عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب..
لعلك من موقعك المسؤول الأكثر انتباها في الوطن العربي، فقد خبرت الخذلان العربي وذكرته في العديد من كتبك التي مازالت لم تنشر، ولكنها برسم الاطلاع.. إدعوا إخوّتك، ولكنهم ألقوك في الجبّ حين قبلوا حلف عدوك ولم يكتفوا بحصار شعبك ، فقد جاءوا على قميصك بدم كذب، وهم يدعون الآن أنهم عطّلوا الضم، في حين عقدوا حلفهم مع الذئب الصهيوني، بل قالوا وهم ينفضون ايديهم من القضية ان الذئب قد اكلك، ولكنهم نسوا أن وراءك شعباً لا يخذل قادته، ولا يخذل شهداءه واسراه، لقد ظل من ادعوا الأخوة يتآمرون، وظلوا اضافة سلبية للقضية التي ادعوا انها قضيتهم الأولى والمركزية نفاقا وايهاماً لشعوبهم المغلوبة على أمرها..!!
منهم من ركبوا الدبابات وأقاموا الانقلابات وعطّلوا الديمقراطية والمشاركة، واضطهدوا شعوبهم، وباعوا مقدراتها وقالوا: “لا صوت يعلو فوق صوت المعركة”، فكانت معركتهم ضد شعوبهم وضد كل عربي يرفع رأسه او يتهمهم بما فعلوه في يوسف..
هؤلاء ليسوا اخوتك ولا يجب ان يكونوا.. ضلّوا ولذا خرجت اليوم عن طوعهم، وتمسكت بحقوق شعبك التي فرطوا بها وما زالوا.. لقد جاءوا بالذئب الى فراشك، ورفضوا حتى الان تمثيل الجريمة التي ارتكبوها في السر وعادوا لارتكابها في العلن وبفجور، معتبرين أن زمن الحقيقة لن يأتي ..
يستكثرون عليك ان ترفض وان تقول لعدوك “لا”، او حتى أن تنبه من عدوانه وتحالفاته..
لقد سعوا باقدامهم الى حضن عدوّهم واستنجدوا به، ودسوا الأفعى في صدور اوطانهم، واقاموا حفلة الزار ليغطوا على الفضائح التي ارتكبت وما زالت ترتكب تحت شعار (ابراهام) “حتى انت يا بروتس” ، حتى أنت يا خليج.. تشحذون خناجركم على تاريخ من الشهداء والاسرى لتطفئوا نوره..
يا يوسف الفلسطيني .. يا أبا مازن إنهم في ضلالهم يعمهون، فقد كنت ترى منذ زمن بعيد ما رأته “زرقاء اليمامة” ، وقد كنت حذرت وانذرت ودعوت..
من قبلك تركوا الرئيس الراحل عرفات يموت في كل يوم مرات ،وهو محاصر في المقاطعة كمدا على أمة مترامية لم تنقذ شرفها ولم تدفع عنه الحصار، ولم تمكنه من ان يدلي بشهادته في قمة بيروت عام 2002 .
قالوا لك الآن: اذهب أنت وربك فواجه الاحتلال وسلّم له، ولم يكتفوا بذلك بل دبروا طعنك والايقاع بك و اعداد قيادات هجينة مصطنعة، يريدون زرعها في وطن لا يعترف إلّا بالشهداء والصادقين والاوفياء..
لقد اخذتهم عزه اموالهم بالاثم، وانقلبوا على من علمهم ان العروبة لا تتحقق لعربي إلا اذا تعمد بالكرامة، ورفض الخيانة والتدخل الاجنبي..!!
ما زلت انت وشعبك محاصر في اكناف بيت المقدس، كما حوصر آل محمد في “الشعب” ما زلت في خندق العروبة الاول فلسطين، وما زلت تضمد الجراح وتدعو للصمود والاستبسال وتقول: “ربي إن تهلك الصامدين في فلسطين فلم يتذكر احد من امتك الشهادة او المروءة او ذكر اسمك المجرد بايمان..!!
يا أبا مازن وقد بلغت من الكبر عتيا، وكان مكتوبا عليك أن تنهض بما لم تنهض به الأمة كلّها ، وأن تبقى تحمي شرف الأمة أمام أجيالها الطالعة والمغلوب على أمرها، وأن تبقى بصمود شعبك تحمي الثغور وأن لا يؤتى من قبلك!!
