عروبة الإخباري –
توقّع الأديبة والأكاديميّة سناء الشّعلان (بنت نعيمة) روايتها الموجّهة للفتيان (أصدقاء ديمة)، في إطار مشاركتها في ملتقى جائزة كتارا في الملتقى الرّوائيّ «دور كتارا في الرّواية العربيّة» الذي يُقام ضمن البرنامج الثقافي لمعرض عمّان الدّوليّ للكتاب، برعاية د. خالد بن إبراهيم السّليطي مدير عامّ مؤسسة الحي الثقافي كتارا، باستضافة من وزارة الثّقافة واتّحاد الناشرين الأردنيين، في المركز الثّقافيّ الملكيّ، يوم الخميس المقبل 21 الجاري.
ورواية (أصدقاء ديمة) للفتيان هي الرّواية التي فازت بجائزة كتارا للرّواية العربيّة في فئة رواية الفتيان غير المنشورة، وتقع في 205 صفحات من القطع المتوسّط، وقد أصدرتها جائزة كتارا في طبعة ورقيّة عن دار كتارا للنشر والتّوزيع، كما أطلقتها بشكل صوتيّ تحت مشروع «مشوار ورواية» بصوت إيمان أبو زيد، وهو عبارة عن تطبيق على الجوال واللوحات الإلكترونية بنظامي (أندرويد وآبل)، ويتيح الاستماع إلى الروايات العربية غير المنشورة الفائزة بجائزة كتارا للرواية العربية في دوراتها جميعاً، بعد أن تمّ تحويلها من روايات مكتوبة إلى ر?ايات صوتية، بخصائص تكنولوجية وإلكترونية عالية.
كذلك قامت جائزة كتارا بإطلاق هذه الرواية بلغة بريل لتكون أوّل رواية عربيّة تصدر بلغة برايل للمكفوفين في إطار مشروع رياديّ فريد أعلنت مؤسسّة كتارا عنه لطباعة 100 كتاب بطريقة «برايل» للمكفوفين بالتّعاون مع مركز النّور للمكفوفين.
ونالت الرّواية اهتمام المعنيين بأدب اليافعين، وهي مشروع للترجمة إلى الانجليزيّة والأورديّة في الجامعة الإسلاميّة العالميّة الباكستانيّة ضمن مشروع عملاق يشرف عليه الدكتور (شير علي خان).
ورواية «أصدقاء ديمة» لليافعين هي رواية خيال علميّ للأطفال في قالب درامي إنساني، وهي رواية انتصار الإرادة والمحبّة والعمل والعلم والقدوة الحسنة على الإعاقة والعجز والحزن واليأس، كما أنّها رواية البطولة المطلقة لأطفال جميعهم يعانون من الإعاقات المختلفة، أيّ هي رواية البطولة الإنسانيّة لأطفال أقوياء رفضوا أن يستسلموا لإعاقاتهم والنّظرة السّلبيّة لمجتمعهم لهم.
فهم يقرّرون أن يعيشوا السّعادة والحياة بتفاصيلها جميعاً على الرّغم ممّا يعانون منه من تجاهل المجتمع لهم، وإصراره الظّالم على تهميشهم في ظلّ رفضه لهم ولوجودهم المختلف عن وجود معظم أفراده ممّن لا يعانون من إعاقات.
وتسعى الرّواية إلى تقديم تجربة أخلاقيّة نفسيّة اجتماعيّة جماليّة للأطفال حول انتصار ذوي الإعاقات على إعاقاتهم، وتبرز هذه التّجربة بوضعها تحت مجهر الدّراسة والتّعامل معها ومع تفاصيل حياتها ومعاشها وظروف التّعامل معها.
أبطال هذه الرّواية، وعلى رأسهم (ديمة)، يدرسون معاً في مدرسة (بيت ديمة) لذوي الاحتياجات الخاصّة، الدّكتور(شجاع الوردي) وزوجته (عفاف) والمعلّمة (نعيمة) هم مَنْ يقودون الأطفال في درب التّعلّم، والخروج من العزلة، واكتشاف مهاراتهم وقدراتهم، و يدفعونهم إلى التّفاؤل والعمل وحبّ الحياة، إلى أن ينتصروا على إعاقاتهم، ويعيشوا الحياة بكلّ سعادة ومحبّة، ويقدّموا العون لمن يحتاجه، وأن ينخرطوا في مجتمعاتهم رافضين إقصاءهم وتهميشهم.
هذه الرّواية تعلّم الطّفل من فئة ذوي الإعاقات أن يكون شجاعاً قويّاً متحدّياً، كما تعطي درساً أخلاقيّاً وإنسانيّاً للمجتمع كلّه ليعترف بأبنائه من ذوي الإعاقات، ويوليهم اهتمامه، ويعطيهم حقوقهم موفرة.
وقد استعارت الرّواية بعضاً من استشرافات الخيال العلميّ والفنتازيا لتقدّم استدعاءات لنماذج من العباقرة والمبدعين والموهوبين والأبطال عبر التّاريخ الإنسانيّ كلّه لتوظيف إرادتهم ونضالهم في تكوين حافز لأطفال الرّواية من ذوي الإعاقات كي يستخلصوا منهم دروساً في العمل والمحبّة والإصرار على الحياة.
