عروبة الإخباري –
حكمت المحكمة الدستورية في آب (أغسطس) الماضي بعدم دستورية الفقرة (د) من المادة (62) من نظام حماية البيئة في منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة وتعديلاته رقم (21) لسنة 2001، والتي تنص على أن “تستوفي السلطة مبلغا إضافيا مقداره (25 %) من مبلغ كلفة إزالة الضرر اللاحق بالبيئة أو المقدر من اللجنة الخاصة أو المحكوم به حسب مقتضى الحال”.
وتنص المادة 62 من النظام على 4 فقرات، الأولى: “أ- تستوفي السلطة المبالغ التالية من المسؤول عن إحداث التلوث في البيئة البحرية، وذلك مقابل إزالة هذه المواد من البحر أو عن الشاطئ:1
1 – عشرة الاف دينار عن كل طن أو جزء منه لا يقل عن خمسين كيلوغراما من الزيوت او المزيج الزيتي الذي تم تصريفه. 2 – خمسمائة دينار عن كل طن أو جزء منه من القمامة والفضلات والحيوانات النافقة التي تم إلقاؤها.
3 – المبلغ الذي يقرره المجلس بناء على تنسيب المفوض لإزالة أي مواد ملوثة لم ينص عليها في البندين (1) و (2) من هذه الفقرة”.
والفقرة الثانية تنص على: “ب- للسلطة الحق في استيفاء تعويض مالي عن الضرر الناتج من التلوث يتم تقديره بواسطة لجنة يشكلها المجلس لهذه الغاية، على أن تأخذ هذه اللجنة بعين الاعتبار حجم ذلك الضرر”.
والفقرة الثالثة تنص على: “ج- إذا كانت السفينة التي سببت التلوث على عجل في مغادرة الميناء يجوز للسلطة في هذه الحالة أن تستوفي من ربانها الأمانات لتسديد المبالغ المنصوص عليها في الفقرة (أ) من هذه المادة والتعويض المحتمل وفقا للفقرة (ب) منها، على أن يتم إيداعها في الحساب الخاص المنصوص عليه في المادة (65) من هذا النظام”.
وأخيرا: “د- تستوفي السلطة مبلغا إضافيا مقداره (25 %) من مبلغ كلفة إزالة الضرر اللاحق بالبيئة او المقدر من اللجنة الخاصة او المحكوم به حسب مقتضى الحال”.
وجاء في الحكم الصادر في الجريدة الرسمية رقم 5875: “حيث إن اقتضاء أي مبالغ من الأفراد وبأي صورة كانت يستوجب الاستناد إلى نص قانوني يبين السبب الذي تم بموجبه تقاضي هذه المبالغ، وأنه لا يجوز نقل القواعد إلى غير مجالها ولا إلباسها ثوبا مجافيا لحقيقتها”.
وقالت إن النصوص الواردة في الفقرات (أ، ب، ج) من النظام “تغطي المبالغ المقررة لقاء إزالة التلوث للبيئة البحرية سواء في البحر أو على الشاطئ، وكذلك استيفاء التعويض المالي عن الضرر الناتج عن التلوث، إضافة إلى استيفاء الأمانات من ربان السفينة لتسديد المبالغ المذكورة والتعويض المحتمل إذا كانت السفينة على عجل في مغادرة الميناء”.
وأضافت أن المشرع لم يبين في هذه الفقرة ما يستوجب تقاضي مبلغ الـ (25 %)، مما يجعل تقاضيها تقاضيا “بدون سبب مشروع، ويشكل تعديا على حق مالي”، ومخالفة لأحكام المادة (1/128) من الدستور، الأمر الذي وجدت فيه المحكمة في نص هذه الفقرة “مصادمة ومعارضة لأحكام الدستور تستوجب الحكم بعدم دستوريتها”.
وأكدت أنه “ولما كانت المحكمة الدستورية كافلة لحقوق المواطنين وحرياتهم، عماد عملها الشرعية الدستورية المعبرة عن ضمير الأمة، معتصمة بالحق عرينا، وأن صيانة الدستور والحفاظ على أحكامه مهمة رئيسة وجدت المحكمة لترسيخها، حيث تتحرى مدى توافق النصوص المطعون بعدم دستوريتها مع المبادئ الدستورية”.
وأكدت المحكمة في حكمها أن “الأعمال التشريعية من قوانين وأنظمة تصدر متمتعة بقرينة الدستورية، وأنه لا يقضي بعدم دستورية النص المطعون فيه إلا إذا كان التعارض واضحا بين النص المطعون بعدم دستوريته وبين النص الدستوري، وأن مهمة القضاء الدستوري هي الرقابة على دستورية النصوص الصادرة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية بما يكفل التطبيق السليم الذي يهدف حماية النص الدستوري ويحول دون اقتحام حدوده أو التعدي على تخومه”.
وأضافت أن “من المبادئ المستقرة أن القضاء الدستوري هو قضاء رقابة على دستورية النصوص القانونية بما يكفل حماية نصوص الدستور وليس فضاء ملائمة النصوص القانونية التي يتبناها المشرع، فإن هذه الرقابة رقابة مشروعية لا رقابة ملائمة. وأن الخصومة الدستورية أيا كانت دوافعها هي في جوهرها ادعاء لمخالفة نص تشريعي لقاعدة دستورية”.
ومن جهة أخرى، جاء في الحكم ذاته أن نص المادة (52) من قانون سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة رقم (32) لسنة 2000، وتعديلاته، والفقرتين (ب،ج) من نظام حماية البيئة في منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة رقم (21) لسنة 2001 جاءت منسجمة وأحكام الدستور ونصوصه، ولا تتعارض ولا تتصادم مع المبادئ الدستورية التي ترسخ مبدأ المساواة بين الأفراد ومراعاة حق التقاضي، ولم تجد المحكمة في تطبيقها ما يعد تدخلا في أعمال السلطة القضائية، وبالتالي فإن النعي بمخالفة هذه النصوص لأحكام المواد (101، 102، 110) من الدستور “غير وارد”.