كتب سلطان الحطاب –
السياسة الخارجية الأردنية تجاه القضية الفلسطينية في حالتها الصعبة والمعقدة الآن، حيث يواجه الشعب الفلسطيني حرب ابادة واقتلاع من وطنه، هذه السياسة التي يترجمها بإتقان بتوجيه من الملك مباشرة وزير الخارجية المميز أيمن الصفدي، نراها ماثلة بنشاط ترد على العدوان
وتسرد الرواية الاردنية والتي هي بالضرورة متطابقة مع الرواية الفلسطينية عبر مختلف المحافل، رواية تزعج الاحتلال وتجعله مداناً بافعاله وتطلع العالم على المدى الخطير الذي وصله العدوان الاسرائيلي، والذي ما زال يحرم الشعب الفلسطيني من حقوقه الأساسية. المعترف بها دولياً وأبرزها حقه في تقرير مصيره واقامة دولته الوطنية المستقلة على ترابه الوطني.
يتميز الموقف الأردني في السياسة الخارجية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، بالنشاط الملموس والواضح، وبالقدرة على تصدير فائض القدرة في امتلاك رؤية متماسكة وأرشيف من الحقائق المتراكمة بخبرات واختبار ودراية قواسم عالمية.
الوزير الصفدي أمس وضع وزيرة الخارجية الفلسطينية الجديدة التي عينها الرئيس ابو مازن، في موقعها، وهي السيدة فارسين شاهين، في صورة العمل الاردني ومكوناته واتجاهاته والقاعدة التي ينطلق منها، ويستند اليها في وقت صعب، يجري فيه شن حملات معادية ومغرضة على السياسة الخارجية الأردنية، للنيل منها وبتدبير من اعدائها في مختلف مواقعهم، والذين لا يروق لهم أن يتميز الأردن أو أن ينهض بدوره الوطني والقومي الواجب عليه.
فارسين شاهين وزيرة الخارجية الفلسطينية كانت بحاجة الى هذا الاتصال وسعت اليه، وقد ربطها الوزير بشبكة اتصالات ومواقع عديدة يمكنها ان تشكل منصات لفهم الموقف الفلسطيني والدفع باتجاه تحقيق وقف الحرب على الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، وكسب المزيد من التأييد، وإبعاد السياسة الخارجية الفلسطينية عن الجمود والحصار وتشويه العدو لها… خاصة بعد النجاحات التي تحققت لها في المحافل الدولية وفي مشوار الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهو المشوار الذي تحققت فيه خطوات عديدة باتجاه الاعتراف الكامل بالدولة الفلسطينية.
قرار الرئيس عباس باعفاء محمد مصطفى من حقيبة الخارجية التي كان يحملها بالاضافة الى موقعه كرئيس وزراء واعطاء هذه الحقيبة لدبلوماسية نشيطة، هي فارسين شاهين، جاء بعد جمود ومراوحة وحاجة الى اسناد، خاصة أن الخارجية الفلسطينية ظلت ضعيفة في ادائها ومرتبكة ومترددة، باستثناء الأدوار المميزة لها في الامم المتحدة والجمعية العامة ومجلس الأمن، والتي كان يختص بها مندوب فلسطين ذو الخبرة، السفير رياض منصور، الذي تولى هذا الموقع منذ عام 2005، وما زال، وكذلك ما تقوم به السفيرة المميزة لدى الاتحاد الأوروبي وفي بروكسل السفيرة أمل جادو، التي لم تاخذ دورها المطلوب في الماضي، بعد تجميدها في المركز لفترة، وها هي الآن تلعب الدور الإيجابي المطلوب بنشاطها المتقد وقدرتها على امتلاك دورها المناسب والفاعل المتحرر من ضعوطات داخلية، جرى كشفها، وذلك بدعم مباشر لها من الرئيس عباس.
فارسين، وهي دبلوماسية ناجحة وقد سمعت تصريحات لها عن السياسية الخارجية الأردنية كنموذج، قالت إنها تسعى للاطلاع عليها تماماً والاستعانة بها وتوظيف ذلك في رزمة برامجها وأعمالها، حيث نشطت محطات الدبلوماسية الأردنية في المرحلة الأخيرة من عهد وزارة الصفدي في تمكين السفارات الأردنية الأساسية من أن تلعب دوراً نشطاً اكثر حيوية وانتاجية في مجال الوقوف الى جانب القضية الفلسطينية والانتصار لها في كافة المحافل، باعتبارها ايضاً قضية وطنية وجزء من الأمن الوطني والواجب القومي الذي لم يحد عنه الأردن على الاطلاق.
مازال الأردن يرعى ويتمسك بحل الدولتين ومخاطر تعطل هذا الحل أو استبداله بحل آخر، يحمل الخطورة، وقد وضح الملك ذلك جلياً في خطابه أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ، حين أكد على حلّ الدولتين وعدم الجدوى من الهروب للأمام واطلاق مصطلحات غير ناضجة وغير مثمرة كحل الدولة الواحدة حيث تحتفظ إسرائيل بطبيعتها الصهيونية التميزية العدوانية التوسعية.
الصفدي وفارسين، يعتبران الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة في الخامس من حزيران والى اليوم، احتلالاً غير شرعي وغير قانوني سواء في الضفة الغربية او غزة أو شرق القدس.
الاتصال الهاتفي مع الوزيرة الفلسطينية، حمل خطة عمل مشتركة، وفيه العديد من المواضيع والمستجدات والحاجة الى تنسيق خاصة في هذه المرحلة من ربع الساعة الأخيرة للعدوان الاسرائيلي الخطير الذي ما زال يحمل عوامل تفجير رهيبة لا يعرف مداها والذي يستند الى سياسات امريكية وغربية تحتاج الى تفنيد ومواجهة وعمل متصل ورادع لوقف التاييد الأعمى لاسرائيل في عدوانها.
الأهم الآن هو العمل المشترك، الأردني – الفلسطيني، مع دول العالم وبسرعة وفاعلية لوقف حرب الإبادة بالقتل والتجويع والبحث عن كل الوسائل الممكنة وتجنيدها في سبيل ذلك، وتمكين الشعب الفلسطيني من النجاة ومن حياة كريمة، لأن كل الاجراءات الاسرائيلية المتخذة ليست شرعية ولا قانونية استناداً الى القرارات الشرعية وقرارات حقوق الانسان.
الأردن من خلال الوزير الصفدي، وتأكيدا على المواقف الأساسية الملكية أكد على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وهذا الموقف أصبح مكلفاً بعد أن خفضت كثير من الأصوات عنه وحان وقت اعلائه، لأن الفلسطينيين في نضالهم المستمر منذ النكبة، دفعوا ثمن ذلك، وبدا العالم يتفهم ذلك، ولذا لا بد من حصاد الجهد الفلسطيني الذي ثمنه دماء غزيرة نزفت وشهداء وخسائر باهظة لتقريب يوم حرية الشعب الفلسطيني، وهو ما يدعو له وزير الخارجية الأردني صاحب الصوت النظيف.