تدور أحداث الرّواية حول الطّفلة «ديمة» التي تعاني من مرض «متلازمة داون، ويلفظها المجتمع، وتعيش في وحدة كبيرة بسبب هذا المرض لا سيما بعد موت أمّها التي تموت مضحية بحياتها لإنقاذ حياة ابنتها في حادث سيّارة، وتظلّ الطّفلة «ديمة» تعيش وحيدة في كنف جدتها لأبيها، وهي تخفي عن الجميع تلك القدرة الخطيرة التي تملكها، في أن تقرأ ما في أذهان النّاس وأفكارهم.
يحدث التغيّر الكبير في حياتها عندما يعود والدها المخترع الشهير «شجاع الوردي» إلى بيته، ويعكف على اكتشافه الخطير، وهو اكتشاف الفجوات النورانيّة التي تنفتح على أزمان موازية وأخرى ماضية، وثالثة مستقبليّة، فيقرّر أن ينشأ في بيته دار ومدرسة لإيواء الأطفال أصحاب الإعاقات الجسديّة والعقليّة، ويبدأ في استقطاب الأطفال لذلك، بعد أن يعمل على استقطاب المعلّمين والمعلّمات المتخصصين بتدريس هذه الفئة من الأطفال عبر البحث عنهم في الفجوات النّورانيّة.
وما أن يكتمل مشروع «بيت ديمة» حتى تبدأ سلسلة من المغامرات الخاليّة التي تعتمد على الخيال العلميّ القائم على فرضيّة العوالم المجاورة وإمكانيّة القفز بين الأزمان، وتبدأ رحلات دراميّة مثيرة بأن يستعيد الدكتور «شجاع» زوجته من الجنّة التي توافق على هجرها لتكون إلى جانب ابنتها «ديمة» وزوجها «شجاع» في رحلة تأهيل الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصّة.
هذه الرّحلات التي يقوم بها الأطفال في العوالم الأخرى ترتدّ إلى أزمان متباينة منذ عصور الرّومان واليونان، مروراً بالعصور الوسطى والعصور الإسلاميّة، وانتهاء بالعصر الحديث، وانتقالاً إلى أزمان مستقبليّة، هم في هذه الرّحلات يقابلون بشرًا مبدعين ومبرّزين في شتّى حقول المعرفة على الرّغم من إعاقاتهم، ويتعلّمون منهم الإصرار على الحياة والسّعادة والفرح، إلى أن تنتهي الرّواية بأن يجد كلّ منهم سعادته وحياته في الحياة على الرّغم من الإعاقة التي يعاني منها، ليقتنع بأنّ الإعاقة لا تمنعه من الفرح والسّعادة والخير والعمل.
من الشّخصيّات التي استحضرتها الرّواية عبر زيارتها في أزمانها، وحياكة مواقف وحوارات معها لأجل الاستفادة من تجاربها الإنسانيّة والفكريّة والحياتيّة في التّعامل مع الإعاقة والانتصار عليها، ودخول أسفار العباقرة والخالدين والمبرّزين بسبب ذلك: الشّيخ المناضل أبو خالد محمد دياب إبراهيم والمجاهد الفلسطينيّ الكبير أحمد ياسين من غزّة الفلسطينيّة من العصر الحاضر، والإمام التّرمذي من العصور الإسلاميّة، والإمام الباز من العصر الحديث، والدكتور طه حسين من العصور الوسطى، والشّاعر أبو العلاء المعريّ من العصور العبّاسيّة ال?تأخّرة، والخليفة العادل عمر بن عبد العزيز والخليفة الأمويّ الوليد بن عبد الملك من العصر الأمويّ اللذين سنّا قوانين لحماية ذوي الإعاقات ومساعدتهم، الشّاعر بشّار بن برد من العصر الأمويّ، وهيلين كيلر ومعلمتها آن سوليفان من العصر الحديث، والعدّاءة مارلا رونيان من العصر الحديث، و بطل الكارتيه رون سكاليون من العصر الحديث، والرّئيس الأمريكيّ الأسبق فرانكلين روزفلت، والرّاقصة الهنديّة سودها تشاندران، والقبطان فرناندو ماجلان من العصور الوسطى، والإعلاميّة اللّبنانيّة رلى الحلو من العصور الوسطى، ولويس بريل من العصر ا?حديث، الرّسام الصّينيّ هوانغ فو من العصر الحديث، والرّسامة المكسيكيّة الشّهيرة «فريدا كاهلو» من العصر الحديث، والرّسام الشّهير فنسنت فان جوخ، والعالم البريطانيّ الشهير ستيفن هوكينغ من العصر الحديث، ونيكولاس فوجيسيك من العصر الحديث، و«أختانون» من العصر الفرعونيّ
كذلك هناك استدعاء لشخصيّات كان لها مواقف ضدّية وسلبيّة من المعاقين، أمثال المشرّعين ليكورجوس الإسبارطي والأثيني سولون من العهد اليونانيّ اللذّين شرّعا قوانين تسمح بالتّخلّص ممّن يعانون من إعاقة تمنعهم من العمل، أو من الاشتراك في الحرب، وأيضاً الفيلسوف أفلاطون من الزّمن نفسه، والفيلسوف البريطانيّ هيربرت سبنسر من العصور الوسطى الذي ينادي بعدم تقديم أيّ مساعدة لذوي الإعاقات؛ لأنّهم عبء على كاهل المجتمع والإنسانيّة.