عروبة الإخباري –
يعرض فنانون عالميون من مختلف الجنسيات بالدار البيضاء أعمالهم الرقمية، وذلك في إطار الدورة التاسعة والعشرين للمهرجان الدولي لفن الفيديو تحت شعار “من شريط الفيديو إلى الذكاء الاصطناعي”.
وتحمل الأعمال المعروضة بفضاء الفن لمركز الفن الأميركي، توقيعات فنانين معاصرين مغاربة وسوريين وكنديين وفرنسيين وإسبان، والذين استخدموا تقنيات مبتكرة لمعالجة مواضيع راهنة.
وتمكن التظاهرة الفنية الجمهور من أدوات تفاعلية وروبوتية وأعمال أخرى وغيرها، والتي تجمع بين الفيديو والموسيقى والذكاء الاصطناعي.
وتميز حفل افتتاح المهرجان الذي شهد حضورا غفيرا بتقديم عرض فني مغربي في الرقص والفنون الرقمية بعنوان “فراكتال” من إنتاج “لوزين”، وبشراكة مع المهرجان الدولي لفن الفيديو للدار البيضاء.
ويقدم العرض بالاعتماد على إسقاطات رقمية وحركات راقصة مستوحاة ومستلهمة من الأشكال الهندسية للجمهور تجربة فنية فريدة، حيث قدمت المجموعة المكونة من ثلاثة شبان عرضا راقصا مصحوبا بمؤثرات صوتية قوية وسريعة تارة وهادئة تارة أخرى في انسجام تام مع الأشكال الهندسية المصاحبة، لتشكل لوحة فنية مبهرة تبرز الاندماج والتفاعل بين التكنولوجيا والفن.
وفي هذا الصدد أبرز مجيد سداتي المدير الفني للمهرجان، أن المهرجان الدولي لفن الفيديو الذي يحتفل هذه السنة بالذكرى الثلاثين لتأسيسه (1993 – 2023)، كان دوما منفتحا على الابتكارات، بل وشاهدا على التغييرات التي يشهدها فن الفيديو.
وأبرز أن الدورة تعد فرصة لتقييم الحصيلة والعودة إلى المراحل والمكانة التي يحتلها المهرجان اليوم في الساحة الفنية الوطنية والدولية.
ونوه سداتي بأن المهرجان قد نجح طيلة العقود الثلاثة الماضية في ترسيخ ثقافة صورة جديدة مختلفة عن تلك السائدة عادة، ثقافة تسعى إلى مساءلة الموروث الثقافي والفني والاجتماعي من خلال نظرة نقدية وتحليلية ذكية، وذلك من أجل تجديده وإثرائه وتعزيز حضوره بشكل يتناسب والتطورات الحديثة.
وأضاف أن النسخة ستتميز ببرنامج غني ومتنوع يضم إبداعات فيديو ورقمية تعرض لأول مرة بالمغرب وورشات تكوينية حول تقنيات الصور الجديدة، وماستر كلاس ومائدة مستديرة، بالإضافة إلى أماكن عرض جذابة في كل أنحاء الدار البيضاء.
وتابع أن المعرض الفني الرقمي يقدم فنانين يستخدمون مختلف التقنيات المتطورة لطرح أسئلة بشأن مواضيع تهم المجتمع والإنسان، لافتا إلى أن موضوع البيئة يهيمن بشكل خاص ضمن عوالم الأعمال.
فالعمل الذي يحمل اسم “بلورال واترز” يعكس الاهتمام البيئي الذي يستثمره الفنانون بشكل متزايد.
فـ”بمبادرة من لويس روبرت بوشارد، وهو فنان متعدد التخصصات وقع تحت سحر المغرب بعد مشاركته السابقة في هذا المهرجان، فإن عمل ‘بلورال وارتز’ يستكشف تركيبة موضوع الماء من خلال ازدواجية، ومنظورين مختلفين: فنانين من كندا”، كما جاء على لسان جوسيان روبيرج فنانة كندية مشاركة في العمل الإبداعي.
وتابعت أن العمل هو ثمرة مجهود جماعي لثلاثة فنانين من منطقة كيبيك وثلاثة فنانين مغاربة، لافتة إلى أن “العمل التفاعلي يحتفل بالمياه بكل روعتها، حيث يجمع بين الفيديو والرقص المصور والموسيقى ليقدم عملا نعيد فيه اكتشاف الصنبور”.
