الجولة الجديدة من مسلسل “جنيف 2” الطويل التي قد تعقد الاثنين المقبل لن تكون مختلفة عما سبقها، فالبراميل المتفجرة لا تواصل تدمير الاحياء على رؤوس السوريين فحسب، بل تمضي في تدمير اوهام الحل في رأس الاخضر الابرهيمي وكل من يظن ان الحل قريب في ظل الواقع الميداني، الذي يغرق سوريا اكثر فأكثر في وحول الصوملة!
كان فاضحاً جداً ان يقول سيرغي لافروف من ميونيخ ان روسيا تعجز وحدها عن الحل في سوريا، ربما كان عليه ان يتذكر ان روسيا وحدها هي التي رعت الازمة وعمّقتها، لأنها دعمت النظام وراهنت معه على الحل العسكري وساعدته في افشال كل الحلول السلمية، باسقاط “المبادرة العربية” ثم بإفشال مجلس الامن الذي سيواجه الآن “الفيتو” الروسي الرابع، لمنع صدور قرار عربي – اوروبي يدعو الى ضرورة إيصال المساعدات الانسانية الى المحاصرين في حمص القديمة وغوطة دمشق!
وكان فاضحاً جداً ان يعود جون كيري الى الحديث عن طائلة العقوبات واللجوء الى القوة، في مواجهة النظام، الذي تكاد المدة المتفق عليها لتسليم ترسانته الكيميائية تنتهي ولم يسلّم إلا 5 % منها، متجاهلاً الموضوع الانساني الذي فشل مؤتمر جنيف في ترتيب اتفاق عليه!
“الفيتو” الروسي الجاهز لمواجهة قرار يتعلق بالموضوع الانساني، حاضر ايضاً لمنع اي قرار يتعلق بالتملص من تسليم الكيميائي، الذي تتردد انباء عن ان النظام ينقله الى جبال العلويين ويسرّب بعضه الى حلفائه، استعداداً لاحتمال الوصول الى التقسيم وقيام دولة علوية حصينة، تترك ما يتبقى من سوريا ميداناً للفوضى والقتال بين “الجيش الحر” وبين “داعش” و”النصرة” وما يفرزه الصراع من تشكيلات على الطريقة الصومالية!
خلال عشرة ايام في “جنيف 2” سقط 1900 قتيل في سوريا بمعدل 190 قتيلاً في اليوم وثمانية قتلى تقريباً في الساعة، ولم يتم الاتفاق على شيء، ولست ادري ما هي “البداية المتواضعة التي يمكننا ان نبني عليها” كما يقول الابرهيمي، الذي عندما حدد الاثنين المقبل موعداً لجولة جديدة قال المعلم “هذا شأنه وقراره وسنرى”!
خلال هذه الايام العشرة افاض جون كيري في الانشائيات السياسية الواهية، فقال ان “الاسد لن يكون جزءاً من اي حكومة انتقالية، وليس من الوارد ومن المستحيل تصور ان يستعيد الرجل الذي قاد الرد الوحشي على شعبه الشرعية ليحكم”. وليد المعلم يقول انه رفض التفاوض مباشرة مع الاميركيين ما لم يعتذر كيري عن كلامه، والخارجية الاميركية التي قالت انه يكذب بدت هي الكاذبة، عندما قالت انها عرضت الاتصال بالسوريين على “مستوى الموظفين” من خلال الابرهيمي، ولكأن موظفيها ليسوا اميركيين بل من الداهومي!