عروبة الإخباري –
اشتهر الدروز في الأردن بين العشائر الأردنيّة، وفي المجتمع الأردني باسم “عشيرة بني معروف” وهم بنو معروف الموحّدون الدروز.
لقد قدِم الدروز الى الأردن من مناطق مختلفة من البلاد العربية مثل سوريا، لبنان وفلسطين. وكان الشيخ أبو رشراش محمد سلمان عطا. أول من اتّخذ قلعة الأزرق مكانًا للإقامة الدائمة، والمؤسِّس الأوّل لوجود الدروز في الأردن في أواخر القرن الثامن عشر، حيث ارتحل المغفور له، بإذن الله، جدّنا الشيخ أبو رشراش محمد سلمان عطا من قرية العانات في جنوب جبل العرب مع أبنائه وبعضًا من أبناء إخوته إلى الأزرق، وحضر برفقة الشيخ محمد عطا كل من الشيخ فؤاد القاضي ومحمد العيد من لبنان رحمها الله. لم تدم إقامتها إلّا فترة قصيرة جدًّا ثمّ عادوا إلى لبنان. مكثوا فيه فترة من الزمن وعادوا إلى الازرق مع أسرهم مثل كثير من أسر بني معروف وعائلاتهم للإقامة الدائمة فيها، ولم يكن في الأزرق أيّ بنيان إلّا قلعتها الأثريّة (قصر الازرق) في وسط الصحراء الأردنيّة والتي تبعد عن العاصمة عمّان شرقا حوالي 120 كم. واتّخذ من القلعة مكان إقامة دائمة وبهذا يكون الشيخ محمد عطا أوّل من سكن الأزرق واستقرّ فيها مع أقربائه من بني معروف. وكانت هذه بداية الاستقرار ووجود الدروز في الأزرق. والتي سميت فيما بعد في السجلات الحكومية والأراضي (بأزرق الدروز) إلى يومنا هذا. تُعتبر اليوم المقرّ الرئيسي للدروز في الأردن. ويتوسّطها ديوان العز والكرامة.
لمحة تاريخية
في بداية عشرينات القرن الماضي بدأت عائلات من بني معروف الدروز بالانتقال إلى الازرق. من سوريا وفلسطين ولبنان ولم تعد القلعة تتّسع لهم. فقام الشيخ أبو صياح هزيمة عطا ببناء أوّل بيت خارج القلعة وذلك في ثلاثينات القرن الماضي. ثم توالى خروجهم من القلعة والبناء خارج أسوارها.
كان الدروز في طليعة مُستقِبلي الجيش العربي القادم من مكّة في الحجاز، والزاحف نحو دمشق في سوريا. خلال الثورة العربيّة الكبرى بقيادة ملك العرب (الشريف الهاشمي الحسين بن علي، مُؤسِّس المملكة الحجازيّة الهاشميّة، في مطلع القرن العشرين، وأوَّل من نادى باستقلال العرب من حكم الدولة العثمانيّة عام 1916م ضد الأتراك العثمانيين).
كان نشامى بني معروف الأبطال برفقة المجاهد الكبير المغفور له، بإذن الله، سلطان باشا الأطرش، وزعماء الجبل في طليعة الذين استقبلوا الجيش العربي في مدينة معان جنوب الأردن. بقيادة الأمير (فيصل بن الحسين الذي كان يزحف بجيشه على ساحل البحر الأحمر، متقدِّمًا إلى الشمال ويحقِّق الانتصارات الواحد تلو الآخر، حتّى احتلّ منطقة الوجه واتّخذها قاعدة للعمليّات العسكريّة في الشمال، فلم تقم للعثمانيين بعد ذلك قائمة في الحجاز. وفي يوليو سنة 1917 أي بعد أحد عشر شهرًا على إعلان الثورة، حرَّرت قوّات الأمير فيصل العقبة. ثم توجَّه العرب إلى معان مركز تجمُّع العثمانيين لوقوعها على خط سكِّة الحديد، فاحتلّوا جرف الدراويش والطفيلة ووادي موسى، وقد أصبح الأمير فيصل فيما بعد ملكًا على سوريا بعد تحرير دمشق من الأتراك. إلى ان تكشّفت مؤامرات وغدر الحلفاء “فرنسا وبريطانيا” بالعرب. احتلّت فرنسا سوريا فغادر الملك فيصل دمشق بعد معركة ميسلون. إلى بغداد ليُبايَع ملكًا على العراق). بما عُرف لاحقًا بعد تقسيم الوطن العربي بموجب اتفاقيّة (سايكس بيكو) الاستعماريّة بين بريطانيا وفرنسا لمناطق النفوذ بينهما.
