صدر العدد المزدوج، العدد الثامن والتسعون والعدد التّاسع والتّسعون من المجلة الثّقافيّة التي تصدر عن الجامعة الأردنيّة، ويتولّى رئاسة تحريرها الأستاذ الدكتور محمد شاهين، وتقوم بالتصميم والإخراج منال عمر.. وقد جاءت افتتاحيّة العدد التي كتبها رئيس التحرير بعنوان «توني يُت (Tony Judt): نافذة على الحرب والسّلم في الصّراع الحالي(2009)» يشير فيها إلى ما صنعته وتصنعه الحكومة الصهيونيّة من دمارٍ وإبادةٍ جماعيّة وتطهير عرقي غير مسبوق ويشير إلى مقالة يُت اليهودي الذي لا يكفّ عن نقد الكيان نقددًا لاذعًا لإصراره على القتل والعنف بدل البحث عن السّلام فمشروعه التوسّعي الاستيطاني لا يقف عند حدّ، وقد بيّن أنّ حلّ الدّولتين غير قابل للتّطبيق، فبينما كلّ الصّراعات انتهت إلى حلّ، لا يبدو الصّراع في هذه المنطقة قابلاً للحلّ لأنّ الصّهاينة الذين صدّرتهم أوروبا والغرب إلى فلسطين جاؤوا محمّلين بعقيدة الإبادة والتطهير العرقي والعنصريّة والاجتثاث، فليس من سبيل لتحقيق نتيجة من التفاوض ما دام الكيان يقوم على الأساطير والرؤية الأحاديّة ومنطق القوّة ليس غير.
وعلى عادة المجلّة تخصّص لكلّ إصدار محورًا خاصًّا وجاء المحور بعنوان «أنا لغتي» تعبيرًا عن العلاقة الوثيقة الحميمة بين اللغة العربيّة وهويّة الأمّة، وجاء العنوان الفرعي للمحور بعنوان «اللغة العربيّة من الأفق العربي إلى الفضاء الكوني».
شارك في هذا المحور أربعة كتاب هم: عيسى برهومة الذي شارك بمقال عنوانه «تعالق اللغة والهوية في عوالم متشابكة» أكّد فيه دور اللغة ووظيفتها على حياة اللغة والحيلولة دون اندثارها وقدّم تحليلاً لمفهوم اللغة والهويّة، وعلاقة الإنسان باللغة وتكاملهما وأشار إلى مثالين يتصلان بقوّة اللغة والتحديات التي تجابهها وتناول الآراء التي تحافظ على اللغة على اختلاف منطلقاتها وأهدافها ووقف عند العولمة والتخطيط اللغوي وأشار إلى تعامل بعض الأقوام والشّعوب في الحفاظ على لغاتهم وربطها ربطًا جدليًّا بالحضارة والهويّة.
وشارك محمد عصفور بمقالة عنوانها «التّاريخي والمتخيّل» تناول فيه ما هو واقعي وما هو متخيّل واستند في ذلك إلى تعريف كوليرج للخيال والعلاقة بين المادّة الخام والمادة المبدعة أو المتخيّلة وأشار إلى أنّنا لا نستطيع أن ننفي المتخيّل لآنّه قد يشكّل أربعة أخماس كلّ تراث ويختم مقالته بقوله «إنّ بين التاريخي والمتخيّل فاصلاً دقيقاً قوامه قدرة الكاتب على الإقناع والإبداع. والإقناع والإبداع لا يعتمدان على مراكمة الحقائق بل على صياغتها في بنية ذات معنى..»
وكتب سليم مطر كامل مقالة عنوانها «من أجل رؤية جديدة للعربيّة وأصولها السّاميّة- الحاميّة» وهي مقالة ثريّة تقترح رؤية متكاملة شاملة لمجمل تنوّعات تاريخ العالم العربي بجميع حضاراته. ولعلّ قيمة هذه المقالة أنّها تفتح الباب للحوار والنقاش والجدل والبحث العميق في معظم النقاط التي وردت فيها.
