أكد رئيس ديوان المحاسبة د. راضي الحمادين، أن خطة إستراتيجية الديوان الجديدة (2024 – 2027)، تؤطر لخريطة طريق واضحة، تستند على توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني، لـ”تطوير عمل الجهاز الأعلى للرقابة المالية في المملكة، وبما يحقق التكامل بينه وبين مؤسسات الدولة كافة”.
وأشار الحمادين في حفل إطلاق الإستراتيجية للديوان بالتعاون مع برنامج “سيجما” في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والذي رعاه رئيس الوزراء د. بشر الخصاونة أمس، تستند أساسا على توظيف التكنولوجيا والعنصر البشري الكفؤ.
وقال خلال الحفل الذي حضره سفراء من دول شقيقة وصديقة لها علاقات وثيقة وفعّالة مع أجهزة الرقابة العليا، إن “الخطة الجديدة، تتضمن خمسة أهداف إستراتيجية، يندرج تحتها تسعة عشر محورا”، إذ بين تقرير مرئي استعرض في الحفل وهو من إعداد الديوان، أن أهم محاور هذه الخطة تمثلت في: تطوير منهجيات التدقيق المبني على تقييم المخاطر، والتركيز على عمليات التدقيق والاستشارة التي تركز على فرص تحسين الإيرادات وضبط النفقات، وتحسين جودة المخرجات الرقابية، وتقديم توصيات ملائمة وقابلة للتطبيق، بما يعزز الأداء المالي والتشغيلي للقطاع العام، وتطوير برامج ضبط الجودة، بالإضافة الى تقييم وتحسين أطر الحوكمة المؤسسية، وإدارة المخاطر والتدقيق الداخلي للجهات الخاضعة للرقابة.
وأضاف رئيس الديوان “أننا ندعم ونعمل على تحقيق رؤى جلالة الملك للتحديث الاقتصادي، وخريطة طريق تحديث القطاع العام بمكوناتها السبعة”، مؤكدا أن الديوان “يتبنى منهجيات التدقيق التي تعزز مراكز الإيرادات وسلامة واكتمال الأنظمة المحوسبة الخاصة بالمعلومات المالية، بما فيها أنشطة الرقابة الداخلية والحوكمة، علاوة على تقديم استشارات وتوصيات، تساعد مؤسسات الدولة على تطوير خدماتها، والذي بدوره يسهم بالارتقاء بمستوى رضا المواطنين”.
وفي إطار الإصلاح السياسي، قال الحمادين إن “الديوان يدقق القوائم المالية للأحزاب والحملات الانتخابية، بالتعاون مع الهيئة المستقلة للانتخابات”، وأنه “نظم مؤخراً ورشة تدريبية متخصصة بتدقيق الحملات الانتخابية وتمويل الأحزاب، اعتمادا على تجارب دولية بالتعاون مع مبادرة سيجما”.
ولفت الى أن الديوان سيعقد الفترة المقبلة، ورشة لأعضاء مجلس النواب الجدد، بالتعاون مع الهيئتين المستقلة والنزاهة ومكافحة الفساد، لـ”اطلاع أعضاء مجلس النواب الجدد، على أدوار الجهات الرقابية، وأهمية التقارير الرقابية ومخرجات التدقيق بتعزيز المساءلة”.
وأوضح الحمادين، أن جلالة الملك، وجّه نحو تعزيز التعاون الدولي والشراكة مع القطاع الخاص، للاستفادة من أفضل الممارسات، مشيرا في هذا الصدد الى أنه منذ بداية العام الحالي، وقع الديوان عدة مذكرات تفاهم مع منظمات وجمعيات مهنية، وشركات محاسبة كبرى، لتوفير تدريب متخصص للكوادر الفنية.
وأضاف الحمادين، “قريباً ستوقع مذكرتا تفاهم مع جهازي الإمارات للمحاسبة والتدقيق البولندي، علماً بأن الديوان يرتبط باتفاقيات مشابهة مع الأجهزة الشقيقة في السعودية وقطر”، موضحا أنه تحقيقاً للتوجيهات الملكية السامية بتعزيز استقلالية ومهنية الديوان، تتجه النية لإخضاع الديوان لمراجعة النظير (Peer Review) بالتعاون مع أجهزة الرقابة العليا في: بريطانيا وبولندا، إذ تعتبر هذه المهمة من الممارسات الدولية الفضلى والتي تطبق في المملكة لأول مرة.
وفي هذا النطاق، أشار الحمادين ‘لى إجراء مهمة استباقية لتقييم أداء الديوان واستقلاليته، باستخدام نموذج قياس الأداء المعتمد من المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة بالتعاون مع البنك الدولي.
وحول دور الديوان بدعم مساري التحديث الإداري والاقتصادي، قال “إننا سننفذ في الأشهر الثلاثة المقبلة مهمة تدقيق عالية الأهمية وطنيا، تتمثل بتقييم عمل وحدات وأنظمة الرقابة الداخلية في الجهات الخاضعة للرقابة كافة”.
