عروبة الإخباري – استحضر العرض المسرحي الموريتاني “نسمات الصحراء” للمخرج التقي سعيد، الموروث بأسلوبية الراوي والحوارية الشعرية بين شخصيات العرض.
المسرحية التي عرضت مساء امس السبت ضمن فعاليات مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي في دورته الاولى تستلهم من الموروث الموريتاني عادات وتقاليد التقدم لخطبة فتاة، حيث يجسد 3 ممثلين شخصيات خاطبين لابنة شيخ القبيلة التي ستتخذ قرارها بناء على ما يتحلى كل خاطب بمواصفات تجذبها اليه وتقنعها فيه، تساعدها في ذلك وصيفتها وصديقتها.
فيما ممثل اخر يؤدي شخصيتي الراوي والقيم على الفتاة في العرض الذي وأضفت شخصية الخادم الابله الذي يؤدي دور الرسول بوصفه ينقل الاخبار بين القيم والخاطبين من جهة، وابنة الشيخ من جهة اخرى، مسحة كوميدية وإن لم تستطع كسر رتابة العرض.
يستعرض الخاطبون في تنافسهم القيم وفي لقاء يتم تحديده مع ابنة الشيخ بحضور وصيفتها مهاراتهم وقدراتهم وصفاتهم لكسب قبولها ليكتشفوا في النهاية ان الفتاتين تبادلتا دور ابنة الشيخ والوصيفة للايقاع بهم، وتنتهي برفض ابنة الشيخ الحقيقية جميع الخاطبين.
وحدد المخرج في العرض حيز اللعب المسرحي في فضاءين بتكوين ثنائي الابعاد، احدهما اسقاط للعلبة الايطالية في منتصف الموقع / المكان المسرحي في مواجهة الجمهور وتم تأثيثه بالسجاد ليمثل بؤرة الفعل المسرحي حيث تقدم جميع لوحات العرض، فيما جاء الفضاء الثاني في اقصى منتصف العمق حيث الفتاة ووصيفتها تجلسان في خيمتهما وتتداولان الرأي، فيما يتنقل الخادم بين الفضاءين.
يقول الفيلسوف الفرنسي غاستون باشلار “ان الخيال بالنسبة للمكان يلغي موضوعية الظاهرة المكانية كونها هندسية ويحل مكانها ديناميكيته الخاصة، وعندما يتحول الخيال الى شعور فهو يلغي السببية ليحل محلها التسامي المحض”، وهو ما لم يلمسه المشاهدون في العرض الموريتاني الذي غابت عنه عناصر الابداع الجمالي والتخيل الشعري.
ملابس الشخصيات جاءت مستلهمة من التراث حيث “الدراعة” للرجال و”الملحفة” للنساء فيما كانت الاضاءة البيضاء ثابتة في معظم مشاهد العرض، والنص المنطوق جاء باللغة الفصحى ومحكيات موريتانية، الا ان انخفاض الصوت خصوصا لدى الممثلات ساهم بعدم وصول بعض الديالوجات والمنولوجات للجمهور.