أبدأ بهذه الأخيرة، هي كلمة عامية شائعة في الأردن والمشرق والخليج العربي، تعني ذوي الرؤوس الخاوية. لكن المراد في هذا المقام هو الإشارة صراحة إلى ذوي النوايا غير الحسنة ممن لا يملكون جراءة الحطابين في افتعال الأزمات وقدح مستصغر الشرر فيعملون بأقوالهم وأفعالهم وأحيانا بصمتهم على ممارسة دور من «يْهَوّي» على النار حتى تشبّ وتستعر دون أن يعير وزنا لما اقترفه من جريمة نكراء كالتي شهدناها بعد منتصف ليل السبت على الأحد الماضي في عمّاننا الحبيبة.
قد يرى الناس بوضوح الحطابين، أولئك الذين يعدون العدة خيفة وغدرا ينتظرون الريح، فإن أتت على غير نواياهم الفاسدة استدرجوا مجموعة من المغفلين «المْهَوْيين». ومن لم يردعه «جهاده وممانعته» المزعومة عن الاتجار بالسموم المسماة المخدرات، يعلم كما كشفت التحقيقات مع جميع التنظيمات الإرهابية في العالم، أن عالم المخدرات والرذيلة والعمالة ما هي إلا خيوط شبكة واحدة ممسكوها الصغار يعملون عمل الخلايا لا تعرف الواحدة الأخرى.
إن كان التعامل مع الحطابين معظمه من مهام جهات إنفاذ القانون من الأجهزة الأمنية والعسكرية، فإن واجب الاشتباك الإيجابي الواعي مع شلل «المهويين» واجب كل من بيديه هاتف أو أي من الألواح الإلكترونية وحتى في جلسات التواصل الاجتماعي غير الافتراضية كالاصطفاف على طابور كنافة خشنة أو ناعمة!
أقول «شللا» لسد الباب على المتقولين من باتري الجُمل وإخراج الكلِم عن موضعه. إن أيا من الجماعات البشرية من أي اتجاه كان وعلى أي أرض وجدت، ليس من حقها الإفلات من المساءلة القانونية على خطاب الكراهية والتحريض. عرفتُ عن قرب من قطعوا أرحاما على خلفية اختيارات انتخابية، أو معاركهم الدنكشوطية حول سلع يقاطعون ما ثمنه فلسات -وهي لوكلاء أردنيين وأشقاء عرب نحبهم ويحبوننا- ويعاقرون في عواصم «الجوار» ما لا يقل مصروفه شهريا عن عشرات بل ومئات الدولارات! ليس سرا أنه بعد كل عملية مكافحة لتهريب المخدرات وسلاح العصابات وتجار البشر، ترتفع أسعار السموم بمن فيها تلك التي يتم «التهوية» عليها للاشتعال! الإرهابيون مأفونون لا ريب، والمْهَوْيون كذلك..
لم تكن مفاجأة تلك الأحداث التي سمعناها من الأردن قبل أيام، فصنع المحتوى «الخارجيّ» على الدين والوطن والقيم الحميدة والسلوك السوي، صنعه كما ترويجه كما الصمت المريب عن صانعيه ومروجيه والنباح الجماعي ضد كل من يشهر كلمة حق في وجوههم القميئة بقناع وبلا قناع فقد «سقط القناع عن الوجوه الفاجرة» كما كان يردد البعض في زمن عاشت فيه الأمة حينها أيضا نكبات ونكسات التدليل والتضليل السياسي والديني.
آن الأوان القضاء على تلك «الشلل» واجتثاثها من جذورها الشيطانية. قبل ذلك لا بد من تجريف وتحريق المراتع والأوكار..
الحطّابون وشلل «المْهَوْيين»!* بشار جرار
4
المقالة السابقة