وبيّن أن “هذه المهمة، تشكّل متطلباً سابقاً للتركيز على ممارسات التدقيق اللاحق والتخفيف تدريجياً من إجراءات التدقيق المسبق، وهذا يعزز استقلالية الديوان، ويعطي للجهات الخاضعة للرقابة حرية أكبر في اتخاذ القرار، ويساعد بإنجاز معاملات المواطنين دون تأخير”.
وأشار الحمادين الى الدور الأساسي لتوجيهات جلالة الملك في أيلول (سبتمبر) الماضي لعملنا، والذي شكّل دافعا قويا لنا لترجمتها عمليا، إذ ركّزت توجيهات جلالته على ضرورة “تطوير منهجية عمل الديوان وآلية إعداد تقاريره، بصفته أهم أجهزة الرقابة في الدولة، مع الالتزام بمعايير الموضوعية والشفافية، لضمان كشف أي خلل، والحفاظ على إنجازات المؤسسات، بالإضافة إلى أهمية تنفيذ المهام بكفاءة ودون تأخير وفقاً للقانون”.
كما وجّه جلالته إلى ضرورة تعزيز التعاون الدولي والشراكة مع القطاع الخاص، للاستفادة من أفضل الممارسات العالمية، وتفعيل دور وحدات الرقابة الداخلية في الوزارات والمؤسسات الحكومية، مشددا على أهمية دعم دور الديوان في مساري التحديث الإداري والاقتصادي، مع تعزيز التعاون بين الحكومة والمؤسسات الرقابية لتحسين الأداء.
وعودة الى تفاصيل إعداد الخطة الإستراتيجية الجديدة للديوان، بين الحمادين أنها مرت بمراحل عديدة من التحضير والدراسة، وفق منهجية مُحكمة ورصينة، بما يُلبي توقعات الشركاء كافة، وشملت؛ مناقشات مكثفة مع الأطراف ذات العلاقة، بما فيها السلطة التشريعية والجهات الحكومية الخاضعة للرقابة، والمنظمات المهنية والشركاء الدوليين والمواطنين، وأجري تقييم شمولي لبيئة عمل الديوان وواقعه لدى الجهات الخاضعة للرقابة، باستخدام وسائل تحليل واستقصاء متقدمة، وكذلك مراجعة نتائج الخطط الإستراتيجية السابقة، ومن ثم تحديد دور الديوان ضمن المسارين التحديثيين اللذين أمر بهما جلالة الملك.
وأكد الحمادين أهم دعم الحكومة، لتعزيز استقلالية الديوان ودعم خطط التطور المؤسسي، لافتا الى ما تبذله اللجنة المكلفة بتصويب ومتابعة الاستيضاحات الموثقة من جهود، ما يسهم بتسريع استجابة الجهات المعنية لتصويب المخالفات المرصودة، والى دور الاتحاد الأوروبي ومبادرة “سيجما”.
بدورها، أكدت المدير الإقليمي للجوار الجنوبي للاتحاد في “سيجما” التابع لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بيلار اورميخانا أن البرنامج يدعم الخبرات والمعرفة بين المنظمات العالمية.
وقالت اورميخانا إنه منذ العام 2009، تجمع علاقة وثيقة من الشراكة بين الاتحاد والأردن، مضيفة أنه بفضل تمويل الاتحاد، استطعنا دعم الاردن، مشيرة الى تجربة مشتركة سابقة بين الجانبين حول مسودة خريطة طريق لتحديث القطاع العام، مبينة أنه وخلال الـ15 عاما الماضية كان هناك تعاون مع معظم المؤسسات الاردنية ومنها ديوان المحاسبة.
وشددت على أهمية استمرار الديوان بتعزيز دوره المؤسسي، لافتة لمضي الخطة الإستراتيجية الجديدة قدما وفق وتيرة استمرار الديوان في القيام بدوره. مضيفة أنه جرى إعداد الخطة عبر طريقة مهنية، بعد تقييم نقاط القوة والضعف والمخاطر، وبما يتواءم مع خطة تحديث القطاع العام، مشيرة لتضمنها أهدافا واعدة تركز على المستقبل.
أما الأمين العام للديوان أحمد السواعي، فاستعرض مراحل الرقابة للديوان، مبينا رسالة الخطة الإستراتيجية بـ”تحقيق رقابة مستقلة وموضوعية وفق أفضل الممارسات المهنية”، عبر تعزيز الثقة بالعمل الرقابي، وتحسين إدارة الموارد العامة، لتحقيق التنمية المستدامة.
وحول أنواع الرقابة الرئيسة، أوضح السواعي أنها تتمثل بالرقابة على: المالية، والأداء، والالتزام والعمليات، والمشاريع، وأنظمة المعلومات، وتقييم الحوكمة، وإدارة المخاطر، والإستراتيجيات، والداخلية والتدقيق الداخلي.
وعن التقرير السنوي للديوان، أشار السواعي الى أن تطوير شكل ومضمون التقرير السنوي للديوان ضمن مشاريع الخطة التشغيلية؛ يعتمد على “الأهمية النسبية، وتصنيف محتوى التقرير قطاعيا، وعرض إحصائي لنتائج العمليات الرقابية ومستويات الاستجابة، وعرض آراء كلية بفقرات محددة حول الحوكمة، الإستراتيجية، الرقابة الداخلية، التدقيق الداخلي”.