عروبة الإخباري- كتب سلطان الحطاب
أخيراً وبشكل واضح وجلي “يبق أبو مازن البحصة” ويعلن بشكل لا غموض فيه ولا مجال للاجتهاد عليه، انه مع المقاومة الموصوفة بالشعبية، وفيها طيف واسع من المقاومة الوطنية المنتجة والموصلة والمقربة الى يوم التحرير والخلاص.. وهذا الشكل من المقاومة الذي دعت له القيادة الفلسطينية أمس في اجتماعها على مستوى الحكومة، كان الرئيس محمود عباس قد دعا له منذ سنوات وعمل على تكريسه وتقريب مفهومه للاذهان..
كثيرون لم يكونوا يدركون معنى المقاومة الشعبية ودلالاتها وعمق تأثيرها وعدم تعارضها مع القرارات الدولية ، بل وتفهم العالم لها، فقد كانت الانتفاضة الاولى “انتفاضة الحجر” من صلب المقاومة الشعبية ومن عناوينها البارزة ..
وكانت القيادة الفلسطينية قد اتخذت جملة من القرارات الاستراتيجية والمصيرية المتعلقة بالمقاومة والعلاقة مع اسرائيل والولايات المتحدة الامريكية ووضعتها موضع التنفيذ بشكل تكتيكي يضمن ان تؤتي أكلها.. ولكن الادارة الامريكية كذبت على الرئيس عباس في زمن ترامب بعد ان التقاه الرئيس عباس ، وكانت النتائج سلبية وسقطت (ترامب) وجاء بايدن ووعد وما زال لم يف، وسيزور المنطقة، وها هي القيادة الفلسطينية تقول: ” وان عدتم عدنا” ، ولذا وضع الرئيس عباس في اجتماعه الاخير مع قيادته القرارات كلها في موقع الانطلاق والتنفيذ عشية استمرار المماطلة الامريكية التي تحمي اسرائيل وتدافع عنها..
لم يبق عند الفلسطينيين صبر على الممارسات الاسرائيلية وعلى التأييد الامريكي لها، وحتى اوروبا اصبحت بعض دولها رهن الاشارة الامريكية، ويأتي منها الضغط..
عباس يدخل مرحلة “للصبر حدود” مما جعل الادارة الامريكية تتحرك مجددا لاحتواء الموقف الفلسطيني، فكان مبعوث الادارة مساعدة وزير الخارجية الأمريكي (باربرا ليف) وكانت محاولات وزير الخارجية أنتوني بلينكن، وطلبت الادارة مهلة وتأجيل انفاذ القرارات الفلسطينية وعدم تعكير زيارة بايدن، ولكن الرئيس عباس الذي سيلتقي بايدن في بيت لحم بعد العيد ما زال يشكك في النوايا الامريكية ولا يجد فيها جديدا عما سبق، ويحذر من استمرارها وهو يحتكم الان الى القيادة الفلسطينية التي وضعت القرارات برسم التنفيذ ويدعو الى اطلاق مقاومة شعبية واسعة وعميقة وشاملة تمكن كل الشعب الفلسطيني من الانخراط في صفوفها..
فقد لاحظ الرئيس عباس نجاح الاشكال التي استعملت من المقاومة واهميتها وتنوعها ونجاحها في القدس منذ ازالة الكاميرات عن بوابات الأقصى وابطال الهجمة الاستيطانية في الشيخ جراح والصمود الهائل في مدن وقرى فلسطين والتصدي للمستوطنين بصدور عارية ومعركة رفع العلم الفلسطيني في كل مكان، مما دفع الرئيس الى القول “نستطيع وحدنا ان ننجز وان نصمد وان نعتمد على انفسنا” في سياق واسع يشمل العمل الاقتصادي والزراعي والصناعي، وكلها من اشكال المقاومة لأنها تؤكد الصمود..
لم يستسلم الشعب الفلسطيني ولم ينحن وما زال يقاوم وينجح، وما زالت خطط اعدائه تفشل.. واذا كانت اسرائيل بممارساتها العدوانية في الهيمنة والاستعمار وبحماية الولايات المتحدة ودعمها وتسخير امكانياتها الكبيرة لخدمة المخططات الاسرائيلية قد تمكنت من احتلال عواصم عربية سياسيا وتطبيعيا فإنها بعد ثلاثة ارباع القرن من النكبة واكثر من نصف قرن من احتلال القدس لم تستطع ان تحتل ارادة الشعب الفلسطيني، فبقي الشعب الفلسطيني يقاوم احتلالها وهو الكفيل بتحرير وطنه وحتى امته من خلال نموذج صبره وصموده ومقاومته، وتقديم النموذج الشجاع الذي لا يخاف..
بايدن على الابواب ما زال يهدد وينذر ويسحب النظام العربي الى المغارة الإسرائيلية، وما زال اطفال فلسطين وشبابها يلوحون بالاعلام الفلسطينية ويسقطون رهاناته ويفضحون خططه..
لا خيار سوى حل الدولتين ولا مجال كما قال ابو مازن في “مسافر يطا” في تصنيع فلسطين وتشجير جبالها وزراعتها، لا مجال الا بالاعتماد على النفس وتقديم النموذج الفلسطيني الذي يقوده ابو مازن ويدخل به مرحلة جديدة من المقاومة، وتجنيد الجماهير الفلسطينية وحضها على المقاومة الى ان تشرق شمس الحرية وما ذلك بعزيز على الاحرار..
فتحية للمقاومة وعلى مؤيديها ان ينهضوا لتأييد هذه المرحلة التاريخية التي سيكون لها ما بعدها..