عروبة الإخباري –
نداء الوطن – غادة حلاوي –
حديثه عن مساعدة سوريا مدعاة استغراب. كيف لحزب خرج من حرب منهكاً أن يساند بلداً آخر بعد كل التضحيات التي سبق وبذلها في سبيل إنقاذ نظامه. لكأنه تقصد القفز فوق ما مني به في الحرب، علماً أن حزب الله كان مدعواً بعد نهاية هذه الحرب لأن يخرج بخلاصات مختلفة، ويوضح للرأي العام حقيقة ما ألمّ به، وتسبب في خساراته الفادحة، بدءاً بفقدان أمينه العام، وما صحة الروايات التي تتردد بهذا الصدد.
تسارع التطورات
تسابق التطورات والوقائع في سوريا تجعلها في دوامة متقلبة يوماً بيوم، إن لم يكن ساعة بساعة. ما تشهده سوريا كفيل بأن يقلب المعادلات في المنطقة. على وقع تلك التطورات ستتم مقاربة الموضوع الرئاسي في لبنان. سقوط حماه وما قد يليها من سقوط محتمل لحمص على حدود لبنان، له أن يرسم معالم الرئيس المقبل أو يرجح كفة مرشح دون غيره.
من غير الواضح بعد، كيف سيتعاطى حزب الله مع الاستحقاق الرئاسي. على عكس خطابه الأول، لم يقارب الأمين العام الموضوع الرئاسي في خطابه الثاني بعد وقف النار. لم يؤكد دعم مرشحه سليمان فرنجية بالشكل الذي سبق وقاله المسؤول في حزب الله الحاج محمود قماطي لناحية التمسك بفرنجية. خيار لم يعد هو الأول في عين التينة والرئيس نبيه برّي، الذي ربما لم يعد بعيداً عن التقارب مع معراب رئاسياً، ويريد أن يسبقه إليها حليفه التاريخي وليد جنبلاط مقابل الابتعاد عن التنسيق مع التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل.
في المساعي الأولوية أو ما رشح منها، تغلب القوات منطق التفاهم مع برّي، لاعتقادها أن حزب الله أفل دوره السياسي كما العسكري بعد الحرب الأخيرة مع إسرائيل، بدليل اتفاق وقف النار الذي فرض عليه وضعية معينة قيدته وحدّت من حضوره في عقر داره.
تعدد التفسيرات
وإذا كان الأمين العام اعتبر أن حزب الله وافق “على اتفاق إيقاف العدوان الذي يشكل آلية تنفيذية للقرار 1701 وهو ليس اتفاقًا جديدًا وليس قائمًا بذاته”، فإنها قراءة تعاكس قراءات أخرى من بينها قراءة القوات اللبنانية، التي ترى أن الترتيبات الأميركية الفرنسية لاتفاق وقف النار وردت كوثيقة استسلام من جانب حزب الله لشروط إسرائيل، بدليل عوامل عدة من بينها وليس حصراً فك الارتباط مع غزة. وهو الشرط الذي سبق ورفضه لمرات عدة قبل الحرب الإسرائيلية لكنه عاد ورضخ له رغمًا عن إرادته.
وإن لحظ الاتفاق للطرفين حرية الدفاع عن النفس، فإن إسرائيل تتصرف وتؤكد عبر تصريحات مسؤوليها، أن الاتفاق منحها هذا الحق دون حزب الله. وبالتالي، فهي لن تتراجع عن ضرب أي هدف تعتبره تهديداً وستحظى بموافقة الدول الضامنة للاتفاق أي الولايات المتحدة الأميركية، بالمقابل لن يكون لحزب الله الحق بالرد على إسرائيل، لأنه مصنف أميركياً على أنه منظمة إرهابي.
اتفاق وقف النار و1559
تعتبر القوات أن مقدمة الترتيبات التي وردت في الاتفاق هي ذاتها التي وردت في نص القرار 1559، التي تدعو بوضوح إلى نزع سلاح حزب الله. وقد وافق الحزب على ذلك من خلال توقيع الحكومة اللبنانية التي حصلت على موافقة الحزب من رئيس مجلس النواب نبيه برّي، وهو بمثابة اتفاق استسلام سيجبر الحكومة على ضبط الحدود مع سوريا، لمنع انتقال السلاح إلى حزب الله.
في تقدير خصوم حزب الله وأولهم القوات، أنه خرج من الحرب مهزوماً ومأزوماً، ويجب التصرف معه على هذا الأساس في جميع الاستحقاقات، ومن بينها الاستحقاق الرئاسي.
تشير الأجواء الراهنة إلى أن الوضع الداخلي مقبل على تشنج، على خلفية بنود اتفاق وقف النار وسلاح حزب الله، وسنكون أمام مواقف مسيحية داعمة لنزعه ومطالبة باستعادة السيادة. وبينما يؤكد التيار الوطني الحر على موقفٍ محوره جعل قدرات المقاومة ضمن القوى الشرعية للدولة بالتحول التدريجي، من خلال تشجيع الحزب على التحرر من الوصاية الإيرانية والانحياز لمصالح لبنانية بحتة، بما يصب في استراتيجية منع التوترات مع الطائفة الشيعية.. تسعى القوات اللبنانية إلى “مواجهة مباشرة” مع الحزب لكسره سياسياً، بالتماهي مع مصالح خارجية، لدرجة أنها تأسف لانتهاء الحرب الإسرائيلية على حزب الله على ما تعبر تصريحات مسؤوليها.
وبذلك يكون البلد منقسماً بين نهجين: أحدهما يهدف إلى تهميش حزب الله ويزيد الانقسامات الطائفية، وآخر براغماتي ويتبناه التيار الوطني الحر، والذي يسعى إلى مصالحة الشيعة مع المشروع الوطني، والأخذ بالاعتبار هواجسهم الأمنية. وهو ما يحتاج إلى حوار بين جميع الأطراف اللبنانية، كتحدٍ كبير في الوضع الراهن للبلاد.