التغيير بدأ من لبنان، والاتفاق على وقف الحرب التي تشنها إسرائيل على لبنان أدخل المنطقة في مرحلة جديدة بكل تفاصيلها، والدليل على ما أقول ما يلي:
1 – رغبة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في وقف الحروب بدأت تتحقق، بدءا من لبنان بوساطة أمريكية فرنسية وتحت إدارة الرئيس بايدن، الذي ستنتهي ولايته يوم 20 يناير/كانون الثاني المقبل. هذا يؤكد التنسيق بين الإدارتين الديمقراطية والجمهورية على سيناريوهات وقف الحرب بين إسرائيل وحزب الله.
2 – منذ فوز ترامب بالرئاسة (5 نوفمبر/تشرين الثاني 2024) وحتى تسلمه الرئاسة في (20 يناير/كانون الثاني 2025) بدأ العد التنازلي لسيناريوهات وقف الحروب، وتحديدا في الشرق الأوسط (جبهتا لبنان وغزة) وأوروبا (الحرب الروسية الأوكرانية).. والبداية لبنان.
3 – لماذا لبنان؟ لأن لبنان – من وجهة نظري – محور ارتكاز التغيير في الشرق الأوسط، ووقف القتال على هذه الجبهة يفتح أبواب التغيير التالية:
أ)- فتح الباب مشرعًا أمام انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية بعد فراغ امتد لنحو عامين، وبعد نحو 12 جلسة فاشلة من قبل مجلس النواب اللبناني لاختيار رئيس للجمهورية. لقد فتح اتفاق وقف الحرب الأخير الطريق أمام اختيار رئيس جديد، حيث حدد رئيس مجلس النواب اللبناني، الرئيس نبيه بري، جلسة يوم 9 يناير/كانون الثاني.
ب)- الاتفاق على وقف الحرب على لبنان يعني تغييرا في مواقف (إسرائيل وإيران) سواء بإرادتهما أو بالضغط عليهما.. ويعني أيضا وجود إرادة أمريكية حقيقية (ساهم فيها فوز ترامب) بوقف هذه الحرب.
ج)- الاتفاق بتفاصيله، والعودة إلى القرار 1701، تعني لبنان مختلفا، من حيث إعادة تشكيل الدولة اللبنانية بجيشها الذي سيتولى مهمة التواجد على الحدود الجنوبية بنحو 5000 جندي (وهذا ما ساعد على قرار النواب اللبنانيين منذ أيام بالتمديد لقائد الجيش والقادة الأمنيين بعد طول معارضة). وكل ذلك يعني عودة المؤسسات لتقوم بدورها في «الدولة اللبنانية».
د)- الاتفاق يعني انتهاء دور حزب الله «العسكري» وعودته كمكون داخلي لبناني وحزب «سياسي». هذه خطوة تاريخية تنهي جدل «سلاح حزب الله» – ولو في المرحلة الراهنة.
هـ)- مدة (40) يوما لاختيار رئيس للجمهورية اللبنانية تعني أن جميع الفرقاء في لبنان – بمن فيهم حزب الله وأمل – باتوا أقرب للاتفاق على «أن يتفقوا»، وأن يوم 9 يناير المقبل سيشهد «رئيس توافق» أو بداية جلسات حقيقية لانتخاب رئيس للجمهورية.
و)- انتخاب رئيس جديد للجمهورية يعني انتخاب رئيس حكومة جديد أيضا، حتى يعمل الجميع على تنفيذ اتفاق وقف القتال، وبدء العمل على مشاريع إعادة الإعمار وإنعاش الاقتصاد اللبناني المنهار.
4 – هذه التطورات المتعلقة بلبنان – رغم أن الولايات المتحدة وفرنسا تتصدران المشهد فيه – لم تكن لتتم لولا وجود توافقات ومشاورات وأدوار إقليمية حالية وقادمة تشمل:
إيران (دورها في تغيير موقف ودور حزب الله في المرحلة القادمة).
المملكة العربية السعودية (في استقرار لبنان وإعادة الإعمار).
5 – وقف الحرب على لبنان فتح سيناريوهات إمكانية التوصل إلى وقف العدوان على غزة – حتى ولو استمر لما بعد تولي ترامب – لكن الباب فتح على مصراعيه. هناك اتصالات أمريكية مع الوسطاء في قطر ومصر وحتى تركيا. وتبقى الخشية – كل الخشية – أن تكون «التهدئة» في غزة (التي لم تعد صالحة للحياة) لمزيد من مراوغات نتنياهو لإطالة عمره السياسي من خلال مفاوضات الرهائن.. ومشروع التوسع بـ«ضم الضفة الغربية»، وهو مشروع سيدعمه ترامب.
6 – إذا كان ترامب يرفع شعار «أمريكا أولا»، فإن إيران ترفع شعار «المشروع النووي أولا»، ولذلك فهي تعيد ترتيب سياساتها في الإقليم بتسارع يسبق تولي ترامب، ويساعد على ذلك انتخاب رئيس إيراني جديد منفتح على الغرب.
7 – لبنان جديد.. سيفتح باب تسويات إقليمية مع إيران قد تغير من «شكل وجودها» في سوريا والعراق – وربما شكل دعمها للحوثيين – أيضا.
*باختصار:
الأحداث تتسارع، وسنشهد تطورات على مدى الـ (50) يوما المتبقية لتنصيب ترامب رسميا، فهو:
1- لا يريد حروبا عسكرية «مكلفة»، وسيستبدلها بحروب اقتصادية «مربحة».
2 – لا يريد حروبا، لا في الشرق الأوسط ولا في أوروبا (الحرب الروسية الأوكرانية)، لأنه سيتفرغ لما يعتبره التهديد الحقيقي للولايات المتحدة وهو «الصين».
أخيرًا:
الأردن ليس بعيدًا عن كل ما يجري، فهو الأقرب إلى غزة والضفة وكل فلسطين، وإلى لبنان. دور الأردن بقيادة جلالة الملك متقدم ومشهود دبلوماسيا من أجل وقف العدوان على غزة ولبنان.. وإنسانيا بمد يد العون بكل ما يستطيع من مساعدات للأشقاء في غزة والضفة ولبنان. وقف العدوان على غزة
واستقرار لبنان أولوية أردنية قومية.
لبنان جديد.. شرق أوسط جديد!* عوني الداوود
1