ما زال قميصك المخضب بدم شعبك يتاجرون به ويفرشونه بساطا أحمر تحت أقدام القتلة الذين دعتهم عواصمهم.. فلله درّك من صابر وقد كللهم العار والخذلان الذي اقترفوه..
سيكتب التاريخ أن اسرائيل احتلتهم برغبتهم، فقد راودوها عن انفسهم في حين لم تستطع احتلال ارادة شعبك بعد مرور أكثر من قرن على مقاومة الفلسطيني للغزاة..
اليوم يتركونك في حصار الاحتلال وفي نزيف الانقسام الذي كرّسوه استجابة لرغبة اسرائيلية ، وانتظروا أن تستسلم وأن ترفع راية بيضاء وحاولوا استبدالك بخونة يتكلمون لهجة فلسطينية ويدعون الانتماء الى فلسطين فانكشفوا.. ولكن هيهات لهم أن ينالوا منك..
هذا زمن الاستحقاقات الصعبة التي ابقاك الله لتتعامل معها وتصدها وتتصدى بإرادة شعبك الذي لن يقر روايتهم، ولن يقبل ما وصلوا اليه من هوان بين الأمم حين انقلبوا على الأمة تاريخا ومصيرا..
يا أبا مازن هذه لحظات فارقة فقد عرفتهم وعرفت مواقفهم الخاذلة والمتآمرة منذ زمن طويل ، وقد أصبح منهم اليوم من أسس للصهيونية العربية التي بدأت تطرح ثمارها وقد وصل بهم الفجور في دعواهم اليوم ما وصل..
إصبر يا أبا مازن فإنك في بيت المقدس واكنافه .. إصبر بما لدى شعبك من طاقة نضالية وعزيمة، فهذا الذي تراه من الغثاء الرسمي العربي ما هو إلا سراب ،وما هذه الانظمة إلا انعكاس لمرايا خادعة وسيخرج من تحت رمادها ، من يصدق دعوتك ومن يؤمن بحق شعبك فلا تيأس ولا تبتئس..
لقد أغراهم الشيطان الاسرائيلي وصدقوه وفتنتهم (راحاب) التي أدخلت زناتها الى أسوار أريحا، وها هي تدخلهم الآن إلى الخليج، فهم لم يروا من خطورة اسرائيل شيئا ولم يعرفوا أو تعاموا عن المعرفة.. ولم يقرأوا ما كتبته الدكتورة خيرية قاسمية
عن المخططات الصهيونية التي تستهدف الخليخ منذ عام 1908..
يا ابا مازن، نقول بغضب وشجاعة: “دوس على كل الصعب وسير”، فقد تعود شعبك أن يرى في قيادتك الصلابة ، وما هي إلا مرحلة وينبثق الفجر وبيان الخيط الابيض من الأسود ، وما النصر إلا صبر ساعة!!
قم وانهض الآن وعالج الانقسام واعدد أرادتك للقادم، فلستم – إن لم يكتب النصر لكم بالعمل- إلا مشاريع شهادة في زمن الخذلان ، وحتى تكتب لكم الحياة والحرية واصل عملك مع العالم الحر الذي دشنت معه طريقا ما زلت تواصله وأنت تحمل رسالة السلام العادل المشرف الذي تطالب به ، وقد أدركت بتجربتك أن الحضن الأوروبي ومعظم الأجنبي أكثر رحمة وموّدة وتفهما وانسانية مما عليه ذوي القربى في انكار حقوق شعبك وتزوير إرادته، فما هؤلاء الذين يخرجون عليك ليسلموك إلا أحفاد المرتدين على “محمد” ومن بقوا بعد حصاره لخيبر..!!
هذه ربع الساعة الأخير ليعلن الفلسطينيون بقيادتك المزيد من صمودهم وتحصينه بوحدتهم، فهم اليوم وحدهم في الخندق الأخير وقد إنفض النظام العربي وذهب أكثره لاقتلاع أشواكه أو المراودة عن نفسه لبقاء من يحكمون على كراسيهم..
وقد وضعوا كل مقدرتهم لانجاح ترامب وإدارته التي تآمرت على الفلسطينيين والعرب.. لقد تبعوا الترامب ودافعوا عنه رغم أنه باعهم في سوق النخاسة وتندر عليهم وأهانهم..
لقد تبعوه كالكلب الذي يحب خنّاقه دون أن يدركوا أنه أرادهم وقودا لحملته الانتخابية وقربانا لخدمة اسرائيل!!
يا أبا مازن.. يا يوسف الفلسطيني!!
4