عروبة الاخباري – كتب سلطان الحطاب
بلغ من العمر المديد الثمانين لم يسأم ولم يتعب كما يقول الشاعر القديم زهير بن ابي سلمى منذ العصر ما قبل الاسلام:
” سَئِمتُ تَكاليفَ الحَياةِ وَمَن يَعِش ثَمانينَ حَولاً لا أَبا لَكَ يَسأَمِ “
فما زال شابا في اندفاعاته وارادته وتعلقه بوطنه ومليكه الذي استأنس فيه خيرا واخلاصا فقربه منه ليأخذ هذا الموقع رئيسا للديوان، وهو الموقع الذي شغله صفوة الرجال الاردنيين منذ نشوء المملكة..
كتب ابو حسن العيسوي ردا على رسالة واتس لي “ايها الاخ الرائع حين اهديته كتابي عن القدس العربية المسيحية” ، وهو الكتاب الثالث عن القدس اذ كان الاول عن كل القدس بعنوان “القدس مدينة السماء على الارض” والكتاب الاخر عن “المسجد الاقصى مهفى القلوب”، كما كان له الفضل في صدور كتاب عن المقامات والاضرحة والمساجد القديمة في الاردن حين قدمه لجلالة الملك عبد الله الثاني ليجد اثرا حميدا..
ارد بالقول انك يا ابا حسن “ذو خلق عظيم” وهذا رأي معظم الاردنيين الذين عرفوك او تعاملوا معك او سمعوا عنك، فقد كنت مخلصا في عملك الذي امضيت وما زلت فيه مدة 66 سنة، وقد عرفت انك لم تأخذ اجازات ابدا، وقيل انك اخذت اربعة ايام فقط طوال تلك المدة كلها.. فقد عشقت عملك الذي امضيت معظمه في القوات المسلحة، حيث المناقبية العالية والانضباط والمدرسة الاساس في الاردن، اذ ان الجيش العربي هو من بنى الدولة الاردنية خلف قيادة الهاشميين عبر ممالكهم الاربعة من عبد الله الاول الى عبد الله الثاني، وما زالت المسيرة تصعد على اكتاف ابنائها الاردنيين المخلصين خلف قيادة الملك عبد الله الثاني وولي عهده الامين الامير الحسين الذي فرح به الاردنيون وما زالوا يفرحون بزفافه المميز..
ابو حسن يعرف الاردن ويحفظه عن ظهر قلب تاريخا وجغرافية ورجال وماثر، ويكون دائما حيث يكون الاردنيين في اتراحهم وافراحهم ليعبر عن صلة الديوان الملكي ويترجم التوجهات الملكية بوعي واخلاص..
يعتز بمسييرته الوظيفية وبانتمائه للسلك العسكري كما يسميه منذ انخراطه فيه عام 1958 حين بدأ جنديا الى ان وصل الى رتبة عقيد، ونال شرف الخدمة واخلاقها وتعلم الانضباط والصدق في مدرستها، حتى اذا ما اقترب من القائد ترجم كل ما حمله وتعلمه ليظل على بساطته ومحبته للناس واحترامه لهم ووضعهم في المكان اللائق لكل واحد فيهم ..
ما زال امينا مخلصا يؤمن بالحوار ولا يحب الجدل، يذهب للحقيقة مهما كانت المسافة اليها بعيدة، ولا يسوغ غيرها مهما كان ذلك سهلا او بدا مريحا..
حين حل بالديوان الملكي قبل عقدين من الزمن مديرا للدائرة الادارية منتدبا من القوات المسلحة حظي بتقدير فيه العدالة والاستحقاق المستوجب والى ان جاء الى الى منصب رئيس الديوان صاعدا بالمسؤوليات التي انيطت به..
لقد عمل قريبا من جلالة الملك وفي الديوان الملكي لمدة ثلاثة عقود، ولم يكن يرغب في مدح او اطراء فمتعته هو في انفاذ واجباته والاستماع الى رأي من تصله من المكرمة الملكية من سكن او علاج او مساعدة، حيث اغاثة الملهوف وحيث اشكال الامتنان وفرحة تفريج الكرب، ومنظر الفرحة في عيون الناس الذين لا تتجاوز شكواهم الى فراغ، بل تجد الصدى والعون..
لقد ظلت زوادته من عمله ان يرى الرضى في العيون وان يستمع الى الالسن التي تلهج بالشكر، فقد ظل ابو حسن موصلا للرغبة الملكية، فكان النقل للرسائل دقيقا ومخلصا وفيه النتائج الممكنة..
يحظي في البادية كما في المدن والمخيمات والارياف والقرى بمودة وحسن استقبال ويربط بقدومه المكرمات الملكية التي يحملها بمحبة الى الناس منها المادي ومنها المعنوي الذي له ابلغ الاثر..
العيسوي غالبا ما يكون حاضرا لواجب يؤدية بامانة حرصا منه ان تكون صورة الاردن كما يريدها جلالة الملك بهية عامرة قوية حاضنة لجميع ابنائها..
قلت العيسوي الذي لا يعرف الاجازات كما يقول لم يسأم ولم يمل وهو يجد المتعة في خدمة مليكه ووطنه دون منّة او خيلاء..
اطال الله في عمره واكثر من امثاله فقد تعلم وعلم الكثيرين..