عروبة الإخباري –
رعى رئيس الوزراء بشر الخصاونة، السبت، ملتقى الأساتذة الفخريين في الجامعة الأردنيَّة، الذي تقيمه الجامعة بمناسبة اليوبيل الفضي لتولِّي جلالة الملك عبدالله الثَّاني سُلُطاته الدِّستوريَّة.
وأكَّد الخصاونة في كلمة ألقاها خلال حفل افتتاح الملتقى “نجدُ في ملتقى الجامعة الأردنيَّة وأساتذتها الفخريين، وهم علماء وأكاديميون مميَّزونَ يعملون في مؤسَّسات أكاديميَّة عالميَّة مرموقةٍ، مناسبةً للجامعةِ الأردنيَّةِ وجامعاتِنا كُلِّها لتتلمَّسَ الطَّريق من جديد، لتحقيق التقدُّم في التَّصنيفاتِ العالميَّةِ وتحقيق الاعتمادات الدَّوليَّةِ”
وقدَّم الخصاونة التحيَّة للأساتذة الفخريين الذين تستضيفهم الجامعة في هذا الملتقى المهم؛ والذين تمَّ اختيارهم “ليكونوا عوناً وسنداً للجامعة، ويمنحوها الحكمة والقوَّة والنَّصيحة، فتبني الجامعة الأردنيَّة بهم مدماكاً جديداً في بنائها الرَّاسخ وتثبت عالميَّتَها وقوَّتها، كما أرادها الهاشميُّون بنياناً قويَّاً، يُشكِّلُ صورةً ناصِعةً من نسيج هذا الوطن”.
وأضاف “هذا الملتقى مناسبةٌ للجامعة الأردنيَّة وكوادرها لتلتقي مع هذه النُّخبة منَ العلماء والباحثين والأكاديميينَ، فيطَّلعون على خبرات الغير في البحث العلمي والتَّدريس والإبداع والابتكار؛ لتشارك الجامعات في تحويل الأفكار إلى مادَّة تُفضي إلى الابتكار والإنتاج المعرفي القادر على تحسين مستويات النُّمو الاقتصادي”.
وأشاد الخصاونة بالإنجازات التي حقَّقتها الجامعة الأردنيَّة وما تُحقِّقهُ من تقدُّمٍ في التَّصنيفات العالميَّة وتحقيق الاعتماداتِ الدَّوليَّة، وفي إعادة تأهيل القاعات الصَّفيَّة، والتَّركيز على المهاراتِ اللُّغويَّة والنَّاعِمةِ، والمهاراتِ الرَّقميَّة ومساقاتِ الاستعداد لسوق العمل والتَّوظيف.
وأكَّد أنَّ “هذا الغرس الجميل الذي وضع أساسَهُ المغفور له بإذن الله، الملك الحسين بن طلال – طيَّب الله ثراه – وعزَّز قوَّتَه ومكانته جلالة الملك عبدُالله الثَّاني أعطى للجامعة الأردنيَّة جمالاً وتألُّقاً، حتَّى غدتْ واحدة من أفضل جامعات العالم “كما صنَّفتها وصنَّفتْ برامجها المؤسَّسات العالميَّة”.
وأشار رئيس الوزراء إلى “أنَّنا ندرك بأنَّ عالمنا يتغيَّر سريعاً، ما يُحتِّم على جامعاتنا أنْ تُعِدَّ عُدَّتَها، وأنْ تدرك بأنَّ التَّعليم الجامعيَ لا بُدَّ وأنْ يتغيَّر؛ فبرامج الأمس لم تعدْ تناسب طلبةَ اليوم، وطرائق التَّعليم لا بُدَّ وأنْ تلامِس احتياجات أبناء اليوم، ولا بُدَّ من أنْ يكون خرِّيجو اليوم أقرب إلى سوق العمل ويحققوا متطلَّباتِ أصحابِ العمل”.
كما أشار إلى “إنَّنا ندرك بأنَّ الثَّورة التِّقنيَّة تلقي بظلالها على التَّعليم برمَّتِهِ، والتعليم الجامعي بشكلٍ خاص، وهذا يُحتِّمُ على جامعاتِنا أن تعمل على مواجهة هذا التَّحدِّي؛ فتعيد النَّظر في الحرم الجامعي والبُنية التَّحتيَّةِ؛ لتكون قادرةً على مواكبة الثَّورة التقنيَّة”.