وصل الجيش العربي إلى واحة الأزرق في الصحراء الأردنيّة. واتّخذ قلعتها الأثريّة مكانًا لتجمُّع القوّات والتحاق العشائر العربيّة والثوّار من مختلف بلاد العرب بجيش الثورة. حتّى اكتمل تجميع القوّات في منتصف شهر أيلول عام 1918م.
في هذه الأثناء انطلق الأبطال النشامى ثوّار بني معروف نحو دمشق ودخلوها منتصرين قبل وصول الجيش العربي إليها. ورفعوا لأوّل مرّة بعد 400 عام العلم العربي على سرايا دمشق.
الشخصياّت البارزة في بداية تأسيس الدولة الأردنيّة
لقد كان لدروز الأردن دورًا بارزًا في تأسيس الدولة الأردنيّة قبل (100 عام). ومن رجالات الدروز الذين كانت لهم بصمات كبيرة في مسيرة بناء الدولة الأردنية:
1- رشيد علي حسن طليع: أوّل رئيس حكومة أردنيّة من بني معروف وهو من جديدة الشوف في لبنان. وُلد عام 1876م وتُوفي عام 1926في قرية الشبكي/جبل العرب ودُفن فيها.
2- فؤاد يوسف حسن سليم: وُلد في بعقلين عام 1894 من أسرة أصلها من جباع الشوف/ لبنان. التحق بثورة الشريف حسين بن علي عام 1916. حارب الأتراك وحارب الفرنسيين، وعندما أعلن الأمير عبد الله بن الحسين تأسيس مملكة شرقي الأردن، تولّى منصب رئيس أركان حرب الجيش العربي الأردني، وهو أوّل قائد جيش في الأردن. استُشهد في معركة مجدل شمس في 3/12/1925 بعد أن ترك قيادة الجيش والتحق بالمجاهد سلطان الأطرش.
3- الدكتور والجرّاح سليمان النجار: طبيب من لبنان، تخرج من الجامعة الأمريكية في بيروت عام 1917. انتقل إلى عمان، ليقدِّم فيها الخدمات الطبيّة للمواطنين. وكان أوّل مدير للخدمات الطبية في 17/12/1947 وقد أقام أول محطّة تضميد ميدانيّة، تحوّلت فيما بعد إلى مستشفى عسكري.
4- العقيد الدكتور فريد طليع: عُيِّن عام 1954 ثاني مدير للخدمات الطبيّة في المملكة الأردنيّة الهاشميّة، وقد أسّس مستشفيات ثابتة ومتنقلة منها مستشفى الزرقاء.
5- العقيد الطبيب سعيد النجار: عُيِّن ثالث مدير للخدمات الطبية بتاريخ 7/4/1957 في المملكة الأردنيّة الهاشميّة، ثم تخصَّص في توفير خدمات طبيّة للقوات المسلّحة الأردنيّة.
6- الدكتور محمد أمين تلحوق: طبيب من لبنان (1894- 1971) وُلد في عيتات، انتقل للأردن والتحق بالجيش الأردني، ووصل إلى درجة عميد. وهو قائد مستشفى عمّان الرئيسي في الأردن. نال عدّة أوسمة.
7- القائد حسيب ذبيان: المرافق الشخصي لجلالة الملك عبد الله الأوّل المؤسِّس للمملكة الأردنيّة الهاشميّة، وأوّل قائد عسكري لمدينة السلط عام 1921، ومن رفاق المجاهد سلطان باشا الأطرش. تُوفي في مدينة الرصيفة عام 1969.
والقائمة تطول بكبار شخصيّات بني معروف الذين كان لهم بصمات كبيرة وبارزة في مسيرة بناء وتأسيس الأردن.
بعد تأسيس الإمارة الأردنية، بدأ البعض من أبناء بني معروف مع عائلاتهم بالتوافد إلى الأردن من سوريا ولبنان وفلسطين. والاستقرار في العاصمة عمّان، واتخاذ الجبل الأخضر أحد جبال عمّان السبعة مكانًا لتواجدهم. ويتواجد قسم منهم اليوم في لواء ماركا التابعة للعاصمة عمّان. وفي بعض مناطق مدينة الزرقاء والرصيفة ولواء الهاشميّة التابع لمحافظة الزرقاء التي تبعد عن عمّان 25 كم. وبعض الأسر في مدينة العقبة الساحليّة في جنوب الاردن.
