عروبة الإخباري –
حين تكتب المرأة، هل هناك نمط معيّن تتبعه؟ وهل للمرأة لغة خاصّة وطقوس خاصّة في الكتابة؟
أسئلة تطرح كثيرًا ممن يهتمون بكتابات المرأة. إنّ التقسيم بين الرجل والمرأة هو تقسيم اجتماعيّ وليس أدبيًّا.
إنّ المرأة بلا شكّ تختلف عن الرجل في تركيبتها السيكولوجية كما يؤثّر ذلك على قيمة الإبداع الفنيّ بانعكاس جنس الكاتب وآثار اختلاف الظروف الاجتماعية على عملية الكتابة، كما جاء في كتاب “الكتابة بحبر أسود” للكاتب حسن مدن.
إنّ المرأة الكاتبة هي المرأة ذاتها إنما هناك ارتباط روحيّ بين كلّ الكاتبات وكأنّهن أخوات حول العالم تفرّقن في كلّ الأرض، لتجمعهنّ تلك التركيبة البيولوجية التي تخلق ذلك التشابه بينهنّ، وتمحو كلّ الحدود بينهنّ، كذلك ينعكس على إنتاجهنّ الأدبيّ.
نأتي إلى الأدب النسويّ الذي يختلف كليًّا عن الأدب الذي يكتبه الرجل، وذلك لأنّ تعبير المرأة عن نفسها في أدبها يختلف عن تعبير الرجل حتى عن المرأة ذاتها، أيضًا ما تكتبه المرأة عن نظرة الرجل إليها في بعض المجتمعات فاق تصوّر الرجل وإمكانيته في الكتابة عنها بنفسه.
أليس هناك رجال استطاعوا الولوج إلى عالم المرأة وبواطنها وتفوّقوا عليها؟
إنّ المجتمعات تختلف عن بعضها، لذا تختلف كتابة المرأة عن الرجل، ففي المجتمعات المحافظة تتعرّض المرأة إلى التهميش والتمييز والإلغاء في بعض الأحيان، ما يجعل كتابتها تختلف كليًّا عن كتابة الرجل، فالقمع يؤدّي بالمرأة إلى المعاناة التي تنتج عنها السلبيات في الكتابة، أو الانفتاح والتحرّر الأقرب إلى الإباحية منه إلى الحرية الفكرية.
بعض النساء تبدو الصرخات في كتاباتهنّ أقرب إلى سوط الجلّاد وإلى زلزال مدمّر، لا يستطيع أن يعبّر عنه أيّ رجل حيث لا رجل يستطيع أن يعرف عمق المرأة، ويلمس إحساسها، ويعبّر عنها، لأنّها هي التي تعذّبت وديست وكمّ فوها.
كيف لرجل أن يكتب عن صوت لا يملك أوتاره؟ وكيف له أن يكتب عن جسد انتهكت حرمته مرارًا؟ وكيف لرجل أن يتكلّم بلسان امرأة قطع لسانها حين قيل: عن صوتها عورة؟
إنّ المرأة التي تستطيع أن تحتمل أوجاع الولادة وتقرأ الغيب في عين الرجل بنظرة واحدة تلك المرأة التي تمتلك الحاسّة السادسة التي تستوطن روحها، وتكتب بأنامل الإحساس والوجدان التي غابت عن الرجل.
إنّ الأنامل الطويلة التي تتزيّن بلون التوت هي أنامل امتدّت جذورها إلى معاقل الحكمة والروح وبواطن الوجدان والإحساس. إنّ المرأة العاشقة تستطيع إذابة القمر في قصيدتها، والمرأة التي كابدت البعد والحرمان تكتب بحروف الطوق والبوح الشفيف، والمرأة التي ذهب ابنها أو زوجها إلى المعركة تكتب بحبر أحمر أحرّ من الجمر على صفحات القلب لا الورق، وشهقة قتيل أرداه الرصاص في المعركة، فانسكبت أشتاتها الأنثوية مفردات دامية.
إنّ العذوبة في التعبير هي كمنتجات أثيرية أعمق من المحيط إن تكلّمت عن الحبّ، وهي شفّافة مثل نور القمر الذي يتلألأ.
هذه هي المرأة المبدعة.