وأعرب عن أمله بأن تُعيدَ الجامعاتِ الأردنيَّة النَّظر في برامِجِها، وأنْ يكونَ التَّعليمُ التِّقنيُ جزءاً من التَّعليم الجامعيِ برمَّته – كما وجَّهنا جلالةُ الملكِ عبدالله الثَّاني، ولا بُدَّ أيضاً من سدِّ الفُجوة بين التَّعليم التِّقني والتَّعليم الأكاديمي، بل لا بُدَّ من أن يكونَ التَّعليمُ التِّقني والمهني جزءاً من التَّعليم؛ “حتى لا تدومَ الفجوة بينَ المُخرَج الأكاديمي واحتياجات السوق”.
وأكَّد رئيس الوزراء أنَّ الحكومةَ لن تدَّخر جهداً في مساعدة الجميع؛ لنحظى بتعليم قادر على تهيئة جيل من الخرِّيجين يُنافِسُ في سوق العمل الدَّاخلي والخارجي، وجامعات قادرة على توفير بيئة تُركِّزُ على البحث العلمي التطبيقي القادر على إنتاج المعرفة التي تؤدِّي إلى التَّنمية المستدامةِ ومعالجة مشاكل البيئة والتغيُّر المناخي وغيرها.
وتقدَّمُ الخصاونة بالشُّكر إلى الجامعة الأردنيَّة وإدارتِها على هذه البادرة الطَّيِّبة والبنَّاءة المتمثِّلة بملتقى الأستاذة الفخريين.
بدوره، قال رئيس الجامعة الأردنية نذير عبيدات إن الجامعات لم تعد قادرةً على مجاراة الواقع، فكان لزاماً عليها أن تراجع برامجها حتّى لا يتيه الطالب بين بضاعتها المعرفيّة وبين ما يريده أصحاب الأعمال، إذ فقدوا بعضًا من الصبر وباتوا ينتظرون من الجامعات بضاعةً جاهزةً للعمل فورًا، ولا نلومهم في ذلك.
وأكّد عبيدات أن العالم تغير وبات يشهد تقلبات جيوسياسيةً لم تعُد مفهومة في كثير من المواقف والمواقع، حيث دخل القتل والدمار والتجويع أحيانًا إلى قائمة المسموحات طالما كانت في خدمة الأهداف.
وأضاف عبيدات بأن الجامعة الأردنية تضع اليوم برامجها على الطاولة لتُقلّبَ صفحاتُها، وأنّها، من أجل ذلك، عقدت الملتقى الأول للأساتذة الفخريين لمشاركة أفكارهم وتجاربهم، لتصير برامجنا قادرةً على إعادة تشكيل الطالب ليكون إنسانًا وعاملًا قادرًا على الإبداع والابتكار والإنتاج.
ودعا عبيدات أساتذة الجامعات ومعلمي المدارس لأن يتغيروا كي يبقوا فاعلين وقادرين على الاستمرار والبقاء، لافتًا إلى أن الجامعة، من أجل استدراك تحديات المستقبل، نفّذت أكبر برنامج إيفاد في تاريخها، وجهّزت بنيتها التحتية عبر برنامجٍ طموحٍ لتحديث قاعاتها لتصير ذكيةً قادرةً على مجاراة التغيير.
ونوّه عبيدات بالدعم المستمر والموصول من قبل رئاسة الوزراء وأعضاء الحكومة للجامعة الأردنية، موجّهًا جزيل الشكر والامتنان لدعم مسيرة الجامعة ودفع عجلة نمائها إلى الأمام؛ إذ كان لهم دور بارز في اتّخاذ المواقف الصعبة، مستمدّين في ذلك القوة والعزم من جلالة الملك ووليّ عهده.
وأشار عبيدات في كلمته إلى أن “الملك الباني، صاحب النظرة والرؤية المتسعة، أراد قبل ستّين عامًا ونيّف، أن يزرع هذه الأرض علمًا ومعرفةً، ليصنع الإنسان والفكر؛ فنمت وازدانت هذه الأشجار حتّى نضجت العقول والمعارف نضوج الدولة الأردنية، التي اكتملت أركانها بأربعة ملوك من آل البيت الأطهار”.
وأشار إلى أنّه ما كان للجامعة إلا أن تجتهد لتختصر تاريخًا من صبر الأردنيين وشغفهم بالعلم والمعرفة، وإيمان الحسين الباني بأنّ الإنسان المتعلم المنتمي خير ما نملك، واصفًا إيّاها بأنّها كانت حلمًا فأصبحت حقيقةً، قلعةً أردنيةً منيعةً، واسمها بات يرنّ على مستوى العالم واحدةً من أفضل الجامعات حسبما تؤكّد جميع التصنيفات العالمية الخمسة.
وأعرب عبيدات عن فخره بلقاء الجمال والعلم والفكر بأهل السياسة، مضيفًا بأنّ الجمال فتمثّله الجامعة بما تحمله ألوان حرمها ورائحته وذكريات طلبتها وخريجيها، وأمّا الجلال فيمثّله أهل العلم والفكر، مشيرًا في ذلك إلى أهمية دور الأساتذة الفخريّين وحضورهم.