عائلات بني معروف في الأردن
من عائلات بني معروف الكريمة التي اتّخذت هذه الأماكن للإقامة الدائمة فيها: أبو حمدان – الصفدي – الحلبي- الدبيسي – أبو طريه – القضماني – سمور – جوديه – الحنّاوي -أبو عاصي – بلان – الغرز – غبرة – حسان – نادر – الخطيب – الشوفي – النداف – سعيفان – العلي الباروكي- العطواني – الأطرش – الغصيني – أبو جابر – الشمندي – المقت – الطويل – البصار – رمضان –أبو غانم – الجردي – الحذوة – أبو صالح – الصالح – الدبس – خضر – ذبيان – حسان – الحجلي – جريرة – سكيكر – النجم – المنور – القنطار – عبد الصمد – نفاع – مسعود – الراشد – روند — غلاب – رمضان – حرب.
(نرجو المعذرة من العائلات الكريمة التي ان لم تذكر أسماؤها لضعف في الذاكرة مع كل الاحترام).
الدروز في شمال الأردن والازرق الشمالي
وقد تواجد الدروز في شمال الأردن في بلدة أمّ القُطّين، التي كانت قديمًا مشهورة (بأشجار التين) وسُمّيت أم القطين لكثرة أشجار التين فيها منذ زمن بعيد. وهي تتبع لمحافظة المفرق الأردنيّة المحاذية لجبل العرب في سوريا، وقد كانت هذه القرية تتبع إلى جبل العرب قبل معاهدة (سايكس بيكو). ومن عائلاتها الكريمة: البريحي، نادر، الصفدي، الصريخي، أبو الطيف.
وتواجدوا أيضًا في الأزرق الشمالي وهو المركز الرئيسي لبني معروف في الأردن. والأزرق منطقة تقع في الصحراء الشرقية في المملكة الأردنية الهاشمية. تُعرف منذ زمن بعيد بأنها واحة صحراويّة خضراء جميلة وسط الصحراء الأردنية، غنيّة بالمياه العذبة والمعدنيّة وبها عدد من الآثار والمناطق السياحيّة أهمّها محميّة الأزرق للأراضي الرطبة، ومحميّة الشومري للأحياء البرِّيّة، كما يوجد عدد من القصور الصحراويّة منها قصر الأزرق. وطالما كان الأزرق مستوطنة مهمّة في منطقة صحراوية نائية وقاحلة في الأردن. وتندرج القيمة الإستراتيجية للمدينة وقلعتها (قصر الأزرق) في أنها تقع في وسط واحة الأزرق، وهي المصدر الدائم الوحيد للمياه العذبة في الأردن لوجود الحوض المائي الكبير فيها.
أكبر ثلاث عائلات من بني معروف في الأردن والتي يقيم معظم أبنائها في الأزرق هي:
1- آل عطا /سوريا وفلسطين وهضبة الجولان.
2- آل أبو الطيف/ سوريا ولبنان من فروعها (القصير- العكري- قماش).
3- آل الأعور /سوريا ولبنان
بالإضافة إلى 74 عائلة من عائلات بني معروف الكرام التي تقيم في الأزرق. ومنها آل العفير (زين الدين) من سوريا، البلعوس (شلغين). سوريا، الصبرة – سوريا – وهضبة الجولان، آل اسعيد، القاضي – سوريا ولبنان، العيد – لبنان، حرب – سوريا، أبو زكي – لبنان، الحلح – سوريا، الحسنية – لبنان، رباح – سوريا وفلسطين، الصفدي – سوريا وفلسطين، الحمود سوريا وفلسطين، كيوان – سوريا، أبو عاصي – سوريا، طربيه – سوريا ولبنان والجولان، السلمان – سوريا، العيسمي – سوريا، الشاعر – سوريا، حاطوم – سوريا ولبنان، أبو طرية – لبنان، العقباني، زويهد، والي، الشومري، الحريشة، عامر، أبو هدير، المعاز، سويد/عامر، أبو رشيد، أبو مدين/الصفدي، البحري، الحلح، المنور ، العقيلي، قطرب، نفاع، النجم، البصار ، البحري، سراي الدين، مسعود، غزلان، فاعور، مع واعتذارنا الشديد لجميع عائلات بني معروف الكرام التي لم ترد أسماؤها لضعف الذاكرة.
