البيت الأبيض نشر الأسبوع الماضي تفاصيل عن 78 هجوماً إرهابياً قال إن الميديا غطتها في شكل محدود، وكان ذلك بعد يوم من تصريح الرئيس دونالد ترامب بأن «الميديا غير الشريفة أبداً» عادة ما تتجاهل نقل أخبار الأعمال الإرهابية.
حتماً كان هناك إرهاب، والقائمة التي تبدأ في أيلول (سبتمبر) 2014 تسجل 13 حادثاً مهماً، بدءاً بقتل عشرة في ليبيا في كانون الثاني (يناير) 2015، ثم سقوط 21 قتيلاً في تونس في آذار (مارس) 2015 و38 قتيلاً في تونس أيضاً في حزيران (يونيو) 2015، و129 قتيلاً في فرنسا (باريس) في تشرين الثاني (نوفمبر) 2015، و14 قتيلاً في كاليفورنيا في كانون الأول (ديسمبر) 2015، و12 قتيلاً في تركيا في كانون الثاني (يناير) 2016، و31 قتيلاً في بلجيكا في آذار، و49 قتيلاً في الولايات المتحدة في حزيران، و45 قتيلاً في تركيا أيضاً في حزيران، و14 قتيلاً في أفغانستان و45 في تركيا و22 في بنغلاديش، وهذه كلها في حزيران أيضاً، و84 قتيلاً في فرنسا (نيس) في تموز (يوليو) 2016.
كل الحوادث الإرهابية السابقة نالت تغطية واسعة، خصوصاً ما وقع منها في أوروبا. والقائمة توضح أن الإرهابيين في الحادثين اللذين وقعا في الولايات المتحدة ارتكبهما مواطنون أميركيون.
القائمة تضم 38 حادثاً من دون إصابات أو أدت إلى جرح إنسان واحد أو أكثر، وبعضها لا يعرف اسم القائم بالعملية أو جنسيته، ومن هذه العمليات جرح شرطي في بوسطن، وحادث في الجوره (مصر) من دون أي جريح، ومثله حادث آخر في البلدة نفسها من دون إصابات، وحادث في باريس من دون أي إصابات، وآخر في فيلادلفيا حيث جُرِح شرطي برصاص مواطن أميركي، وحادثان في الكويت وفي مالمو (السويد) وفي الفيليبين وتشاد من دون إصابات أيضاً.
لا أدري كيف يُسجّل «حادث إرهابي» وهو من دون إصابات ولا يُعرف مَن ارتكبه؟ القائمة ضمّت 22 حادثاً آخر غالبية الضحايا فيها واحد، والسؤال هنا ماذا يريد ترامب من الميديا المتهمة؟ أن تنشر عشرة آلاف كلمة كل يوم عن حادث من قتيل أو جريح أو لا إصابة، وبعض الحوادث ليس إرهابياً؟
السيدة روزي إيلايف قتِلت ابنتها وشاب حاول حمايتها من هجوم بسكين في كوينزلاند، استراليا، في آب (أغسطس) 2016. الحادث مسجل في القائمة كعمل إرهابي آخر. غير أن الأم المفجوعة وجهت رسالة إلى دونالد ترامب ترفض فيها اعتبار الجريمة إرهاباً لأن القاتل سمايل (هل هي اسماعيل) إياد، كما تقول الأم، لم يدخل مسجداً في حياته، والشرطة الاسترالية قالت إنه مختلّ العقل.
بكلام آخر البيت الأبيض كذب وهو يزعم أن قتل البنت والمدافع عنها حادث إرهابي آخر.
ما سبق أهم من غيره إلا أنني أريد أن أكمل بمقال كتبه دانا ميلباند في «واشنطن بوست» ويسجل أخطاء ترامب في تهجئة كلمات بالانكليزية، ويتوكأ على قائمة البيت الأبيض فهي تخطئ في تهجئة كلمة «مهاجم» أو «هجوم» بالانكليزية، وكلمة «شرف» وكلمة «يخسر». الفرق بين إيران والعراق بالانكليزية حرف واحد، فهل يهاجم ترامب العراق، وله فيه جنود يشاركون في مواجهة داعش، بسبب خطأ مطبعي؟
الكلمات السابقة تعلمتها وأنا في المدرسة الثانوية، ولا بد أن الطلاب الأميركيين يعرفونها من المدرسة الثانوية، لأن مدرستي في بيروت كانت أميركية أيضاً. طبعاً تظل أخطاء التهجئة أهون من أخطاء سياسية كما في إصرار ترامب على الدفاع عن روسيا خشية أن توزع وثائق وصوراً عما عمل، أو ارتكب، في فنادق موسكو عندما زارها مع ملكات جمال الكون سنة 2013.
ماذا سنقرأ غداً لترامب؟ أرجو أن يكون خطأ مطبعياً لأنه أهون من خطأ سياسي.