لو لم يكن للدعاية أثرها وللعامل الزمني فعله في التأثير على القرار لما بذلت المليارات عليها ولما أجمعت عليها قوانين الانتخابات حتى مع تباين أحوال ساحاتها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
لكن الحال لم يبق على حاله من الناحية العملية. فالصوت والصورة ما زالت تلاحق الناخبين والمرشحين معا. الصمت قد يدوم، قد يفرض يوما أو يومين، لكن ذلك الصمت الانتخابي لا يشمل الصور العالقة في الذهن والصوت الخفي «داخل الدماغ».
لا يستهين عاقل وخاصة الخبير بأن ذلك الصوت وتلك الصورة لهما الثقل الأكبر والأثر المستدام في غالب الأمر على ما يتجاوز لحظة الاقتراع. بصرف النظر عن نتائج أي انتخابات، فإنها لا تغير مواقف ناخبيها المخلصين لشخوص المرشحين أو الملتزمين ببرامجهم الحزبية، إن وجدت.
بعض البرامج أقرب إلى الشعارات وقد يكون مصيرها ليس بأحسن حالا من مصير القارمات التي تغولت على العمدان ولم يسلم منها الشجر والحجر والبشر في حال سقوطها على رؤوس المارة!
صحيح أن القوانين التي تضبط الدعاية الانتخابية قد تشمل الفضاء الإلكتروني، لكن ذلك «السايبر» «نابه أزرق» كما يقال، وثمة ذباب ودبابير إلكترونية قد تستغل ذلك الصمت، ذلك الفراغ لتعبئته بما لا يريد خيرا لا بالانتخابات ولا بساحتها.
اللهم حكمة وقوة ومن قبل محبة. المشاركة في العملية الانتخابية كل متكامل لا يصلح إلا إن قام على المحبة والخدمة. الأصل في العمل السياسي والعمل العام هو الخدمة، خدمة الآخر، خدمة الوطن، لا خدمة الذات سواء كان فردا أو جماعة أو منطقة أو جهة. الانتخابات الوطنية لا شعار لها إن سلمت النوايا وصلحت الهمم سوى الوطن أولا، الوطن بمفهومه المباشر الذي يعرفه الدستور بحدوده وأقانيمه ورسالته.
قبل الصمت الانتخابي* بشار جرار
26
المقالة السابقة