تبدو صادمة تصريحات قائد حرس الحدود العميد الركن حسين الزيود، بشأن أوضاع الحدود الشمالية؛ وذلك بعد كل أخبار النفي الحكومية لوقوع أي حادثة على تلك الحدود، وبما كان يعطي انطباعا بأن “الجبهة” هادئة، فلا يعاني الجيش هناك أي صعوبات.
خلال التغطية الصحفية على مدى الأشهر الطويلة الماضية، لا أذكر خبر تأكيد معلومة واحدة بشأن اشتباكات على الحدود مع سورية، أو محاولات تسلل من قبل مدنيين وعسكريين، باستثناء تلك التي أعلنها مصدر عسكري؛ إذ لطالما حملت “المانشيتات” نفي الحكومة لحدوث كذا، وضبط كذا.
كلام العميد الزيود واضح وصريح؛ قدّم وجبة دسمة من المعلومات بشأن الحالة على “الجبهة”، وبشكل يضرب الرواية الحكومية التي طالما تعاملت مع المعلومات المتواترة بمنطق النفي. ما يحدث على الحدود الشمالية، باختصار، هو تزايد عمليات “التهريب والتسلل” منذ مطلع العام الحالي. إذ وصف الزيود الأوضاع هناك بـ”المشتعلة”، بما يناقض تماما الصورة التي تسعى الحكومة إلى رسمها.
المعلومات والحقائق هي ما يحتاجه الإعلام. وكذلك الأمر فيما يتعلق بالمواطن، ليبني مواقفه من مختلف القضايا؛ المحلية والإقليمية. وهو ما لم ننجح به في مختلف الملفات!
ليس جديدا أن نعرف أن حرس الحدود لطالما عانوا من استمرار تدفق اللاجئين السوريين إلى أراضي المملكة، والذين يصل عددهم إلى المئات يوميا. لكن المستجد والخطير هو ارتفاع عدد محاولات التسلل من قبل الجماعات المسلحة المتطرفة.
الظاهر أن العمل مضنٍ على “الجبهة” بدرجة أكبر بكثير مما كنا نتصور؛ فمحاولات تهريب السلاح والعتاد لا تتوقف، وتجار الحرب حاضرون دائما، ما يزيد الأعباء، ويفرض محددات كثيرة تهدد الأمن الوطني، لا سمح الله. إذ سُجلت 99 محاولة تهريب خلال العام 2013، مقابل 5 حالات منذ مطلع العام الحالي؛ تخللتها محاولات تهريب أسلحة وذخائر.
محاولات تهريب الأغنام أيضا قصة كبيرة، وتسبب قلقا لحرس الحدود. فهي محاولات يومية، وبأعداد كبيرة، لحساب مستفيدين محليين من تجار المواشي. وقد يضطر الحرس أحيانا إلى قتلها، ما يرتب أثرا بيئيا سلبياً. وتشير أرقام الجيش إلى أن عدد الأغنام التي تم تهريبها في العام 2013 بلغ 975 ألف رأس.
بالمحصلة؛ الأحوال على الحدود الشمالية متوترة، وثمة جهد كبير يُبذل، ليلا ونهارا، لحماية البلد، وتسهيل مهمة اللاجئين الذين فروا بحياتهم من ظلم النظام الدموي الذي ضحّى حتى الآن بأرواح 150 ألف إنسان سوري.
وأغلب الظن أن الأحوال ستزداد سوءا خلال الفترة المقبلة، خصوصا إذا ما قررت واشنطن خوض معركة أوكرانيا ضد روسيا على الأرض السورية. إذ سيعني ذلك ارتفاع عدد اللاجئين، كما أيضا زيادة محاولات تهريب السلاح والمقاتلين عبر الحدود.
القلق الرسمي من اتساع خطر الإرهاب تؤشر عليه مبادرة الحكومة إلى ادخال تعديلات على قانون منع الإرهاب، تتضمن تجريم الالتحاق بالتنظيمات الإرهابية في الخارج.
تماسك الجبهة الداخلية في وجه التحديات المختلفة، بحاجة إلى رواية رسمية توفر المعلومات بصدق، وتتعامل مع المجتمع وعقله باحترام. والتفاف الأردنيين حول بلدهم بحاجة إلى تقديم صورة حقيقية عن الوضع الحساس على “الجبهة الشمالية”.
نشكر الجيش الذي يتعامل بشفافية عالية مع أكثر الملفات حساسية