عروبة الإخباري –
من أهم إيجابيات الموازنة العامة للحكومة للعام القادم 2024، أنها لا تشمل رفعا للضرائب، وان العجز سينخفض ولو بنسبه قليلة، وقد تضمن المحافظة على معدلات التضخم المعتدلة، مما يعني تعزيز الاستقرار المالي والنقدي وحماية القوة الشرائية للمواطنين.
وكذلك تحمل الموازنة العامة توقعات بتراجع إجمالي الدين العام بعد استثناء ديون صندوق استثمار الضمان الاجتماعي إلى ما نسبته 88.3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، ورفع مخصصات الحماية الاجتماعية.إضافة إلى التأكيد على المحافظة على ثبات التصنيف الائتماني الأردني من قبل وكالات التصنيف الائتمانية في وقت انخفض فيه تصنيف العديد من الدول. وأخيرا توقع مشروع الموازنة تسجيل نسبة نمو حقيقي في عام 2025 بنحو 2,6 في المئة. لقد أعلنت الحكومة عن أن النفقات الرأسمالية، قد ترتفع بنحو 1.729 مليار دينار وهو الأعلى تاريخيا.
إن الزيادة في النفقات الرأسمالية في اقتصاد يعاني من أزمات، في ظل عدم الاستقرار السياسي يمكن أن يكون لها آثار عديدة. السيناريو الأول آن تؤدي زيادة النفقات الرأسمالية إلى تحفيز مستوى النمو الاقتصادي والتنمية، من خلال الاستثمار في البنية التحتية، مثل بناء الطرق والجسور ومحطات الطاقة المتجددة وغيرها، مما يجعل الاقتصاد يطور من قدرته الإنتاجية، ويجذب الاستثمارات، ويخلق فرص عمل جديدة، وهذا يساعد في تخفيف بعض التحديات الاقتصادية ويساهم في الاستقرار على المدى الطويل.
ومع ذلك، هناك أيضا عراقيل محتملة يجب مراعاتها، وأخذها بعين الاعتبار خلال التنفيذ، وخصوصا بحكم الظروف السياسة غير المستقرة، والتي قد يمتد أثرها على المدى المتوسط والطويل، مما يجعل خطر استخدام وإدارة الأموال نقطة حرجة.
وبالتالي لا بد من التشديد على الإدارة السليمة والشفافية، فالزيادة في النفقات الرأسمالية قد تؤدي إلى الإسراف في الإنفاق وزيادة تفاقم الأزمة، وزيادة كبيرة في الدين العام، مما يؤدي إلى فرض ضغط إضافي على الاقتصاد والأجيال القادمة.
في الجانب الآخر، وفيما يتعلق بتخصيص 20 % من النفقات لرأس المال لرؤية التحديث الاقتصادي وخارطة تحديث القطاع العام مقابل مخصصات لبقية المشاريع نحو 45 من إجمالي النفقات الرأسمالية، فهي فلسفة اقتصادية يجب الوقوف عندها، ودراسة مدى ملاءمة هذا التخصيص وتوقع نتائجه منذ بداية العام.
إن التخصيص يمكن أن يحقق نتائج إيجابية، أو العكس، فمن الأهمية بمكان التأكد من أن هذا التخصيص مستند إلى تقييم شامل لاحتياجات القطاع الاقتصادي والقطاع العام وأولوياتهم، في ظل ظروف تمتاز بالتغيير وعدم الاستقرار.
الجانب الإيجابي لتخصيص حصة كبيرة لرؤية التحديث الاقتصادي، وخارطة تحديث القطاع العام، إن إصلاح القطاع العام بشكل عام أمر مهم لتحسين الحوكمة والكفاءة وتقديم الخدمات، وتخصيص جزء كبير من النفقات لرأس المال يمكن أن يساعد في تحديث البنية التحتية والتكنولوجيا والمرافق، مما قد يساهم في زيادة فعالية وكفاءة عمليات القطاع العام. وينبغي أيضا أن يصاحب هذا التخصيص تقييما دوريا يضمن المسألة التنفيذية، والتعديل كلما لزم الأمر لمنع سوء الإدارة، ولضمان التجاوب مع الظروف الصعبة المحيطة. أن الأزمات الاقتصادية وعدم الاستقرار السياسي، تحديات كبيرة، وبالذات لأن الموارد محدودة، وبالتالي لا بد من التركيز على ما شددت عليه اجتماعات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لعام 2023، حيث شدد ممثلو الحكومات والأوساط الأكاديمية والقطاع الخاص على أهمية التفكير بطريقة خلاقة، والعمل على تنمية الموارد الاقتصادية لتحسين رأس المال البشري.
لا بد من النظر بعناية إلى تحقيق التوازن الصحيح بين الاستثمار في رأس المال، ورأس المال البشري ومعالجة الاحتياجات الملحة الأخرى مثل الرعاية الاجتماعية أو الرعاية الصحية إن الاحتياجات كبيرة، والتمويل قد يقصر فجاءة عن الوفاء بالاحتياجات. والمطلوب مزيد من الجهد لجذب الاستثمارات الخارجية الضرورية، لإنعاش الاقتصاد. الحديث عن الأرقام، وتوفير المال ليس ترفا فكريا بل بات ضرورة ملحة، من خلال إيجاد وتوفير مشاريع استثمارية جديدة محلياً، أو إقليمية ودولية مشتركة تحقق التنمية المستدامة، للأجيال القادمة.
وعلى رأس المشاريع الجديدة المقترحة محليا، مشروع إنشاء قطار بين العاصمة عمان ومدينة العقبة لإنعاش، المنطقة الاقتصادية الخاصة، والتبادل والديناميكية في الحركة التجارية، مما قد يسهم بشكل كبير في إنعاش الاقتصاد الوطني.