تكتسب قمة الرياض أهمية خاصة وخاصة فيما تتعرض له القضية الفلسطينية من تحديات إستعمارية إسرائيلية تستهدف تأبيد إحتلالها الإستعماري الإحلالي الإرهابي لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليا .
بيان إجتماع جدة التشاوري :
يشكل إجتماع جدة التشاوري لمجلس التعاون الخليجي وبمشاركة مصر والأردن والعراق محطة هامة في تنسيق مخرجات قمة الرياض ووفقا للبيان الختامي كانت فلسطين حاضرة بقوة ” بالرغم من عدم دعوة فلسطين مما اثار تساؤلات حول أسباب غيابها وإن كان التغييب مقصودا وما الرسالة من وراء ذلك ؟ ” فالمتتبع لنص البيان الختامي ” أكد الوزراء على مركزية القضية الفلسطينية واولويتها… إلخ ” وهذا الموقف القديم الجديد المتجدد بات روتينيا لخلوه من أي آلية عمل لترجمة ذلك الموقف إلى خطوات عملية ضاغطة على الولايات المتحدة الأمريكية للكف عن إنحيازها ودعمها اللامحدود للمستعمر الإسرائيلي العنصري وسياسته العدوانية التوسعية بحماية أمريكية مما تساهم بشكل كبير على تعنت الكيان الإستعماري الإسرائيلي ورفضه تنفيذ اي من القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية وفي مقدمتها إنهاء إحتلالها الإستعماري لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته الحرة المستقلة بعاصمتها القدس .
العلاقة السعودية الفلسطينية :
من حيث المبدا العلاقة السعودية الفلسطينية متميزة تاريخيا من حيث الموقف السياسي والدعم المالي لمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بقيادة عمودها الفقري حركة فتح وتبني حقوق الشعب الفلسطيني في كافة المنظمات والهيئات الإقليمية والدولية .
تتسم هذه العلاقة لرابط ومرجعية وبعد ديني وليس فقط للعوامل السياسية والقومية .
فالرابط الديني الذي تعمل قوى غربية على فصم عراه بهدف إدماج الكيان الإستعماري الإسرائيلي بالجسد العربي والإسلامي لن يكتب له النجاح فسورة الإسراء تبين ذلك بقوله تعالى ” سبحان الذي أسرى بعده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير ” هذا الرابط العقدي الديني يربط ويوحد الجغرافية السعودية الأردنية الفلسطينية مما يرتب على مواطني وقادة السعودية وفلسطين والأردن مسؤولية مشتركة خاصة بالدفاع المشترك عن أمن وإستقرار ووحدة وحرية اقطارها ودعم عناصر قوتها ودعم معالجة عوامل ضعفها فكل دولة تشكل عمقا للدولة الأخرى وأي ضعف لأي منهما يمثل ضعفا للكل وبالتالي مسؤولية دعم نضال الشعب الفلسطيني نحو الحرية والإستقلال ودعم صمود الشعب الفلسطيني في وطنه بكافة الوسائل المتاحة والمكفولة دوليا باتت واجبا في مواجهة كيان إستعماري مصطنع في قلب الوطن العربي الكبير كما يرتب على الجميع التصدي لأي إستهداف دولي مباشر أو عبر وكلاء لأي دولة .
القمة السعودية الفلسطينية توقيت ومعان :
على ضوء ما تقدم يمكن لنا فهم معان لقاء القمة الفلسطينية السعودية التي تأتي :
اولا : في سياق الإعداد السعودي لعقد قمة عربية غير تقليدية تتزامن مع السياسة السعودية لسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بإقامة علاقة دولية متوازنة مع اقطاب العالم دون تبعية تكفل أمن ومصالح المملكة العربية السعودية خاصة والمصالح العربية عموما مترافقة مع العمل الإستراتيجي بتصفير المشاكل المحيطة وما الإتفاق مع إيران إلا دليل قوي مما يدفع بإمكانية الخروج بقرارات قابلة للتنفيذ تعكس وحدة الموقف في كافة الأصعدة السياسية والإقتصادية والعسكرية والأمنية في مواجهة كافة التحديات التي تستهدف أمن ووحدة الأقطار العربية وعنوانها الدائم فلسطين وحرية شعبها وذلك من خلال إدامة الخلافات البينية وحرف بوصلة الصراع التي دللت واثبتت الأحداث أن إستمرارها لم يخدم سوى العدو الإستعماري الإسرائيلي وداعميه وإبقاء الوطن العربي ضعيفا لإبعاده عن إثبات دوره الفاعل كلاعب أساس على الساحة العالمية لما يملكه من عناصر قوة في حال تجسيد وحدة الموقف الجمعي التوافقي .
