموال مصانع منتوجات مختلفة في الصين. وينبغي أن نذكر أنه تبين في قضية البنك الصيني أن اموالا من ايران كانت تحول الى الصين حيث كانت تُبيض بشراء منتوجات كانت تُنقل الى غزة. وكانت أرباح المبيعات تحول الى الارهاب. كان أحد تحويلات مرعي الى شركة بروك سايد أغرا التي تعمل في الينوي في الولايات المتحدة وتبيع أسمدة زراعية يمكن اعداد مواد متفجرة منها. وتبين في التحقيق ايضا أن أبو عثمان سأل مرعي في احدى المكالمات الهاتفية بينهما هل يستطيع أن يحصل على اموال موجودة له في السودان. وتوجه مرعي الى عدد من الصرافين والى بنك فلسطين ايضا، لكنه لم يجد أحدا له صلة بتلك الدولة.
فضلا عن التحويلات الى خارج البلاد حُول مال نقد ايضا الى أناس في الضفة. فقد تحدث مرعي في التحقيق معه عن أنه تلقى قبل بضعة ايام من اعتقاله رسالة قصيرة من أبو عثمان فيها أسماء ثلاث نساء ومبالغ مالية عليه أن يحولها إليهن بين 3000 – 3500 دولار لكل واحدة. وكان المال يُستعمل لدعم عائلات سجناء حماس الذين يمكثون في السجون الاسرائيلية. وحول اغبارية وأبو شهاب اموالا اخرى. فعلى سبيل المثال شهد سجين حماس ايضا أبو داود الذي نفذ اربع عمليات اطلاق نار في محافظة الخليل واعتقل في 2002 بأنه حصل منهم على 38 ألف دولار تعويضا عن مكوثه في السجن الاسرائيلي.
الطمس على مصدر المال
في نيسان الاخير أُدين مرعي في المحكمة العسكرية في السامرة بجنايات تنفيذ خدمة لاتحاد غير مسموح به. وزعم مرعي في المحاكمة أن تحويلات الاموال الى الصين قانونية وأن الحديث عن اعمال لا عن ارهاب. وقضى الحاكم أنه بسبب شهادة السرية التي استُصدرت في القضية لا يمكن أن نجزم بصورة قاطعة أن كل التحويلات غير قانونية وأنه قد يكون أبو عثمان قد استخدم مرعي لتحويلات قانونية وتحويلات غير قانونية ايضا.
ومع ذلك قضى القاضي بأن “علامات سؤال كثيرة أثارتها صورة سلوك أبو عثمان… فطريقة تحويل الاموال الى المتهم تدل على عدم حِلّ الاموال وقانونيتها. وإن التحويل الذي تم في الأكثر بطرق خداع باستعمال أسماء شيفرية مختلقة، والتبديل الدائم لبطاقات السيم في الهواتف المحمولة لمنع التنصت والكشف عن الامر وبمساعدة مواطنين اسرائيليين كانت ترمي الى الطمس على آثار عدم قانونية تحويل الاموال”. وفي آب الاخير حُكم على مرعي بالسجن 28 شهرا وبغرامة 70 ألف شيكل.
أُدين ساكنا مصمص بصفقات قضائية، فقد حُكم على اغبارية بالسجن ثلاث سنوات وعلى أبو شهاب بـ 16 شهرا. وقال موكل أبو شهاب المحامي يحيى دهامشة لصحيفة “هآرتس” إنه “ربما وُجد طريق تحويل اموال الى الصين لكن زعم أن كل المال الذي حول الى الصين هو مال ارهاب داحض في رأيي. وفي حالة موكلي اعترف فقط بأنه حول مالا الى اشخاص أفراد في الضفة، وكان السائق في الحاصل. ورجعت النيابة العامة عن دعوى أن المال الى الصين هو مال ارهاب”.
الحرب الاقتصادية
تشهد محاكمة الصراف مرعي على أن نشاط حماس المالي في الصين قد استمر سنين كثيرة بعد قضية بنك الصين. وجاءت تقارير في السنوات الاخيرة ايضا عن حضور معزز لرجال حماس في تركيا وبخاصة بعد أن أخلوا قيادة المنظمة من دمشق. إن حماس تستعمل شبكات متشعبة من الصرافين والتحويلات المصرفية بغرض الالتفاف على القيود التي فرضتها اسرائيل والولايات المتحدة على النشاط المصرفي في محاولتهما جعل نقل اموال الارهاب الى قطاع غزة والضفة الغربية، صعبا.
أصبح يعمل في جهاز الامن في اسرائيل منذ أكثر من عشر سنوات فريق خاص يقوم بحرب اقتصادية للمنظمات الارهابية. ويقود الفريق النشاط الاستخباري والقضائي والاقتصادي المشترك مع دول اخرى في الغرب لمضاءلة تحويل الاموال الى المنظمات الارهابية. وقد سُجلت الى اليوم نجاحات لا يستهان بها في هذا الجهاز شملت تجميد حسابات مصرفية تبلغ عشرات ملايين الدولارات.
– المصدر: حاييم لفنسون و عاموس هرئيل / صحيفة هارتس العبرية