والسؤال اذا كان الاخوان المسلمون يؤمنون بالتعددية السياسية والدينية والثقافية والاجتماعية فأين نموذجهم في ذلك.. حين يكونون ضعافاً ويلجأون إلى أسلوب الوعظ والعمل الدعوي ويأخذون من سياسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر طريقتهم فإنهم يظهرون النعومة والود والتقية إلى أن يتمكنوا فيقلبوا ظهر المجن لحلفائهم وشركائهم ومن يوصلهم فإن كان حزباً أو ائتلافاً انقضوا عليه وشككوا فيه وانشقوا عنه وان كان دولة وهم داخلها فإنهم يبدأون في بناء مؤسساتهم الخاصة وجمعياتهم ومجتمعاتهم ومصالحهم ويأخذون باسلوب الميز والتفرقة والنبذ والتهميش للآخر فإن لاقاك الكافر فضيق عليه والكافر هنا من لم يكن معهم أو يأخذ بدعواهم او يخالفهم..
يبدأون بشعار «لكم دينكم ولي دين» ويرتضون ذلك ثم يصبح دينهم السياسي ومذهبهم في الفكر والاجتهاد هو الغالب الذي يريدون أن يفرضوه ولا يقبلون حين يستقوون من الآخرين شعار «بعسلك يا نحلة ولا تقرصيني» وانما يرفضون فكر الآخرين وتعدديتهم ولكنهم يعملون على فرض فكرهم ورؤيتهم على المجتمع باسم الاسلام ويجد المجتمع كله نفسه أمام اسلام سياسي أو بالأدق سياسة الاسلاميين وهذا ما شعر به المصريون حين خرجوا يردون عن أنفسهم اعادة انتاج الدولة المصرية التي انقض الاخوان عليها وارادوها دولتهم وأنكروا على الآخرين حقهم في التعبير عن فكرهم ونهجهم وحين وجدوا أن القضاء المصري يواجههم استهدفوه والقصص معروفة وحين ادركوا أن معظم الاعلام لا يقبل رسائلهم ونهجهم كفروه واستعدوا عليه واتهموا رموزه بالردة والكفر وحرضوا على ذلك.. إذن هناك فاشية دينية تسلح بها الاخوان وزج المصريون يوم 30 يونيو لمواجهتها فالملايين التي خرجت ليست كافرة أو معادية للاسلام وليست عسكراً أو مجندة للعسكر وليست من فلول الرئيس المخلوع مبارك وإلا كانت خرجت ودافعت عنه وهي التي خرجت من قبل في 25 يناير لاقتلاعه.. في مصرفاشية دينية يقودها الاخوان المسلمون وهي متفشية في تنظيمات لهم في العالم العربي.. وها هي اليرقة التي بدأت بيضة دينية بتعاليم اخوانية (حتى لا نتهم الاسلام والمسلمين ونحن منهم) ها هي اليرقة تكتسب أجنحة وتطير وتتسلح وتطلق الرصاص ولسنا بحاجة إلى الأمثلة فهل استطاع الغزيون منذ انقلاب حماس أن يقوموا بمظاهرة استنكاراً لممارستها أو اعتصام أو تمرد؟ ألم يكن الرصاص في مواجهتهم؟ ألم تمنع أعراس من احتفالاتها لأنها لا تحتفل بالطريقة الاسلامية!
اين الحريات اذن ؟ولماذا يريد الاخوان فرض مذهبهم الشمولي وسياستهم باسم الاسلام الذي نعرفه خلاف ما يعرفونه من تسامح وحقن دماء وابتعاد عن العنف.
لماذا يجرون مجتمعاتنا التي تتطلع الى الحداثة والتطوير والتقدم والحريات والتعددية والدولة المدنية والديموقراطية الى فكرهم السلفي والى ابن تيمية والاجتهادات التي مضى عليها قرون من الزمن ويستحضرونها ليفرضوها وهي بعيدة عن فقه الواقع ومتطلبات الحياة المعاصرة..
قال لي أحد أبرز القيادات الاسلامية في المغرب وهو رئيس وزراء المغرب عبد الاله بن كيران إن الاخوان عندكم وفي مصر أخطأوا وما زالوا وهم يسحبون المجتمع الى هيمنتهم ويريدون وضعه تحت وصايتهم، لا يؤمنون بالتعددية التي نأخذ بها الان في المغرب.. ويريدون أسلمة المجتمع والناس..يا حطاب حين كنت تأتي اليوم الى مكتبي من رأيت في الشارع؟.. هؤلاء المغاربة اليسو مسلمين؟ قلت نعم فقال: هل تريدني أن أدخلهم الى الاسلام مرة أخرى؟ أنا أتيت لتحسين أوضاعهم وإقامة العدل فيهم. ومصر مسلمة منذ عمرو بن العاص ولا تحتاج الى من يدخلها الى الاسلام.وانتم ايضا فلماذا هذا الخطاب الضيق المتوعد المنفر ؟فصمت وتذكرت أشياء كثيرة وقلت المشكلة في الكتب القديمة والمرجعيات التي تعتمد لغير وقتها.. تحدثت عن ابن تيمية فهز رأسه وابتسم وقال: نحن أكثر انفتاحا منكم ان فضاءنا هو المتوسط واوروبا المتقدمة التي لا نرفضها، ان جذورنا راسخة هنا وأغصان شجرتنا تتنفس الفضاء الاوروبي المتعدد.. فما هو فضاؤكم وأنتم محاصرون بالعنف في العراق وسوريا وجواركم الاحتلال؟ شعرت بالغبن والضيق وقلت الرهان على الوعي وعلى ضرورة أن نمتلك المرجعيات الفقهية الواقعية وأن نعيش زماننا كما عاشت الأمم المتقدمة أزمنتها..
جماعتنا هنا يريدون استنساخ التجربة المصرية الدموية ويعتبرون أن ما تحقق في تونس وليبيا من فوضى وبحور دماء واغتيالات هي انجازات الم يقاتل هتلر شعبه والعالم ؟ هل كان يعتقد هو أو موسيليني أن النازية أو الفاشية أو التعصب الديني شيئاً مكروهاً؟ ألم تخض أوروبا معارك دينية لمئات السنوات وبآلاف الضحايا قبل أن تخرج من الفاشية الدينية الى الدولة المدنية؟ كم سنة يلزمنا؟ وهل سنخرج؟ ومتى الرهان على مصر فإن وقفت وقف العالم العربي وان سقطت سقطنا جميعاً.. انها الفاشية التي تحصد الآن حضارة مصر منذ آلاف السنين!
alhattabsultan@gmail.com