سنة كاملة مرت على العرب ما بين قمتي بغداد والدوحة بقي، فيها، العمل العربي المشترك، إزاء قضايا الأمة الرئيسة- الصراع في سوريا- عملا تعوزه الرؤيا الواضحة، مما حول الحالة السورية لحالة استقطاب إقليمي ودولي خطير.
فقد اتخذ العراق (تصريحات زيباري في القمتين) موقفا داعما لنظام الأسد مما عني، من الناحية العملية، إدخال إيران، أسلحة ومقاتلين، للمساهمة في قتل الشعب السوري وتدميره.
لقد قتل حتى الآن 130 ألف سوري، حسب تقديرات محسوبين على الأسد كأصدقاء شخصيين له (عبد الله الدردري، نائب أسبق لرئيس وزراء سوريا؛) كما دمر 200 ألف منزل، وتحول إلى لاجئين ونازحين ومقاتلين، في الميدان، ملايين السوريين؛ ولم يبق للأسد من جيش يدافع عنه سوى ما بين 50 إلى 65 الف مقاتل، (تقديرات دولية وأوروبية وأمريكية).
كما تداعى العلويون، بحسب وسائل الإعلام، لمؤتمرات ولقاءات، اليوم، للعمل ضده، عل اختفاء نظامه يوفر عليهم وعلى أهلهم دماء غزيزة لن يتوقف نزيفها لو صدقوا أنه يحميهم بحربه على شعبه.
هذه حرب لا تفيد سوى إسرائيل، فهي حربها بالنيابة ضد كل أعدائها العرب والمسلمين،
وهي، بهذه الصفة، حرب على المنطقة واستقرارها وقدرتها على الدفاع عن نفسها، وخاصة في الأردن ولبنان والعراق نفسه وعلى كل رصيد صداقة لإيران في هذه البلدان وفي المنطقة كلها.
لقد كان إشغال معارضة الأسد لمقعد سوريا في مؤتمر الدوحة نذيرا لا يجب إغفاله، فهو سينتهي، حتما، بإشغالها لدار الرئاسة والحكومة في دمشق. ذلك آت لا محالة، في وقت قريب نتمنى أن يصغي حكام دمشق لصوت العقل فيستغلوه، ما زال ثمة متسع منه، ليوفروا على أنفسهم وعلى شعبهم ومؤيديهم هذا التدمير البشع، وقبل أن ينحدروا، فيما لو أصروا على مواقفهم، ليصبحوا فصلا من تاريخ بغيض لا يحب أحد أن يتذكره؟
الدعوة «لحل سلمي للنزاع، كأولوية سياسية» دعوة تبناها الأردن منذ البداية، حرصا منه على سوريا، شعبا وإقليما ودورا، وحملها لقمة الدوحة، وأقرتها القمة. وهي دعو لحل كريم، فهل يحتسبها الأسد، في الأفق المسدود الذي صنعه، فيكترث بها وقادة نظامه!؟
لقد اتخذها الأردن على الرغم من معاناته من نتائج ذلك الصراع، وتحميله منها كل ما يثقل على بيئته وموارده وإمكاناته. وكان الأدعى له، في الأحوال العادية، أن يغضب وأن يرد، لكنه قاوم، كما هي عادته وتقاليده، ورفض، فيما رفض، الاستسلام لإلحاح بصناعة منطقة آمنة في حوران، يستقبل فيها اللاجئون من الحرب بعيدا عن حدوده، معطيا لنظام دمشق زمنا كافيا للتراجع، بما يحفظ له مكانة بالمستطاع معالجة آثارها المرضية على علاقات السوريين بعضهم بالبعض الاخر.
لقد وضع ذلك النظام، العرب كلهم، المتأثرين، منهم، مباشرة بما يحدث على حدودهم، بشكل خاص، في مساحات قد لا تبقى عربية، بالكامل، بل من المؤكد أنها ستصبح، إن لم يكن هناك حل مقبول، مساحات دولية مختلطة، لمعالجة ما صنعوه من أعتداءات إنسانية ترقى لمستوى جرائم الحرب،.
فالح الطويل/قمة الدوحة والموقف من أحداث سوريا
17
المقالة السابقة