كما ألقى رئيس قسم أمراض الرئة في معهد كليفلاند كلينيك رائد الدويك كلمة باسم أعضاء ملتقى الأساتذة الفخريين أعرب فيها عن شكره للجامعة الأردنيَّة على هذه المبادرة التي من شأنها إتاحة الفرصة لمشاركة الخبرات والتبادل بين الأكاديميين والمؤسسات الأكاديمية والارتقاء بمستوى التعليم والبحث العلمي.
وشارك في هذه التظاهرة نحو 60 عالمًا من أعرق جامعات العالم ممّن حصلوا على لقب أستاذ فخري، لقاء إسهاماتهم البارزة والفارقة في مجالاتهم الأكاديمية أو البحثية، التي شكّلت منعطفًا تاريخيًّا للجامعة الأردنية، نظرًا لأهميتها البالغة على العديد من الأصعدة الأكاديمية والبحثية والتكنولوجية والاجتماعية.
وتهدف الجامعة من عقد هذا الملتقى إلى التأسيس لمنصة علمية لتبادل الخبرات والمعارف وتبادل الأفكار بين العلماء من مختلف المجالات والتخصصات والبلدان والثقافات؛ التبادل الذي يمكن أن يؤدي إلى اكتشافات جديدة وتعزيز الفهم العلمي المشترك، في سعيٍ لتشجيع ريادة الأعمال والمشاركة الصناعية واستكشاف فوائد وتحديات تكوين الشراكات بين مؤسسات التعليم العالي والصناعة، بما في ذلك فرص التعاون البحثي وبرامج التدريب ومبادرات نقل التكنولوجيا.
وتأمل الجامعة أن يشكل الملتقى حافزًا لدعم جهود التعاون بإتاحته الفرص لبناء علاقات تعاون دولية في مشاريع بحثية مشتركة، بما يسهم في التغلب على التحديات العالمية والجديدة في التعليم العالي، ومناقشة الابتكار في طرق التدريس والتعلم، ودور التقنيات الناشئة، مثل الذكاء الاصطناعي، في تشكيل مستقبل التعليم العالي وبناء المهارات والكفاءات القيادية لدى القادة التربويين الحاليين والطموحين.
وتتطلع الجامعة الأردنية كذلك إلى إسهام الملتقى في توفير منصة لمناقشة القضايا التعليمية العالمية الملحّة مثل العولمة وتدويل التعليم والبحث، وكيفية إعداد الطلبة بشكل أفضل لعالم معولم، وتعزيز التعاون الدولي فيما يتعلق بالتعليم وتطوير البحث العلمي بين المؤسسات الأكاديمية، من خلال جمع العلماء من مختلف التخصصات، وتبني نهج شامل ومتكامل لحل هذه القضايا، مع الإشارة إلى أنه بإمكان العلماء المشاركين من مختلف الدول أن يعملوا معًا لتعزيز السلام والتفاهم الدولي، عبر تعاون علمي يمثّل جسرًا للتواصل بين الثقافات المختلفة ويعزز العلاقات الودية بين الدول.
وتستضيف الجامعة هذا الحدث الأكاديمي البارز بوصفها منارة فكرية في سماء العلم والمعرفة؛ فالملتقى ليس مجرد تجمع علمي، بل احتفالًا بالروح الإنسانية التي تسعى نحو التفوق والتقدم، في لحظة تستحضر فيها الجامعة سمعتها الأكاديمية وترسخ قيمها الرائدة، وتفتح أبوابها واسعةً لاستقبال عقول لامعة وأفكار متجددة من شتى أنحاء العالم.
وفي ختام فعاليات الملتقى، كرّم رئيس الجامعة الأردنية دولة رئيس الوزراء لدعمه الحكوميّ المستمر للجامعة، ووزير التربية والتعليم العالي عزمي محافظة لدور الوزارة البارز في تقدم الجامعة وازدهارها، ورئيس مجلس أمناء الجامعة عدنان بدران لدوره المهم والأساسي في وضع استراتيجية الجامعة ورسم سياساتها.
وتسلّم الأساتذة المشاركون في الملتقى الدروع التكريمية من رئيس الجامعة الأردنية لقاء دورهم المهم في دفع عجلة البحث العلمي في الجامعة، ومساعدتها على النهوض بتصنيفها العالمي، ودفع عجلة وتطوير الإنتاج العلمي على كافّة الصعد.
وقد شارك في الملتقى جميع القادة والمسؤولين عن الشأن التعليمي في الأردن، وخبراء وأصحاب اختصاص وقادة تربويون، وعدد من السفراء والملحقين الثقافيين.