عروبة الإخباري –
الأطفال هم الثروة الحقيقية لأي مجتمع، وحمايتهم وصون حقوقهم ليس رفاهية بل واجب وطني وأخلاقي. في الأردن، تنطلق الجهود الرسمية والشعبية لحماية حقوق الطفل من التزام عميق بالقيم الإنسانية، التي تترجمها التشريعات والسياسات الوطنية، بالتوازي مع الالتزامات الدولية. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات ماثلة، تستدعي توحيد الجهود لمواجهة العنف ضد الأطفال بحزم وفعالية.
الإطار القانوني: حماية متكاملة للطفل
الأردن من الدول التي صادقت مبكرًا على اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، وأقر العديد من القوانين المحلية التي تعزز حمايته. على رأسها قانون الأحداث لعام 2014، وقانون الحماية من العنف الأسري، وقانون العقوبات الذي شهد تعديلات جوهرية لتغليظ العقوبات على مرتكبي الجرائم ضد الأطفال. كما أسست الدولة مؤسسات متخصصة، مثل إدارة حماية الأسرة، التي تعمل على حماية الأطفال من العنف وإعادة تأهيلهم.
العنف ضد الأطفال: أشكال مستمرة رغم الجهود
العنف ضد الأطفال في الأردن لا يزال تحديًا ملحًا، ويتخذ أشكالًا عدة:
- العنف الأسري: حيث يتعرض بعض الأطفال للإيذاء الجسدي والنفسي داخل منازلهم، وهو ما يتطلب تعزيز ثقافة التربية الإيجابية.
- عمالة الأطفال: الناتجة عن الفقر والظروف الاقتصادية، ما يحرم الأطفال من حقوقهم في التعليم والحياة الكريمة.
- التنمر المدرسي: الذي يهدد صحة الأطفال النفسية والاجتماعية، ويدفع البعض للتسرب من المدارس.
- العنف الإلكتروني: الذي يتزايد مع انتشار الإنترنت وغياب الرقابة الأسرية الكافية.
جهود الأردن في مكافحة العنف ضد الأطفال
الأردن يبذل جهودًا مستمرة لحماية الأطفال عبر مبادرات وبرامج فعالة، منها:
- أداة متاحة للإبلاغ عن حالات الإساءة للأطفال، ما يعزز دور المواطن في الحماية.
- برامج التوعية والتثقيف: حملات مكثفة تهدف إلى تغيير ثقافة العنف ونشر الوعي بحقوق الطفل.
- تدريب العاملين في المجال القانوني والاجتماعي: لضمان تقديم خدمات تتماشى مع المعايير الدولية.
- إنشاء المحاكم المتخصصة: التي تهدف إلى الإسراع في النظر بقضايا الأطفال وضمان تحقيق العدالة.
التحديات: معوقات بحاجة إلى حلول جذرية
رغم التقدم الكبير، لا تزال هناك عوائق تحول دون تحقيق الحماية الكاملة للأطفال، منها:
- الثقافة المجتمعية: إذ لا تزال بعض الممارسات ترى العنف وسيلة للتأديب.
- الظروف الاقتصادية: التي تدفع بعض الأسر إلى تشغيل الأطفال أو إهمال احتياجاتهم الأساسية.
- غياب آليات الرقابة الإلكترونية الفعالة: ما يجعل الأطفال عرضة للاستغلال الرقمي.
- ضعف التنسيق بين الجهات المعنية: حيث تحتاج الجهود إلى مزيد من التكامل لضمان الفعالية.
التوصيات: خارطة طريق لحماية الأطفال
- تعزيز التشريعات: استحداث قوانين أكثر شمولية وصرامة لحماية الطفل، مع تطبيق حازم لها.
- تكثيف التوعية: تنظيم حملات مستدامة تستهدف الأسرة والمدرسة لتغيير المفاهيم الخاطئة حول العنف.
- تمكين الأطفال والأسر: دعم الأسر الفقيرة ببرامج تنموية تمنع اضطرارها لإشراك الأطفال في سوق العمل.
- الرقابة الرقمية: تطوير برامج رقابية لحماية الأطفال من مخاطر الإنترنت، بالتوازي مع توعيتهم بالاستخدام الآمن.
الخاتمة: حماية الأطفال مسؤولية الجميع
الأطفال هم جوهر المستقبل وركيزته الأساسية. أي عنف يُمارس ضدهم لا يهدد حياتهم فحسب، بل يهدد استقرار المجتمع بأسره. مسؤوليتنا الوطنية تتطلب منا جميعًا، كأفراد ومؤسسات، أن نكون درع حماية لهم، لا نقف مكتوفي الأيدي أمام أي انتهاك لحقوقهم. بمزيد من العمل المشترك والالتزام، يمكن للأردن أن يبني بيئة آمنة ومزدهرة لأطفاله، ويقدم نموذجًا عالميًا يُحتذى به.