ثانيا : في ظل تصاعد الجرائم الإسرائيلية وسياسته التوسعية بمصادرة الأراضي الفلسطينية بهدف بناء قواعد إنطلاق للعصابات الإرهابية الإسرائيلية ” مستوطنات ” وتمكينها من إرتكاب جرائمها وإنتهاكاتها جنبا إلى جنب مع قوات جيش المستعمر الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني تمهيدا لتنفيذ مخططهم بشن حرب إبادة وتطهير عرقي من قتل وطرد للشعب الفلسطيني من وطنه التاريخي .
ثالثا : في ظل سياسة الحصار المالي والإقتصادي المفروض امريكيا واوربيا وإسرائيليا تساوقت معه بحسن أو سوء نية بعض الدول العربية للأسف الشديد على منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وعلى الحكومة الفلسطينية وبالتالي على عموم الشعب الفلسطيني داخل الارض المحتلة خاصة في محاولة للضغط بهدف تطويع موقف القيادة الفلسطيني ورمزها الرئيس محمود عباس للتنازل عن القدس وعن البرنامج الوطني بالنضال بكافة الوسائل من أجل الحرية والإستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس والقبول بحلول إنسانية معيشية أي بكلمات أخرى الإستسلام لأهداف العدو الإسرائيلي المرفوض شعبيا فلسطينيا وعربيا وإسلاميا ومن أحرار العالم على إمتداد الوطن العربي الكبير والعالم الإسلامي بل والعالم .
رابعا : إنتهاكات المقدسات الإسلامية والمسيحية وخاصة في المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي وكنيسة القيامة بهدف تهويدها والنيل من إرادة المسلمين والمسيحيين انما وجدوا .
خامسا : هرولة بعض الدول للتطبيع مع ” إسرائيل ” مع إستمرار جرائمها وإنتهاكاتها بحق فلسطين ارضا وشعبا بتحد صارخ لميثاق ومبادئ واهداف الأمم المتحدة وللقرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية مما فهم من غلاة الإرهاب والتطرف والعنصرية الإسرائيلي وكأنه ضوء أخضر بدعم سياستها العدوانية التوسعية وبرفضها إنهاء إحتلالها لاراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليا وبسيادته على عموم الأراض الفلسطينية والعربية المحتلة خلافا لقرار التقسيم ولقرار رقم 67 /19 / 2012 وحتى للمبادرة العربية التي رد عليها المستعمر الإسرائيلي الإرهابي بإجتياح المدن والقرى الفلسطينية عام 2002 .
النتائج المتوخاة للقمة الفلسطينية السعودية :
من أهم التوقعات التي يأمل الشعب الفلسطيني بقواه أن تخرج الاجتماعات بقرارات عملية يتم الإتفاق بموجبها على خطة عمل تنفيذية تعمل السعودية بالتنسيق مع القيادة الفلسطينية لتحقيق :
أولا : أن تبادر المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان تقديم مساعدات عاجلة لفلسطين وبإجراء الإتصالات اللازمة للعمل على إنهاء الحصار المالي المفروض على منظمة التحرير الفلسطينية قبل إلتئام قمة الرياض بما يعزز من صمود ومنعة الشعب الفلسطيني في وطنه بمواجهة سلطات المستعمر الإسرائيلي الإرهابي .
ثانيا : ربط مستوى العلاقات مع امريكا خاصة ودول العالم بمدى إلتزام ها بإتخاذ إجراءات ضاغطة على ” إسرائيل ” لوقف جرائمها وإنهاء إحتلالها تنفيذا للقرارات الدولية بدءا من تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2334 .
ثالثا : حشد رأي عام عالمي لدعم مشروع قرار بتجميد عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة لعدم إلتزامها على مدار سبعة عقود ونصف تنفيذ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 273 الذي إشترط لقبولها عضوا في الأمم المتحدة تنفيذ الكيان الإستعماري الإسرائيلي للقرارات رقم 181 و 194 .
