عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
لم استغرب حين طلبت موعداً من رئيس الديوان الملكي معالي السيد يوسف العيسوي، أبو حسن، فحددوا لي يوم الجمعة ظهراً، فقد عرفت منه حين التقيته انه لا يعطل ولو يوماً واحداً منذ توليه هذا المنصب فمتعته هو في العمل وإنفاذ رغبة جلالة الملك في المهمات التي توكل له عبر الساعة.
يجسد أبو حسن في عمله وهو يجوب محافظات المملكة والويتها ومدنها وقراها ومخيماتها مفهوم علم الاجتماع السياسي وأحكام الصلة بالمواطنين في مواقعهم وفي كل المناسبات التي تقتضي زيارتهم في أكثر من مناسبة وخاصة في الاتراح حيث يحمل لهم مواساة جلالة الملك وسمو الأمير ولي العهد، وكانت هذه الدائرة قد اتسعت ليشهد رئيس الديوان حوارات ولقاءات وطنية وشعبية هامة، حيث استأنست العشائر والوجوه بالوفود الملكية التي تزورهم يتقدمهم رئيس الديوان.
فذلك عزاء لرحيل شخصية مهمة وذلك اجتماع لوجوه مجتمع اراد أن يصوغ موقفاً عاماُ أو يجسد خياراً وطنيا في مناسبة وطنية عامة، كاحتفالات يوم الاستقلال والاحتفالات باليوبيل الفضي لتولي جلالة الملك سلطاته.
لقد حمل رئيس الديوان الملكي رسائل الملك للمواطنين وحمل رسائل المواطنين للملك وكان رسولاً أميناً يزرع بذور المحبة والآلفة وروح الأسرة الواحدة وسياج المنعة والتواصل.
مرّ بلدنا في السنوات الأخيرة بعدة منعطفات وظروف موضوعية وذاتية صعبة عصفت بالكثير من المستقرات، وقد تجنب ذلك بالحوارات والانفتاح وربط مشاعر القائد بشعبه وهو العمل الذي جسده رئيس الديوان الملكي حين كان الملك يندبه لهذه المهمات ليؤديها بأخلاص ومحبة.
مرت سنوات الكورونا القاسية ورحل الكثيرون واصابت بعض الشرائح الحاجة والعوز وفقدان الكثير من أسباب العيش، فكان الإحساس الملكي حاضراً في رسائل الملك عبر رئيس الديوان في تجليات عديدة لمد يد المساعدة في العلاج أو السكن أو العمل أو الوظيفة، وكانت الظروف اللاحقة الناتجة عن ظروف العدوان على غزة وما أصاب الأردنيين من قلق وتوترات، فكانت الرؤية الملكية التي كان ينقلها بأمانة رئيس الديوان قائمة بتبصير الجماهير التي يزورها او يلتقيها بالموقف الأردني والدور الذي ينهض به الأردن من خلال قيادته الهاشمية،كما كان رئيس الديوان يحمل رسائل المواطنين وردودهم ومواقفهم بأمانة ليضعها تماماً أمام جلالة الملك الذي يستانس بحرص مواطنيه وقربه منهم.
لقد لفت انتباهي في اللقاء أن رئيس الديوان يحرص أن يدون مضامين هذه اللقاءات ووقائعها في يوميات وسجلات مبوبة يمكن العودة اليها موثقة وواضحة، وهذا أمر مهم لم نألفه من قبل ويعكس أبعاداً في التاريخ السياسي وعلم الاجتماع السياسي فقدبقينا، كعرب نغفله فقد كان تاريخنا التراثي العربي الممتد لقرون يحفل بالجوانب السياسية ويغفل الجوانب الاجتماعية الداخلية التي تعكس حياة الناس وأساليب عيشهم، والدارس للتاريخ في مراجعه الكبيرة، يرى ذلك ولا يتعرف على أساليب حياة الناس وأوضاعهم.
هذا النهج الذي ياخذ به ابو حسن، رئيس الديوان الملكي، يثري للباحثين لاحقاً معرفة الأبعاد الاجتماعية ويكون لعلم اجتماع سياسي ويربط بين الواقع وأساليب معالجته بالعودة للمدونات التي أخذت من أحاديث الناس وآرائهم.
أعجبني أسلوب رئيس الديوان وطريقته في التدوين والتوثيق، وهو ذو خبرة منذ كان في القوات المسلحة الأردنية وقد عمل إلى جانب سيادة الشريف زيد بن شاكرو نقل هذه الخبرة وفعلّها وجعلها أرشيفاً في خدمة الحلول والإجابة على اسئلة المواطنين الذين تجري زيارتهم، أو يعاد لمثل هذه الزيارات بعد سنوات ليجري التاكد من المعالجات.
أتمنى أن يسرد أبو حسن تجربته على طلاب الجامعات والشباب، ليروا كيف يعمل رجل في الثمانين طوال ساعات اليوم وعبر الاسبوع كله… لأنه يشعر بالرضى أنه يسمع ويناقش ويحمل الرسائل ويساعد على الحلول للكثير من القضايا.
لقد حرصت أن أنشر في موقعي عروبة الأخباري زيارات أبو حسن التي يزودني بها، لما لها من دلالات في فهم مجتمعنا وأساليب التحدث معه والحوار التقليدي الذي جعل من الأردنيين أسرة واحدة وجسداً واحداً، وقد كانت آخر لقاءاته لوفد مع رابطة قبيلة بني حميدة الذين جمعهم على المحبة وقد تحدثوا عن ذلك