عروبة الإخباري –
في عالمٍ تتحرك فيه الابتكارات بسرعة الضوء، وتتبدل التحالفات وفق منطق المصالح والفرص، لم يكن من المتوقع أن يُدرج لبنان — بلد الأزمات المتراكمة — على لائحة اهتمامات رجلٍ مثل إيلون ماسك. لكن ما حصل مؤخراً يكسر كل التوقعات: اتصال هاتفي مباشر بين ماسك والرئيس اللبناني جوزيف عون، ناقشا فيه إدخال خدمات شركة ستارلينك إلى لبنان.
بين الثقة والإبداع: لماذا لبنان؟
ماسك لم يختر لبنان اعتباطًا. بل كان واضحًا في حديثه، مؤكدًا أن ثقته بالطاقات البشرية اللبنانية، وبقدرات العقل اللبناني الإبداعية، هي من الأسباب الأساسية خلف رغبته بالاستثمار التقني في هذا البلد. في تصريح ملفت، قال ماسك إن “الابتكار لا يعرف حدودًا، وقد رأيت في اللبنانيين عقولًا تستحق أن تصل إلى الإنترنت بسرعة الضوء.”
لبنان، رغم ما يمر به، صدّر آلاف المهندسين والعلماء إلى العالم، وشارك أبناؤه في تأسيس شركات كبرى في وادي السيليكون. تلك السمعة لم تغب عن نظر ماسك، بل كانت دافعًا لرؤية أن هذه الطاقة تستحق بنية تحتية رقمية بمستوى عالمي.
مشروع تكنولوجي بأبعاد إنسانية
مشروع ستارلينك، الذي يهدف إلى إيصال الإنترنت عبر الأقمار الصناعية إلى كل ركن من العالم، يحمل في خلفيته رسالة: كسر الفجوات الرقمية، وتمكين الشعوب. وفي لبنان، لا تُقاس الحاجة فقط بالتكنولوجيا، بل بـ”كرامة الاستخدام” وحق الوصول إلى المعلومة والتعليم والفرص.
يرى ماسك أن ستارلينك يمكن أن تكون منصة لإنعاش التعليم الإلكتروني، ودعم ريادة الأعمال، وتمكين الشباب اللبناني من الانخراط في الاقتصاد الرقمي العالمي — من الجبال النائية إلى قلب العاصمة.
بين السماء والواقع.. هل يتحقق الحلم؟
الرئيس عون لم يتردد في الترحيب، وأكد على استعداد الدولة اللبنانية لتقديم التسهيلات اللازمة. لكن في بلد يتقاطع فيه السياسي بالاقتصادي، وتقف فيه مصالح الاحتكار ضد أي نفس جديد، يبدو الطريق أمام المشروع محفوفًا بالتحديات.
ومع ذلك، فإن دخول شخصية بثقل ماسك، وثقته بلبنان، يمكن أن تحفّز تحولات أعمق — ليس فقط في البنية التحتية، بل في عقلية القرار.
لبنان الذي يثق به العالم
حين يؤمن إيلون ماسك بلبنان، فهو لا يراهن على دولة، بل على شعب مبدع، وعقول اخترقت حدود الجغرافيا. مشروع ستارلينك ليس مجرد إنترنت أسرع، بل نافذة إلى مستقبل يستحقه اللبنانيون.
في زمن اليأس، تأتي الثقة كأعلى أشكال الدعم. وماسك، بطريقته الفريدة، قال للبنان: أنا أؤمن بعقولكم… فلنفتح معًا نافذة على النجوم.