عروبة الإخباري – رعى سمو الامير الحسن بن طلال الاربعاء الماضي أمسية لاستذكار حياة ومناقب الأمين العام الأسبق لمنتدى الفكر العربي في الأردن المرحوم الدكتور علي أحمد عتيقة، والتي أقيمت في المركز الثقافي الملكي بحضور عائلة الفقيد وأصدقائه ومحبيه وعدد من المسؤولين ممن عاصروه والذي منحه المغفور له الحسين بن طلال وسام الاستقلال عام 1991 لعطائه المتميز.
وقال سمو الأمير الحسن بن طلال “نَتَذَكَّرَ بكلِّ محبةٍ واعتزازٍ ووفاء حياة أخي الدكتور علي عتيقة ومَنَاقِبَهُ الحميدة، فهو رفيقُ الدّرْبِ والصّديقُ الصّدوق الذي آمَنَ دوْمًا أنّ العُروبَةَ غايةٌ ومبدأٌ وعمَلٌ ومُنْطلقٌ إنسانيّ، ولَيْسَتْ عصبيّةً أو انغلاقًا.
وشهد الامير بامتلاك عتيقة الحس الوطني الرفيع، والثقة الكبيرة بالعمل العربي المشترك في كافة المجالاتِ العلميّة والفكريّة، وكذلك في مواقعِ المسؤوليّة التي نهضَ بها في الوطنَ والأمّة .
وعبر سموه عن معرفته لعتيقة بصلابة ارادته وانسانيته وبإيمانه بقوة الفكر وقدرته على إحداث التغيير، واعلائه من اهمية التفاعل الايجابي بين الفكر والقرار، مضيفا “وهنا يأتي دورُ(منتداه) منتدى الفكر العربيّ الذي يَسعى دومًا للربْط بين الفكْرِ والفعل؛ بين التنظيرِ والتطبيق، وقد حرَصَ –رحمَهُ الله – خلال تولّيِهِ الأمانة العامة لمنتدى الفكْرِ العربي على توسيعِ قاعدة التفاهم بين المفكّرينَ العرب على اختلاف تَوَجُّهاتِهم الفكريّةِ وارتباطاتِهِم المؤسّسيّة”.
واشار الى دوره “فكان يخاطب الاجنبي بالندية، والموضوعية وقد حاولَ المرحومُ تقديمَ المشُورة والمساعدة الفنيةِ للحكومةِ الأردنيّةِ في مجال بناء القدرة المؤسّسيّة لأدواتِ التخطيط العام وإدارةِ الاقتصاد الكليّ”.
واستذكر سمو الامير الحسن زيارة عتيقة له في عام 1990 في أعقاب حرب الخليج الاولى ليُقدِّمَ طلبًا عاجلاً لتأمين المساعداتِ الإنسانيّةِ الطارئة لآلافِ القادمينَ إلى الأردن والعابرينَ لأراضيِه والذي لقي استجابة فورية لطلبه التي يَستحقُّها، معتبرا انه كان بحكمته وشجاعته واتصالاته رافدا من المحبة لنا جميعا.
من جهت عبر الأمين العام لمنتدى الفكر العربي الدكتور محمد أبو حمور في كلمة ترحيبية أن الهاشميين عرفوا برعاية علماء الأمة وعقولها، وظل الاردن وسيبقى حاضنة للعلم وأهل الفكر والعلم التي بدأت بمجالس المغفور له الملك المؤسس عبدالله بن الحسين طيب الله ثراه، واستمرت في العهود المباركة من بعده نهجا اصيلا مستمدا من اخلاق العروبة والاسلام، والمبادئ الانسانية.
ولفت ابو حمور الى ان منتدى الفكر العربي الذي شرف بتأسيس سمو الامير الحسن له قبل ثلاثة عقود مع نخبة من العقول العربية هو صورة من صور هذا النهج العربي الهاشمي، وقد كان من بين هذه العقول الراحل علي عتيقة الذي أصبح عام 1996 أمينا عاما للمنتدى واستمر في الموقع ستة أعوام كانت بتوجيهات سمو الامير مرحلة حافلة بالأنشطة الفكرية والمشروعات والطموحات.
واعتبر امين عام اتحاد الجامعات العربية وعضو مجمع اللغة العربية الليبي الدكتور محمد فرج دغيم هذا اللقاء بمثابة التكريم للراحل عتيقة لا لتأبينه لنذكر مناقبه وآثاره وتأثيره واعماله البناءة ، فقد كان الراحل طموحا لم يستسلم ولم ييأس في بداية حياته العلمية، مستذكرا عودة عتيقة الى الجامعة التي كان يدرس بها عودة شاب طموح وكنا نتهامس نحن الطلبة معجبين به ومشيدين بعظيم صنيعه في زمن قل او ندر فيه من نال درجة الدكتوراه في بلد حديث الاستقلال .