رابعا : تجميد الدول التي يربطها علاقات سياسية واقتصادية وعسكرية مع الكيان الإستعماري الإسرائيلي العنصري الإرهابي الذي يتباهى مجرم الحرب نتنياهو بأن هذه الإتفاقيات أتت بحكم قوة ” إسرائيل ” وذلك كوسيلة ضغط لإلزامه إنهاء إحتلاله الإستعماري الإحلالي لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليا خاصة في ظل إنكار قادة هذا الكيان واحزابه إنكار وجود الشعب الفلسطيني وبالكشف عن مخططاته التوسعية التي بينتها الخارطة التي عرضها الإرهابي سوموتيرش في باريس والتي يعرضها حزب الليكود في مكاتبه بضم الأردن وأجزاء من دول أخرى لكيانه الإرهابي .
خامسا : صدور قرار ملزم بدعم ميزانية السلطة الوطنية الفلسطينية اي ميزانية دولة فلسطين تحت الإحتلال وتسديد الإلتزامات السابقة المستحقة على بعض الدول تنفيذا لقرارات قمم عربية سابقة .
سادسا : الضغط على الدول التي تعترف بالقدس ونقلت سفاراتها إلى القدس سحب إعترافها وإغلاق سفاراتها بالقدس لمخالفتها القانون الدولي الذي يحظر إحتلال أراض دولة أخرى من حيث المبدأ ولإنتهاكها إتفاقية جنيف الرابعة للعديد من قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة .
الشعب الفلسطيني إذ يقدر للملكة العربية السعودية بقيادة الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان عدم الرضوخ للضغوطات التي مارسها الرئيس الأمريكي السابق والتي تمارسها حاليا إدارة الرئيس بايدن للإعتراف بالكيان الإسرائيلي الإستعماري دون تنفيذ إنهاء إستعماره وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه بتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .
كما يقدر الشعب الفلسطيني دور السعودية بالتمسك بالقرارات الدولية وبالمبادرة العربية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف تنفيذا للقرارات الدولية ذات الصلة دعما لحقوق الشعب الفلسطيني الأساس وردا على الإشاعات المتتالية التي يبثها نتنياهو وأدواته بقرب توقيع إتفاقية تطبيع دون تقديم ما يسميه اي تنازل للشعب الفلسطيني نحو تحقيق حريته وإستقلاله .
كما يتطلع الشعب الفلسطيني أن يلمس خطوات عملية تترجم واقعا مركزية القضية الفلسطينية عبر البدء بإنهاء الحصار المالي الذي يعزز صمود الشعب الفلسطيني ونضاله الوطني بكافة الوسائل المكفولة دوليا حتى الحرية والإستقلال وأهمية تجميد الدول المطبعة على أقل تقدير علاقاتها الإقتصادية مع إسرائيل الإستعمارية الإرهابية في رسالة ذات مغزى للقيادتين الأمريكية والإسرائيلية بإنتهاء مرحلة الدعم النظري والإكتفاء بإصدار البيانات التي لم تعد تسمن ولا تغني من جوع والإنتقال إلى مرحلة التنفيذ…
التنسيق الأردني الفلسطيني السعودي المصري الجزائري يحتل في المرحلة القادمة أولوية قصوى للتحرك المشترك عالميا دعما لحق الشعب الفلسطيني بالحرية والإستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وعزل الكيان الصهيوني الإسرائيلي العنصري الإرهابي على الساحة العالمية ما أمكن عقابا على جرائمه المصنفة جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وشنه حرب إبادة وتطهير عرقي بحق الشعب الفلسطيني دون خوف من المساءلة والعقاب نتيجة للدعم والإنحياز الأمريكي والأوروبي في إنتهاك صارخ للشرعة الدولية….؟
نجاح القمة الفلسطينية السعودية اساس لنجاح قمة الرياض…. والشعب الفلسطيني على ثقة بتحقيق القمة الثنائية وقمة الرياض تطلعات الشعب الفلسطيني المرابط في وطنه والمناضل بكافة الوسائل المكفولة دوليا حتى تحرير وطنه بدعم من أحرار العالم دولا وشعوبا…. ؟
قمة الرياض… فلسطين العنوان والأولوية؟ د فوزي علي السمهوري
12
المقالة السابقة