عروبة الإخباري –
يجد المتبع والمحلل والمقيم والمستمع لحالة الأمن في العالم، وفي إقليمنا الذي نعيش فيه، إن تحقيق الأمن وإدامته أو بعبارة أوضح إن السعي لخلق بيئة آمنة ومستقرة قد أصبح هاجس الجميع دون استثناء، ويجد أيضًا إن هذا المطلب قد أصبح يشكل تحديًا كبيرًا أمام الأفراد والجماعات والدول على حد سواء، وإنه حالة يحتاج خلقها وإدامتها إلى الكثير من الجهد والعرق والدم.
ويشكل الأمن الوطني الأردني أحد مرتكزات المطلب الوطني الأردني إلى جانب الحرية والرفاه الاقتصادي، ويأخذ أولوية وطنية أولى على الدوام، ويعي ويدرك القائمون عليه أن إدامته واستمراريته تشكلان تحديًا أكبر بكثير من خلق هذا المطلب، على الرغم من أن خلقه في الحالة الأردنية أصلا لم يكن بالأمر اليسير في بيئة استراتيجية متلاطمة الأمواج، حيث تراجع أمن الكثيرين بسبب أعاصيرها الهوجاء.
كما لا يمكن أن يكون الأمن الوطني الأردني بمعزل عن جميع المؤثرات المحيطة به ولكي تكون الصورة جليّة لا بدّ من بيان هذه المؤثرات؛ لأن حالة الأمن الوطني الأردني يجب أن تؤخذ في سياقها على الدوام في ضوء إن جميع هذه المؤثرات تشكل تحديات لها، وإن من أبرز وأهم المؤثرات والتحديات الخارجية التي تواجه الأمن الوطني الأردني هي الإعتداءات الاسرائيلية على التراب الفلسطيني وحربها المستمر على القضية الفلسطينية، وباتت الآن أكثر في حربها اللعينة على قطاع غزة، وكذلك شعار الحرب على الإرهاب وكل ما يتصل به من تفسيرات وتأويلات، خاصة وأن إمتداد هذا الشعار غالبًا ما تكون باتجاه الدول العربية والإسلامية، حيث يسعى مطلقوه إلى جعل أكبر عدد من دول العالم يقفون في خندقهم والى جانبهم في حربهم على الإرهاب دون تمييز، ودون اكتراث منهم لتأثيرات متطلباتهم وتوجهاتهم على أمن حلفائهم أو أصدقائهم، الأمر الذي يؤدي إلى تشكيل قناعات لدى الكثيرين في العالم العربي والإسلامي، والأردنيين من بينهم من أن ظاهرة هذه الحرب لا ينبئ عن باطنها وأن تأثيراتها ستطالها عاجلا أو آجلا طالما استمرت بهذا الاتجاه. إن أمن الأردن واستقراره صمام أمان للقضية الفلسطينية على اعتبار أن الأردن هو العمق الاستراتيجي لفلسطين، وخط الدفاع الأول عن القضية الفلسطينية، وأن منعة وقوة الأردن كفيل بإفشال المخطط الصهيوني للترحيل وإفراغ الأرض الفلسطينية على طريق مخطط تصفية القضية الفلسطينية، وهذه كانت أحد أهم أهداف ومخطط الحرب على غزة، الترحيل القسري للفلسطينيين، وثبات الموقف الأردني والمصري حال دون تنفيذ المخطط لغاية اليوم. يحاجج البعض أن الخطر على الأمن الوطني الأردني ليس الإرهاب ولا العدو الإسرائيلي فحسب، بل إيران وميليشياتها على الحدود الشمالية والشرقية، نعم الميليشيات الإيرانية القريبة من حدودنا، وإمعانها بتهريب المخدرات والسلاح، خطر مباشر ومحدق على الأمن الوطني الأردني، تقف له بالمرصاد قواتنا المسلحة الباسلة الجيش العربي، وثقل الأردن وقوته السياسية والدبلوماسية، بالإضافة للمكانة الدولية التي يحظى بها الأردن وجلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم، ما جعل استقرار الأردن مصلحة دولية وإقليمية حيث ينظر للأردن أنه أيقونة الاستقرار في الشرق الأوسط، والنقطة الثابتة والمستقرة التي تبدأ بعدها الفوضى في الشرق الأوسط. ومن جانب آخر في الشأن الداخلي الوطني، نرى أن الجائحة الاقتصادية التي يمر بها الأردن خطر حقيقي على الاستقرار، قد تؤدي لا قدر الله لحالة من عدم الاستقرار الاجتماعي وبالتالي السياسي، فلا شيء أخطر من أن تصل نسبة البطالة بين الشباب لخمسين بالمائة. “الأمن الوطني الأردني في فكر جلالة الملك عبد الله الثاني بمناسبة اليوبيل الفضي لتسلم جلالته سلطاته الدستورية وجلوسه على العرش” إن الأمن الوطني الشامل ليس مجرد مسألة عسكرية، بل يشمل جوانب عدة تتعلق بالاقتصاد والتنمية والسياسة والمجتمع، وهو ما عكسه جلالة الملك في فلسفته ورؤيته الوطنية، وكذلك جلالته وضع استراتيجيات شاملة لتحقيق الأمن الوطني في الأردن.
إن من أبرز مكونات الأمن الوطني الشامل في فكر الملك الاستقرار السياسي والتوافق الوطني الذي يؤمن جلالته بأن الاستقرار السياسي والتماسك الوطني هما أساس بناء هذا الأمن، وجلالته يعمل دائمًا على تعزيز الحوار الوطني وتعزيز العمل السياسي المؤسسي، ويعتبر جلالته أن الجيش القوي هو ضامن للسلم الداخلي والأمن الخارجي .
إن جلالة الملك أولى اهتمامًا كبيرًا بتطوير وتحديث القوات المسلحة الأردنية وتأهيلها لمواجهة التحديات المختلفة. ويرى جلالته أن التنمية الإقتصادية والإجتماعية توفران فرص العمل وتحدان من الفقر وهما أساس لتحقيق الأمن الوطني، لذا يسعى جلالته إلى تعزيز الاستثمارات وتحسين بيئة الأعمال وتوفير التعليم والخدمات الصحية للمواطنين. جلالة الملك عبدالله الثاني يؤمن بأهمية التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الدولية في مجال مكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن الإقليمي والدولي، ويعتبر جلالته أن الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد أساسيات لضمان الأمن الوطني واستقرار الدولة.
إن الامن الشامل ينقسم الى عدة مستويات، الأول وهو الأمن الفردي من مسؤوليات الدولة تجاه مواطنيها، والثاني هو الأمن الوطني بمعنى تأمين الدولة داخليًا ودفع التهديد الخارجي لتحقيق حياة آمنة في إطار حدود الدولة ومواطنيها والتزاماتها السياسية، أما المستوى الثالث فهو الأمن دون الإقليمي ويعني تحقيق متطلبات الأمن لعدد محدود من الدول التي تتشارك جغرافيا معينة.
الأردن قوي ومنيع، وظل منذ نشأته فاعلا في كافة قضايا الأمن الإقليمية والدولية؛ نتيجة اتباعه سياسة عدم الانحياز والقدرة على مخاطبة الآخر بعقلانية ووفق حجج وخطاب دبلوماسي مقنع .
إن جلالة الملك القائد أولى اهتمامًا بالشباب، ووجه الحكومات لتوفير الفرص الوظيفية والتدريبية لهم ليكونوا بناة لمداميك الوطن كونهم عماد الوطن ومستقبله. الأردن هو الأردن وفلسطين هي فلسطين، والأمن الاردني ثباته هو ثبات الأردن وشقيقتها فلسطين