واضاف دغيم ان المرحوم عتيقة التحق بالعمل في بنك ليبيا المركزي واسندت اليه ادارة قسم البحوث ليعمل مع خبراء اجانب مؤهلين ومنهم من كان ينظر الى الليبيين باستعلاء، ليثبت لهم جدارته بالعمل ومقدرته على النجاح في مهمته التي قدم خلالها دراسات وبحوثا مصرفية واقتصادية، وقد اتاح الفرصة لشباب آخرين من خريجي الجامعة الليبية وجامعات عربية واجنبية ليتعاونوا معه ويعمل معهم دون كلل او ملل وبحماس ومثابرة، فقد انطلق ناجحا في عمله معطيا انطباعا ممتازا عن عمله ودراسته.
وبين اثر الانقلاب على حياة عتيقة حيث وجد نفسه بدون عمل شأنه شأن زملائه الذين تولوا مناصب في الدولة، ليصار الى ان تتصل به شركة ليبيا للتأمين ليتولى ادارتها وقبل المهمة ودرس التأمين وقوانينه ومشكلاته ومجالاته وكلها جوانب لم يكن ملما بها، فاستطاع في زمن قياسي ان ينهض بهذه الشركة وتبلغ تحت ادارته مبلغا متميزا، وبعدها حدثت بعض الظروف التي كان منها التغير في قوانين التأمين ليعمل بعدها امينا عاما لمنظمة الاوبك العربية، واستمر مشوار عطائه حافلا، إذ لم يخلد الى الراحة بل واصل العمل الأهلي امينا عاما لمنتدى الفكر العربي وعضوا لكثير من الهيئات والمنظمات العربية.
واستذكر وزير النفط العراقي الأسبق عصام الجلبي بالنيابة عن اصدقاء ومحبي الفقيد جملة من الانجازات التي ساهم بها بتأسيسه اكبر عدد من الشركات في مختلف اوجه الصناعة والانشطة البترولية، وحرص على ان تحقق تلك الشركات النجاحات المرسومة لها وان تتلقى الدعم من قبل الدول العريق.
وقال، انه ورغم السنوات الاربع عشرة التي قضاها الفقيد عتيقة في مجال العمل العربي المشترك، وكأمين عام لمنظمة الاوبك، الا انه كان دائما يعتبر ان ما تحقق يصل الى ادنى مستوى من الطموح الذي كان يسعى اليه حين كان ايمانه راسخا بأنه ومن خلال العمل العربي المشترك يمكن تجاوز الكثير من الأزمات السياسية بين الاقطار العربية وخلق نشاطات افضل ترتقي بالشعب العربي وتحقق طموحاته.
واشاد بجهوده التي كانت تسعى دائما الى خلق اواصر التعاون وتقديم الدعم الممكن للأقطار العربية في مجال الطاقة كما في الاردن واليمن والسودان وتونس وغيرها، وكان صريح الكلام جريء المواقف في انتقاداته وآرائه ولم يكن يعنيه المنصب شيئا، وكان جل اهتمامه العمل لوطنه وأمته،وكان مؤمنا بضرورات العمل العربي المشترك لأبعد الحدود وخير ما يذكر في هذا الصدد ما سطره الفقيد في مقدمة كتابه “بين الإرادة والأمل”.
واقتبس الجلبي من اقوال عتيقة “اود ان اسجل ايماني الراسخ بالعمل العربي المشترك الجاد وبمقدرته على اخراج البلاد العربية من التخلف الى التقدم التنموي المستدام، وان نجاح مثل هذا العمل يعد في نظري بمثابة سفينة نوح، فهو وسيلة الانقاذ من دوامة الغرق والتشتت وتسلط الطغيان الذي فتح علينا ابواب الغزو الاجنبي من جديد بعد الاستيطان الصهيوني في فلسطين الذي لا يزال يتحدى الوجود العربي”.
وأكد الوزير الأسبق الدكتور منتصر العقلة ان الراحل قدم مبادرات تنموية في مجال الادخار والاستثمار الى ان وصلت به الجهود الى دخوله معترك العمل العربي المشترك أمينا عاما لمنظمة الدول العربية المصدرة للنفط.
ولفت خلدون أبو حسان الى ان الفقيد يعتبر من اهل الفكر والمبدعين، مشيرا الى ان الفقيد يجسد أبعادا كثيرة على كافة الاصعدة، فهو يجسد الشخصية العربية الاسلامية العالمية بشموليتها العلمية الفكرية والخلقية وأثرها العميق، فقد عرفته عام 1970، وكان صادقا على الصعيد المهني وتميز بحسن الضيافة.
ومن ثم قدم احفاد الفقيد فقرة تحدثوا خلالها حول صفات جدهم وطريقة تعامله معهم.
من جانبه، أكد نجل الفقيد الدكتور احمد علي عتيقه اعتزازه بأن يقام هذا التكريم في عمان التي احتضنت الراحل وبين رفاق دربه الاوفياء وعلى رأسهم الامير الحسن رمز الوفاء و الأصالة، مشيرا الى رفقة الدرب الطويلة التي جمعت والده بالأمير الحسن والتي بدأت منذ عام 1980 وامتدت عبر اكثر من ثلاثين عاما من الالتقاء الفكري والخلق القويم و الإخلاص للأمة وكانت من اهم محطات حياة الفقيد.