حينما يتم تحشيد الناس ضد أي دولة عربية ويتم النفخ في عقولهم لتصبح كالطبول الفارغة التي تردد صدى اجرام البترودولار فلا ينبغي أن نتفاجأ أو ندعي الصدمة ونكتسي قناع العتمة ونظل نخفي رؤوسنا في الرمال ازاء أي أعمال ارهابية اجرامية تضرب أمننا الوطني ، لأنها تدور في فلك النغمة الشاذة المجرمة ذاتها التي عزفها المجرمون وصدق البعض انها جميلة ….
لقد شهدنا العام الحالي نحو أربعة أحداث ارهابية فظيعة ، ذهب ضحيتها العديد من أبطالنا الأردنيين ، سواء المنتمين الى الأجهزة الأمنية أو المدنيين ،حيث أسهمت في الاخلال بالأمن والاستقرار الوطني ، شئنا ذلك أم أبينا .
والمتتبع لأحداث ما جرى ، يدرك تمام الادراك ، ان الارهاب والاجرام هو عابر للأديان والطوائف والمذاهب والأعراق والجنسيات ، فلا لون للارهاب الا لون الدم ، ولا رائحة له الا رائحة الجهل والتضليل وتغييب للوعي والعقل والمنطق ، ازاء ما يشهده العالم العربي من تداعيات ما اصطلح على تسميته بـ” الربيع العربي” الذي تبدى للقاصي والداني أنه جحيم وثقب أسود يبتلع كل من يفقد توازنه العقلي، ويميل تجاه ما يملى عليه من خزعبلات وتجييش اعلامي يقوده الغرب الرأسمالي بوحشيته المعهودة ،ولكن بأدوات عربية هذه المرة للأسف الشديد.
فلا يستقيم مع المنطق البشري المعهود السماح بتحشيد الرأي العام واستخدام المفاهيم الاسلامية المغلوطة من أجل القضاء على النظام السوري والدولة السورية ، ارضاء لرغبات الغرب ، الذي قهره عدم الاذعان السوري والرضوخ لسياسات البنك الدولي المدمرة واملاءاته المتواصلة بعدم دعم حركات المقاومة وعدم الانصياع للمشاريع الرامية الى ضمان تفوق ” اسرائيل ” .
لا ينبغي لنا أن ندعي الصدمة وهول المفاجأة بعد أن سمحنا للأئمة والوعاظ بالدعاء من على منابر المساجد بنصرة ، ما يسمى بالمجاهدين والثوار في سوريا ،وهم ليسوا سوى أدوات ارهابية ينفذون أجندات غربية”سواء علموا ذلك أم لم يعلموا ” ولا تخفى الا على كل جاهل متغطرس قبل أن يؤجر عقله للميديا وسحرها المنوم للوعي .
منظومة الخير والفضيلة والأخلاق والالتزام بالقانون ، هي منظومة متكاملة ولا يصح بأي حال من الأحوال تجزئتها ، فالصدق هو أن تكون صادقا في كل زمان وفي كل مكان ، حيث يتأتى ذلك من خلال الادراك التام والقاطع بأن الاجرام اجرام في كل مكان وفي أي زمان ، ولايجوز أن نكسي الارهاب في سوريا وليبيا والعراق عباءة الثورة أو ندرجه في اطار ما يسمى بالنزاع الطائفي أو المذهبي ،لأن ذلك لا يستقيم مع الوعي والعقل السليم ، ويدخلنا في دائرة الانفصام السياسي والأخلاقي وتذرية الوعي .
عسى أن تكون هذه الضربات الارهابية المؤلمة ، والتي أصابت كل أردني وطني شريف في الصميم ، الى اعادة التفكير وتحكيم العقل وعدم الانجرار وراء أي ترهات اعلامية لا تهدف الا الى زعزعة أمن الدول العربية وتمزيقها وديمومة الحريق فيها .