يواجه الاقتصاد الاردني تحديات كبيرة تشكل مجتمعة ازمة حقيقية وتضم ارتفاع العجز التجاري المزمن والمتفاقم، وارتفاع البطالة التي بلغت حسب احدث ارقام صدرت عن الاحصاءات العامة 12.8%، وفقر متغلغل ومتراكم تقدر نسبته 14%، ودين عام ( داخلي وخارجي ) يتجاوز 25 مليار دولار، وعجز موازنة حسب ارقام موازنة الدولة للعام 2013 نحو 1.27 مليار دينار، وعجز توليد الطاقة الكهربائية يقدر بـ 760 مليون دينار، وهذه الارقام والمؤشرات كافية لاحباط اي مستثمر محلي واجنبي، وتُدخل المواطنين في حالة احباط دون رد حقيقي.
الحكومات المتعاقبة تنظر لهذه التحديات بمنظار واحد هو فرض المزيد من الضرائب والتكاليف على الاقتصاد والمجتمع للجم العجوز المالية، الا ان النتائج تأتي مغايرة للاهداف الكلية، فالمديونية على ارتفاع وعجز الموازنة يتجاهل كافة الاجراءات، والتضخم ارتفع الى 7.2% وهي من النسب المؤلمة متجاوزة كافة السيناريوهات، ويمكن ان يتخطى حاجز الـ 10% بعد رفع اسعار الطاقة الكهربائية حسب خطة الحكومة وبرنامجها الاصلاح العتيد الذي وُضع وفق شروط صندوق النقد الدولي.
نعتقد جازمين ان لا احد يزعم ان لديه مفتاحا سحريا لمعالجة هذه التحديات الجسام دفعة واحدة، لكن ان وقف النزيف المادي وتثبيت هذا التراجع هو نجاح بحد ذاته، وان التحرك نحو الشروع بمعالجات منسقة لهذه الاختلالات، بدءا من تحفيز القطاع الصناعي الذي يساهم بنسبة 25% من الناتج المحلي الاجمالي، وتشكل صادراته من 90% من اجمالي الصادرات السلعية، ويشغل 15% من قوة العمل المحلية، ويرتاد بمنتجاته اسواق 120 دولة عربية واجنبية، الى وضع اولويات الانفاق الراسمالي بما ينشط التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
والشروع في تحفيز قطاع السياحة الذي تشكل مقبوضاته نحو 13% من الناتج المحلي الاجمالي ويرفد الخزينة بالايرادات والاقتصاد من العملات الاجنبية، وكذلك قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات الذي يحقق نسبا عالية من القيمة المضافة لاعماله وصادراته، ثم يأتي كل من قطاع الخدمات الصحية والطبية وقطاع التعليم العالي حيث يولدان اموالا طائلة وقيمة مضافة مرتفعة ولديهما سمعة وموثوقية عالية محليا واقليميا، اي بصورة اوضح ان اساسيات الاقتصاد الوطني قادرة على التقدم بوتائر افضل اذا ما رفعت الحكومات الغطاء الثقيل والكلف المتزايدة على عمليات القطاع الخاص وانشطته، وفي نهاية المطاف ستعزز الايرادات المحلية وتسريع دوران الاقتصاد الوطني.
منذ انفجار ازمة الدينار وفقدان 50% من قيمته يمكن القول بثقة ان القاسم المشترك لمجموع السياسات الاقتصادية والمالية الحكومية ينحى الى فرض المزيد من الكلف والرسوم والضرائب بشكل او بأخر بهدف ردم فجوة التمويل، ان اتاحة الفرص للقطاع الخاص العمل بحرية تامة وخدمته بإخلاص دونما تجريم وملاحقته في امواله وانشطته تحت مسميات كثيرة يسهل الدخول للخروج من الازمة التي هي دون ادنى شك من صنع أيادينا.