لقد بنى الرومان قصر الأزرق (القلعة الأثريّة) من حجارة البازلت، وهو موقع حصين له مدخلان اثنان يغلقان بواسطة بوابات حجريّة بازلتيّة سميكة. وهو يقع في واحة الأزرق بالقرب من البرك المائيّة التي كانت تكثر بها الينابيع العذبة والمستنقعات وتكثر فيها الحيوانات المفترسة وهو موقع عالمي للطيور المهاجرة.
كان قصر الأزرق الأثريّ الموقع الخلفي الحصين لجبل العرب عندما كانت الظروف تشتدّ على ثوّار بني معروف في معاركهم ضد الاستعمار الفرنسي بقيادة المغفور له، بإذن الله، (المجاهد الكبير سلطان باشا الأطرش) رحمه الله إبّان الثورة السورية الكبرى.
هجرة آل عطا إلى الازرق والإقامة الدائمة فيها
هاجر آل عطا من جبل الجرمق الذي كانوا يقطنون فيه من بلاد صفد من فلسطين والتي لا زالت آثار بيوتهم موجودة الي اليوم في هذا الجبل في المنطقة المعروفة من الجبل بمزرعة بيت جن. إلى مجدل شمس في هضبة الجولان ثم إلى لبنان. واتخذوا قرية عين عطا في جنوب لبنان مسكنًا لهم لفترة من الزمن. والتي سميت في ذاك الحين على اسمهم. وكانت هناك عين ماء قديمة نبعها غزير في الشتاء ويضعف صيفًا. وسكن بجوار هذا النبع شيخًا من شيوخ آل عطا الأتقياء. فأصبحت عين الماء بفضل رب العالمين وتقوى الشيخ ثابتة في غزارة نبعها. وسُمِّيت العين بعين عطا لمكانة هذا الشيخ التقي وورعه في الدين في ذاك الزمن. بعد سنوات عادوا منها إلى مجدل شمس في هضبة الجولان السورية. وأقاموا فيها فترة من الزمن ويوجد في خلوة مجدل شمس لغاية يومنا هذا كتاب في المواعظ الدينية. أُلِّف بخطّ اثنان من شيوخ آل عطا الأتقياء رحمهما الله. لا زال الشيوخ الأفاضل في الخلوة محافظين عليه). ارتحلت العائلة برئاسة الشيخ سلمان عطا من مجدل شمس والتي وُلد فيها الشيخ (محمد سلمان عطا) إلى بلدة القريّة في جبل العرب لعدّة سنوات. في جبل العرب في بداية حكم آل الأطرش للجبل، وكان الشيخ أبو رشراش محمد عطا فتى يافعًا لم يتجاوز الثالثة عشر عامًا من عمره برفقة والده الشيخ سلمان. ومن بعدها انتقلوا إلى قرية بكّا ومكثوا فيها سنوات ثم انتقلوا إلى قرية العانات في أقصى جنوب جبل العرب، إلى أن استقرّوا في الأزرق.
من شخصيات وإعلام بني معروف في الاردن اليوم
1- سماحة الشيخ العلامة أبو أشرف عجاج عطا – شيخ الموحّدين المسلمين الدروز في الأردن.
2- معالي الأستاذ أيمن حسين الصفدي – نائب رئيس وزراء الحكومة الأردنية ووزير الخارجيّة الأردني. ومن أبرز الشخصيّات السياسيّة الأردنيّة.
3- سعادة النائب السابق الأستاذ المحامي فيصل نايف الأعور. الذي كان له حضور فعّال في مجلس النواب الأردني.
وهناك العديد من الأطبّاء والمثقفين والضبّاط من رجالات بني معروف الذين نعتزّ ونفتخر بهم جميعا والقائمة تطول بذكرهم الطيّب. الذين يتبوّؤون مراكز قياديّة ومناصب كبيرة في كافّة دوائر ومؤسّسات الدولة الأردنيّة الحديثة. كباقي العشائر وأطياف المجتمع الأردني. الذي نعدّ مكوِّنًا رئيسيًّا من مكوِّنات نسيجه الاجتماعي والوطني.
المقال بقلم: الشيخ غسان توفيق محمد عطا، السيد سلمان حمود محمد عطا – الأزرق – الأردن