عروبة الإخباري –
تتداول الأوساط الفنية العربية منذ أشهر عدة مشروع تحويل قصة الفنانة الجزائرية الراحلة وردة (1939-2012) إلى مسلسل درامي على غرار أعمال سابقة عن أم كلثوم واسمهان وغيرهما.
وظهرت خلافات كثيرة بشأن مضامين الفيلم ومحدداته الفنية، وهو ما يثير بعض الشكوك بشأن اكتمال هذا المشروع.
وليست الخلافات بشأن إرث الأيقونة الجزائرية – التي سحرت لعقود المشرق بفنها – جديدة، إذ أن ابنها، رياض قصري، يشترط الإشراف على كتابة أي سيناريو مستقبلي لتجسيد سيرة والدته في العمل الدرامي.
الأبناء أم الفنانين.. من “المرجع”؟
وأثار تصريحات أدلى بها لصحيفة “الشرق الأوسط” حفيظة بعض الإعلاميين والنقاد، إذ كتب الصحافي والناقد الفني المصري، طارق الشناوي، متسائلا “ابن الفنانة البكر أشار إلى أنه لن يمانع في تقديم حياتها، على شرط أن يشرف على السيناريو، هل يصلح الورثة للقيام بهذا الدور؟”.
قبل أن يضيف “رياض يعرف مؤكداً الكثير الذي لا يعلمه أحد عن أمه، هذه حقيقة، إلا أنه أيضاً بالضرورة لا يعرف الكثير، تلك أيضاً حقيقة”، مردفا: “سنوات عديدة في حياة وردة لم يعاصرها قطعاً رياض، كما أنه عاش القسط الأكبر من حياته في الجزائر، فكيف يصبح هو المرجعية؟”.
الفنانة الراحلة وردة الجزائرية رحمها الله واسكنها الجنة مع ابنها الاستاذ رياض جمال قصري سنة ١٩٦٥ م pic.twitter.com/aSKTId423g
— Dream man (@rashid5431976) May 18, 2023
وشدد على أن “الورثة دائماً ما يتحمّسون لرؤية وجه واحد مثالي؛ بل ملائكي، لمورثهم”.
وقد ردّ نجل الفنانة موجهاً كلامه لطارق الشناوي بالقول “أتفق معك تماماً في أن تدخّل الورثة بتفاصيل السيناريو تنتج عنه شخصية ملائكية”، لكن أشار إلى أنه المرجعية “الأكثر دراية” بوالدته، وأن ما يحركه هو “الاطمئنان إلى جودة العمل وخروجه بمقاييس عالية، خصوصاً أن مسلسلات السير الذاتية عادة ما تتعرّض للنقد، ونادراً ما تنجح”.
وقال إن إرث وردة “ليست تحت سيفه”، وإنه لن يتدخل في صلاحيات صناع العمل السينمائي “حال التوصّل إلى اتفاق واضح لإتمام المشروع الفني”، غير أنه عاد واشترط ضرورة “الوقوف على الأخطاء التاريخية الواردة” بشأن مسيرتها الحافلة بالعطاء الفني.
إرث عابر للدول
وتُعد قصة هذه المطربة فريدة من نوعها، فقد ولدت في فرنسا شهر يوليو 1939، ثم بزغ نجمها في مصر ، وعاشت ردحاً من الزمن في الجزائر.
واسمها الحقيقي وردة فتوكي، سليلة أب جزائري ينحدر من ولاية سوق أهراس (شرق) وأم لبنانية من عائلة بيروتية تدعى يموت.
غنّت وردة في فرنسا حيث أدت أغاني لأم كلثوم وأسمهان وعبد الحليم حافظ، ثم عادت مع والدتها إلى لبنان وقدمت أغاني خاصة بها.
سافرت إلى مصر عام 1960 بدعوة من المنتج والمخرج حلمي رفلة، الذي قدمها في أولى بطولاتها السينمائية في فيلم “ألمظ وعبده الحامولي” ليصبح فاتحة إقامتها المؤقتة بالقاهرة.
يرى البعض أن مصر، حيث وصلت إلى العالمية، هي بيتها الأول، لأنها عاشت في البلد نحو 42 عاما، بينما قضت عقدين في فرنسا، ونحو 10 سنوات بالجزائر.
اعتزلت الغناء بداية السبعينيات بعد زواجها، حتى طلبها الرئيس هواري بومدين كي تغني في عيد الاستقلال العاشر لبلدها عام 1972، بعدها عادت إلى الغناء فانفصل عنها زوجها، جمال قصيري.
عادت إلى القاهرة، وانطلقت مسيرتها من جديد، وتزوجت الموسيقار المصري الراحل، بليغ حمدي.
تعاونت وردة مع كبار الملحنين ومنهم؛ محمد عبد الوهاب ورياض السنباطي ومحمد القصبجي وفريد الأطرش ومحمد الموجي وسيد مكاوي، وحلمي بكر وصلاح الشرنوبي.
بعمري كله حبيتك بروفه مع الموسيقار محمد عبدالوهاب.. pic.twitter.com/p0zbh12UO2
— وردة الجزائرية (@warda_aljza) August 27, 2023
وبعد سنوات من الأمجاد الفنية، رحلت وردة في الـ 17 من ماي عام 2012، ودفنت في الجزائر.
ويقول ابنها إنها لم تطلب دفنها في هذا البلد المغاربي، قائلا في حوار مع صحيفة “الشرق الأوسط” إن “قرار الدفن في الجزائر كان قراري أنا وشقيقتي، لنتمكّن من زيارة قبرها والاهتمام به، وحينها وجدنا كل الدعم والمساندة من السلطات الجزائرية في نقل الجثمان بطريقة تليق بها ودفنها في مربّع الشهداء بمراسم رسمية”.
ويخشى عشاق هذه الأيقونة الفنية أن تؤدي الخلافات حول إرثها إلى تعطيل مشروع تحويل قصتها إلى مسلسل درامي يخلد ذكراها في الشاشة الصغيرة أيضا.
المصدر: أصوات مغاربية