وفي كلمة بالمناسبة، أكد رشيد الحضري عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، رئيس المهرجان، أن المهرجان الدولي لفن الفيديو أصبح مع توالي الدورات والنجاحات يكتسي سمعة ومصداقية لدى الهيئات الوطنية والدولية، مبرزا أن المهرجان الذي يشكل فضاء للحوار والتقارب بين الثقافات ساهم بشكل كبير في تطوير وتعزيز وترويج فن الفيديو في المغرب.
وعن موضوع الدورة أبرز الحضري أن اختيار موضوع الذكاء الاصطناعي ينم عن رغبة جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء في مواكبة العصر ومناقشة المواضيع الراهنة، على غرار اقتراح تعميم الذكاء الاصطناعي وعلاقاته بالفن، وتسليط الضوء على ظهور ما يسمى التقنيات التفاعلية والاغتماسية الجديدة، وفهم المعرفة والممارسات الناتجة عنها.
وأضاف “نسعى في المهرجان الدولي لفن الفيديو أن نبني تاريخا، أو على الأقل، أن نساهم، في بنائه. ولهذا السبب نجمع مرة أخرى، هذه السنة، هذه اللمة من الفنانين العاشقين للتجديد والإلهام، وخصوصا، لهذا المزيج من الفن والتقنيات الجديدة”.
ويشمل المعرض أيضا عملاً بتقنية الواقع الافتراضي للفنان السوري محمد علي.
وفي هذا السياق قالت عبير بخاري وهي فنانة سورية مقيمة في السويد، إن الأمر يتعلق بعمل يطرح أسئلة بشأن مفهوم السعادة في عصر يتسم بالأزمات المتكررة، ويسعى إلى استعادة الطفولة.
وحسب بخاري، التي تربطها علاقات مع المهرجان الدولي لفن الفيديو منذ أكثر من 14 عاما، فإن المهرجان يشكل مشتلا حقيقيا للفنانين، خاصة المنتمين إلى عالم الجامعة.
وتسعى التظاهرة التي تنظمها كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك – جامعة الحسن الثاني ما بين 7 و11 نوفمبر الجاري، إلى نشر الثقافة والفن والإبداع المرتبط بالتكنولوجيا الرقمية والعلوم، ودعم وتشجيع الطلبة والفنانين الشباب العاملين في مختلف التخصصات.
يشار إلى أن المهرجان يقترح إبداعات فنية منفتحة على جميع أشكال الإبداع الرقمي، يعرض غالبها لأول مرة، وتمثل: الرقص والفنون الرقمية، والواقع الافتراضي والمعزز، والتنصيبات التفاعلية، والعروض السمعية البصرية، والمابينغ والروبوتيك.
وتقام أنشطة المهرجان في عدة فضاءات بمدينة الدار البيضاء منها: كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، المركب الثقافي محمد زفزاف المعاريف، المركب الثقافي مولاي رشيد، المعهد الفرنسي للدار البيضاء، المركز الثقافي الأميركي، مركز الفنون/ مرسم، معهد سيرفانتيس، لوزين والمدرسة العليا للفنون الجميلة.
تجدر الإشارة إلى أن المهرجان تأسس سنة 1993 بمبادرة من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك الدار البيضاء، وبشراكة مع قسم التعاون والعمل الثقافي في السفارة الفرنسية، وأنسطون فيديو لمانوسك (ومقرها حاليا في مرسيليا).
ورسخ المهرجان عبر كل دواراته ثقافة الصورة وأشكال التعبير الفني الطلائعي، وهو ما جعله يحتل اليوم مكانة متميزة ورائدة في فن الفيديو والإبداع الرقمي في أفريقيا والعالم العربي وفي العالم. ويتعلق الأمر بأكبر حدث متعدد التخصصات، حيث يستقطب في كل دورة من دوراته فنانين ومبدعين وباحثين ومهنيين وممثلي المؤسسات الثقافية والفنية من داخل المغرب وخارجه. وبهذا الحدث تتحول مدينة الدار البيضاء لمدة أسبوع من الإبداع والتواصل إلى عاصمة الفنون والإبداع الرقمي.