ضمن فعاليات مهرجان العلا بنسخته الثالثة في السعودية، تم تقديم عرض الافتتاح للعرض المسرحي «مساء الحجر»، الذي كتبه الأديب الأردني مفلح العدوان، حيث سيستمر العرض الذي تم إطلاقه بداية شهر تشرين ثان لمدة أربعة أشهر، بواقع عرضين في اليوم، طيلة موسم شتاء العلا السياحي.
يحاكي نص «مساء الحجر»، جوانب من تاريخ مملكة الأنباط، التي كانت الحجر فيها تمثل العاصمة الثانية لدولة الأنباط، ولها أهمية استراتيجية على طرق التجارة القديمة، خاصة طريق البخور، التي كانت فيه محطة تجارية رئيسية لقوافل التجار، حيث تم بناء القصة المسرحية لتكون أحداثها في سوق الحجر القديم، من خلال حكاية حب بين أحد التجار الأنباط «حَسيق»، وبين أخت رئيس السوق «لَحيان»، حسناء السوق «هاجر»، وتتصاعد وتيرة درامية الأحداث في صراع على صفقة بخور داخل السوق، الذي يلتقي فيه التجار من مختلف البلاد البعيدة والقريبة من الحجر، في لقاء حضاري ثقافي، تعرض فيه مختلف السلع المعروفة في تلك الحقبة الزمنية.
تبدأ المسرحية في تجويف صخري داخل موقع جبل الخريمات الأثري، المشهور بالمدافن النبطية والنقوش والمنحوتات التي بَرَع بها الأنباط، ليكون الاستقبال للتجار في موقع يسمى «الحديقة السرية»، ممثلا لتجمع مضافات الأنباط التي يستقبلون فيها الضيوف والتجار، وهنا يكون المسرح تفاعلي بين الممثلين والسياح والزوار الذين يحضرون العرض، ويشكلون جزءا من العمل المسرحي، ثم ينتقلون عبر ممر تاريخي من «الحديقة السرية» إلى سوق الحجر، الذي يستقبلهم فيه رئيس السوق «لحيان»، ومعه أخته «هاجر»، وجميع الباعة في السوق، ليكون التمازج الثقافي والاقتصادي الحضاري، بين التجار والباعة وأهل الحجر، وتتطور الأحداث من خلال الحوارات لتصل الذروة التي تؤدي إلى زواج أخت رئيس السوق من التاجر «حسيق»، الذي يتم من خلاله الكشف عن أسرار البخور، وتجارته، وأهميته التاريخية في المنطقة.
يقدم نص «مساء الحجر» الكثير من ملامح حضارة الأنباط، والجوانب الاجتماعية والثقافية والفنية، حيث يحضر النحاتين، والفنانين، وأصحاب المهن، والعلاقات الحضارية التي تميز بها مجتمع الأنباط.
مسرحية «مساء الحجر» التي قام بتأليفها الكاتب الأردني مفلح العدوان، تعرض خلال موسم مهرجان العلا الشتوي، من إخراج الأردنية لينا التل، ومساعد مخرج الفنان الأردني الشاب عمر الضمور، وشارك فيها فنانون من دول عربية مختلفة، حيث تجاوز فريق العمل الـ 100 مشارك في مجمله.
ويأتي نص «مساء الحجر»، في سياق استلهام تاريخ حضارة الأنباط، ليلقي الضوء على جوانب مختلفة من الإرث الثري الذي أثر وتأثر بالحضارات الأخرى، مع المحافظة على خصوصية الثقافة العربية، وما زالت آثارها حتى الآن، بعد التشبع بروح المكان في العلا ومدائن صالح/الحجر خلال عدة زيارات قام بها مؤلف المسرحية العدوان للموقع الأثري، كموقع ملهم للكتابة، وللتخييل في استحضار شخصيات وأحداث من وحي تاريخ وذاكرة مدينة الحجر، حيث استغرقت كتابة النص من العدوان ثلاثة أشهر، كمشروع تأليف عمل مسرحي تفاعلي حول الحِجْر في منطقة العلا.
الكاتب مفلح العدوان يكتب مسرحية (مساء الحِجر) لمهرجان العُلا السعودي
2
المقالة السابقة