عروبة الإخباري – للحل في السودان ضرورات متعددة الاتجاهات.. داخليا، ضرورة حقن دماء السودانيين ووقف المواجهات، لما لها من انعكاسات إنسانية خطيرة، وخارجيا، مخاوف جديّة من انتشار الفوضى والجريمة إلى دول الجوار والمنطقة.
أمام هذا الواقع اختتمت قمة دول جوار السودان بتشكيل آلية وزارية بشأن الأزمة على مستوى وزراء الخارجية، مع التشديد على ضرورة “منع السودان من التفكك”.
لكن بالرغم من هذه الخطوة، تشكل آليات التطبيق الكثير من علامات الاستفهام، فهل تنجح قمة دول الجوار في رسم خارطة موحدة لخروج السودان من أزمته؟، وكيف يمكن تجنب التدخل الأجنبي في الصراع السوداني؟، وما آليات ضمان عدم تفكك الدولة السودانية؟.
أما السؤال الأبرز فهو: كيف يمكن الضغط على الأطراف المتصارعة لوقف إطلاق النار واتخاذ الحوار سبيلا للحل؟.
ماذا يقول خبراء؟
يقول الكاتب والباحث السياسي السوداني، فايز السليك:
“قمة القاهرة جاءت في وقت مناسب وتستحق الاهتمام، لثقل الدول المشاركة فيها، خاصة مصر كونها دولة مهمة جدا للسودان، وغيرها من الدول المجاورة التي تتأثر بما يحدث في السودان، فالحرب تلقي بظلالها على تلك الدول خاصة في مسائل الأمن”.
“القمة عقدت سريعا بعد قمة إيغاد، التي أقيمت بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا”.
“شاركت دولتان من إيغاد في قمة القاهرة، وهو أمر مهم، هما إثيوبيا وجنوب السودان”.
“لضمنا نجاح كل هذا، لا بد من توحيد المسارات وتكوين منبر تفاوضي واحد، ودمج المبادرة التي بدأت بالسعودية بدعم أميركي، وجهود اللجنة الرباعية التي تضم أميركا والسعودية والإمارات وبريطانيا، مع جهود إيغاد ودول الجوار”.
“غير ذلك ستكون المسألة غير مضمونة، لأن توحيد الجهود سيضمن وجود أكثر من لاعب مؤثر بالأحداث”.
“التحدي الأبرز”
من جانبه، قال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية، عمرو الشوبكي إن توحيد المسارات “ضروري”، لكنه اعتبر أن هناك “تحديا” أكثر صعوبة أمام الصول إلى حل في السودان، قائلا:
“توحيد المسارات مهم، لكن المشكلة ليست في عدد المبادرات، لأنه لدى العالم العربي ودول جوار السودان والمجتمع الدولي، توافقات على الرؤية القائمة على ضرورة وقف إطلاق النار، وإن كانت هناك تباينات فيما يتعلق بالمسار السياسي”.
“لكن التحدي الذي يجب أن نركز عليه، هو كيفية احترام وقف إطلاق النار والوصول إلى هدنة شاملة”.
“كانت هناك محاولات لمراقبة وقف إطلاق النار، والأقمار الاصطناعية رصدت المخالفات، لكن لا وجود لآلية ردع أو محاسبة أو ضغط على طرفي النزاع”.
“ما جرى في القاهرة يعكس أهمية دول جوار السودان، لأنها تقول للمجتمع الدولي إن هناك دولا أخرى من مصلحتها انتهاء النزاع، خاصة أن بعض دول الجوار تعاني أصلا من مشكلات داخلية عميقة”.
“كيف نلزم الأطراف المتصارعة باحترام هذه الاتفاقات؟.. هذا هو التحدي”.
“المطلوب هو إيجاد آلية للجان المراقبة أو المتابعة التي ستخرج من تشاد ويتم العمل عليها الفترة المقبلة، ولا بد لها أن تمتلك آليات للتواصل مع طرفي النزاع”.
“تعزيز المخاوف”
أما رئيس تحرير موقع “نيلوتيك بوست”، نور الدين عبدا، فقال إن “قمة القاهرة عززت المخاوف من المخاطر التي قد تلحق بالسودان إذا استمر الحال على ما هو عليه”. وأضاف:
“قمة القاهرة عززت التأكيد على أن الوقت ينفد من الجميع، وأن السودان قد يتجه بسرعة غير متوقعة إلى تفكك الدولة، بقدر لا يمكن السيطرة عليه، وقد حذرت كلمات المشاركين في القمة من هذه المخاوف”.
“بالرغم من ذلك، لم تخرج القمة بمقترح أو مبادرة واضحة لدفع الأطراف نحو احترام الهدنة، واحترام ما تبقى من الدولة السودانية”.
“الدعوة لوحدة السودان والحفاظ على سيادته مهم، لكن لا يمكن تحقيق ذلك إذا لم يتم دفع طرفي القتال هناك إلى احترام الهدنة. لا بد من أن تكون هناك آلية رادعة أو عمل فعلي ميداني لوقف انتهاكات الهدن”.