وكتب هشام البستاني مقالة بعنوان «اللغة والسّلطة؛ العاميّات والفصحى- آفاق تطوّر العربيّة وتراجعها» يتناول فيه الجانب المعياري في النّظرة إلى اللغة باعتباره لغة كتابٍ معجز وقوم معيّنين. وقيمة هذه المقالة، فيما أرى، أنّها تفتح الباب واسعًا للنّقاش والجدل والحوار وتوليد مقارباتٍ وأفكار.
وفي باب دراسات جاءت ثلاث دراسات هي دراسة غازي انعيم بعنوان «الفنّن التشكيلي غسّان كنفاني – أنشودة المحارب، أنشودة الأرض والحريّة- قراءة في سيرته ومسيرته التشكيليّة». وهي دراسة تلقي الضوء على جانب آخر من سيرة غسان كنفاني الروائي والقاص والمسرحي والباحث.
وجاءت الدراسة الثانية للروائي هشام غرايبة بعنوان «الوطن قد يكون مساحة صغيرة بين كتفين- أبطال غسّان كنفاني» يفتتحها يقوله «في موازاة البعد الإيديولوجي في سرديّات غسّان كنفاني نتحدّث عن القصديّة في اختيار أبطال هذه السّرديّات..»
وأمّا النّاقد صبحي حديدي فقد جاءت دراسته تحت عنوان «هويّة الشّكل ومنفى المحتوى في الرّواية الفلسطينيّة المعاصرة» أثار فيها مسائل أربع من خلال النّماذج المختارة هي الهويّة والشّكل والمنفى والمحتوى وأشار إلى روايات أخرى تعاملت على نحو آخر على مستوى الفنّ الرّوائي وأساليب السّرد وعلاقة الشّكل بالمضمون.
وتناولت المحاور الثابتة موضوعات مهمّة؛ ففي باب حوارات » شعر المقاومة كما يراه غسّان كنفاني» وفي باب «في حضرة الغياب» كتب محمد شاهين «من أرشيف ذكريات الجامعة الأردنيّة» وفي باب أقواس «الذي ضم عشر مقالات كتب كلٌّ من آفي شلايم «حرب غزّة في سياقها التّاريخي» وكتب إبراهيم السّعافين «ليست ككل المدائن- أنا والقدس شهادة شعريّة» وكتب علي محافظة «إسرائيل كيان استعماري استيطاني» وكتب محمد شاهين «واغزّتاه -لقد سقط القناع عن القناع» وكتب زياد الزّعبي «القدس في الشّعر المعاصر- تأملات في عبقرية المكان أم في سرّة الكون» وكتب محمد شعير «أمل دنقل.. شاعر فلسطين» وكتب محمد جميل خضر «بين المدرّعة والقصيدة شجرة زيتون وحيّة برتقال» وكتب توني يُت «البلد إسرائيل الذي يرفض أن ينمو» بترجمة محمد عصفور، وكتب نبيل مطر «تساؤلات» وكتبت فرانسيسكا فاودري «ملاحظات على الأسى» وفي باب «فنون » كتب ناجح حسن » اللغة والسينما..- صور مشبعة بالأحاسيس والشّاعريّة البليغة»، وفي باب مراجعات كتب محمد شاهين «إدوارد سعيد- ميادين الفكر: سيرة ثقافيةّ» وكتب علي محافظة «قراءة لكتاب زيدان كفافي- القدس قبل الإسلام: بين النّصوص التوراتيّة والمصادر التّاريخيّة والآثار» وكتبت علا مسمار «بحوث في المنهج لشكري عزيز الماضي» وكتبت مها قصراوي «الواقعي والمتخيّل الغرائبي في رواية» لا يذكرون في مجاز للروائية العمانية هدى حامد.
عدد مزدوج من المجلة الثقافيّة – الجامعة الأردنيّة
29
المقالة السابقة