كتب سلطان الحطاب –
تصريحات الرئيس ترامب المتكررة والمتناقضة عن غزة هي اشبه بالنوبات التي تصيب صاحبها، فيفقد تركيزه قبل أن يعاود الحديث.
آخر هذه النوبات حين رثى لأهل غزة أحوالهم ودعى لهم بحياة آمنة، بعد أن وردوا الجحيم وعاشوه على حد تعبيره، وهو يعلم جيداً أنه هو من صمم هذا الجحيم وهو مقاوله وصاحب إحالته على إسرائيل وله براءة اختراعه وأن الحكومة الفاشية الاسرائيلية بقيادة المايسترو نتنياهو انفذت الماكيت المرسوم باخراج استعراضي مدمر.
الجوقة الأمريكية المتطرفة التي يتقدمها السفير الأمريكي في اسرائيل ماكابي، هم كمن يرشون على الموت سكرا والسفير أكثر غلوا من غلاة اليمين الإسرائيلي، وهو يحرض المجرمين الاسرائيليلين على مواصلة جريمتهم ويبارك افعالهم ويحتسبها في باب الدفاع عن النفس.
كل «نوبات» وخطط ترامب هي مصائد للايقاع بالفلسطينين، واحدة تلو الآخرى، سواء في غزة التي يتواصل حريقها وحرب الابادة التي التهمت كل شيء، أو حتى في الضفة الغربية التي اصبح جرحها غائراً وهي تذهب على نفس الطريق الذي ذهبت عليه غزة، سوى أنها تموت بصمت أمام سمع وبصر العالم كله بما في ذلك القيادة الفلسطينية التي ما زالت تقرأ تعاويذ المقاومة الشعبية التي لم ترد في أي من وصفات الوضع القائم
يتقدم الأمين العام للأمم المتحدة، فيشخص حالة القضية الفلسطينية، أفضل من أي تشخيص آخر، واستمعنا اليه وقد اكتفت اسرائيل باتهامه بمعاداة السامية، وأنه يتجاوب مع الدعاية الفلسطينية ويشجعها.
جحيم ترامب القائم يتكرر باشكال مختلفة، فهو يريد للفلسطينيين جحيماً من الترحيل حين أقام الميناء الجاهز الصناعي على شاطئ غزة، بداية حرب الابادة الاسرائيلية في غزة، ولكنه لم ينجح في سوق الفلسطينيين للصعود على الرصيف، الذي كان سينقلهم عبر البحار الى اشتات الأرض، فقد كانت جذورهم في غزة رغم الموت، والإبادة أقوى من الانتزاع، وفضلوا خيارات أخرى، هي الموت في الخيام والمدارس، والموت جوعاً على أن يروا أنفسهم في شاحنات الترحيل خارج وطنهم.وقد استسلموا ولوحوا بايديهم ومابقي عندهم من أكفان
أما المصيدة الثانية التي تحمل بصمات ترامب وابداعه، فهي منظمة غزة للغذاء الاميركية والمكونة من جنود مدججين بالسلاح مرتزقة وقتلة كالذين عملوا في العراق في بلاك ووتر بيد احدهم بندقية وفي اليد الثانية مغرفة الطعام، يلوح بها ولا يستعملها، ولكنه يستعمل البندقية غالبا في صدور المنتظرين وجبة طعام لأطفالهم داخل ممرات شائكة ومغلقة ترمى فيها القنابل المسيلة للدموع واشكال من القذائف والمقذوفات التي تتفجر في صفوفهم كما ترميهم الطائرات المسيرة بالرصاص مباشرة.
جحيم ترامب هذا يعترف به في الحالتين،
الجحيم المفضي للترحيل
والجحيم المصمم للجوع، والقتل وهما ما زالا باقيان يهدد بهما، ولم يغلق هذا الجحيم بعد ولم يدعو لاستعمال غيره.
ما ينطبق عليه القول وهو يصرح مدعيا بعذاب اهل غزة دون ان يفعل شيئا، (لا تنظر الى دموع عينيه بل أنظر الى فعل يديه.)
فماذا بعد الجحيم الذي ما زال قائماً يعبره الفلسطينون بمئات الشهداء يومياً، والى متى سيبقى ترامب صاحب امتياز الجحيم يقيمه ليلتهم أجساد الأطفال المجوعين.قلبه معه ولسانه عليه
وهل انتهاء الميناء والذي لم يعد مستعملاً يعني مغادرة فكرة الترحيل أم أن روح الميناء حلت في فكرة اقوى تتبلور عشية صياغة الاتفاق الجديد، اتفاق الستين يوماً الذي مازال على النار والذي حشرت فيه شروطاً معجزة ينتظر ترامب من الفلسطينيين عدم القدرة على قبولها أو انفاذها ليعاود (نوبته) في قلب الطاولة تحت دخان ما أسماه الستين يوماً لاطلاق سراح المحتجزين، وادخال الغذاء دون أن يكون هناك أفق سياسي للعملية ودون ضمانات كافية، وقد لدغ الفلسطينون والوسطاء من جحر ترامب اكثر من مرة.
عوامل فشل المفاوضات المطروحة أقوى من عوامل نجاحها،حتى الان فهل ينتظر الفشل لأن عوامل النجاح اعتقلتها اسرائيل مبكراً ومفرداتها ترد على لسان المجرم بن غفير وسموترتش، وغيرهم ويكررها نتنياهو الذي يعتقد أن ضمانات ترامب له بمنع محاكمته اسرائيلياً، وقد تعيده الى الحياة السياسية والانتخابات، ليكون ملك اسرائيل بلا منازع بعد طول المدة التي حكمها.
ماذا لو فشل اتفاق الستين وما هي اسوأ السيناريوات أو السيناري والتي لمح لها الرئيس محمود عباس
لم يبق بعد فشل المحادثات التي صممت نتائجها، كعقوبة للفلسطينيين لا يقوى احد على قبولها، تتلخص في استئناف حرب من نوع آخر، أكثر ابادة وأقرب الى مسح سكان غزة جميعاً باسلحة ابادة مرصودة للاستعمال وهذه أحد أهداف الحكومة النازية الاسرائيلية، أما البعد الآخر من نتائج الفشل، فهو ترحيل الفلسطينيين عنوة بمتابعة التجويع والشروع العملي بالترحيل القسري، وبالتالي يلتقي الهدفان، وهو القضاء على الفلسطيني وتفريغ الأرض واستلام غزة المدمرة فارغة واحالتها الى عطاء أمريكي لترامب تحدث عنه كثيرا ومازال