عروبة الإخباري- كتب سلطان الحطاب
ما بين اليوم وما بين قبل عامين وأكثر قطعت الملكية الأردنية مسافة طويلة على طريق الاستشفاء ومغادرة اسباب التراجع والخسائر الكبيرة .
ورغم أن الملكية هذا العام كما اشارت نتاىج العام 2022 قد غيّرت الكثير من المعطيات وصعدت على سلم مغادرة اعراض صعبة تراكمت فيها عليها الديون نتاج آثار جائحة كورونا والمستجدات التي تركتها الحرب الروسية الاوكرانية وخاصة لجهة ارنفاع اسعار الوقود التي تكبدتها الملكية، وهذا ما جعل العام الماضي ينتهي بسلبيات ايضا رغم التحسن الكبير الذي اصاب الملكية، ورغم قدرة قيادتها على تخطي الكثير من العقبات بفعل الجهود الكبيرة التي بذلت وتفهم الجهات الرسمية الى حد كبير لاوضاعها والدعم المعنوي والحرص الذي ابداه الملك عبدالله الثاني الذي ظل يرعى دور الملكية ويؤكده، وقد زار الملكية وتفقد اوضاعها..
لقد أدت ارتفاعات اسعار الوقود الى تكبد الشركة فروقات بقيمة 98 مليون دينار بسبب ارتفاع متوسط اسعار الوقود بما نسبته 69% في المملكة مقارنة مع اسعار المحطات الخارجية، اذ شكلت كلف الوقود وحدها نحو 50% من اجمالي الكلف التشغيلية المتغيرة التي تتحملها الملكية الاردنية، لقد شكلت خسائر الملكية من الجائحة (كورونا) 67% من مجموع الخسائر المتراكمة مما حدا بالحكومة التي تفهمت انذاك الحالة الصعبة الى دعم بمبلغ 70 مليون دينار كدفعات على حساب زيادة رأس المال..
ومنذ ادارتها الحالية فقد سعت هذه الادارة الخبيرة وبجد واجتهاد ونشاط ملموس وبتعاون مع الحكومة كمساهم للبحث عن حلول عملية لمعالجة العجز ولزيادة رأس المال بما يتناسب مع حجم اعمال الشركة مستقبلا ومتطلباتها القانونية في ظل التطورات المصاحبة..
المجالي والذي يقوم بمهمة انقاذ مستمرة وقد لعب دور الاطفائية منذ توليه مسؤولياته الجديدة في الملكية، وقد صبّ كل خبراته السابقة ولذا كان الرهان عنده على تحقيق نمو تشغيلي ومالي والنهوض بالشركة وتحسين يختلق مؤشرات الاداء فيها خاصة من ارتفاع في الايرادات ونسب معدل الامتلاء وتخفيض نسب جميع الكلف التشغيلية الاخرى باستثناء اسعار الوقود دون التاثير على جودة الخدمات المقدمة للمسافرين، وقد اصاب ذلك النجاح ، فقد اظهرت النتائج المالية ارتفاعا بالايرادات التشغيلية بنسبة 72% لتبلغ 613 مليون دينار مقارنة بـ 357 مليون دينار عن العام الذي سبق، وهي نسبة عالية وتعكس النجاح والمثابرة، حيث ارتفع عدد المسافرين الذين نقلتهم طائرات الشركة في عام 2022 بنسبة 92% وهو يعادل 3 مليون مسافر مقارنة مع نصف ذلك تقريبا 1.6 مليون مسافر عن العام الذي قبله، وترجمة ذلك امتلاء في الطائرات ليصبح 77%، وهذا يعكس قدرات الارادة والعاملين واستجابتهم للتحديات التي تواجه شركتهم..
لم تنس الملكية دورها الاساس في دعم الجهود الوطنية الهادفة لترويج الاردن كوجهة سياحية، وفي سبيل ذلك فانها ما زالت تراهن على اهتمام اكبر من جانب الحكومة، وان يكون لها الدور الابرز في النهاية والدعم باعتبارها الشركة الاكبر والناقل الوطني الذي لا يعوض مكانه احد..
الملكية كما قال سامر المجالي اعادت موضعة الكثير من خطوطها ورسمت خريطة جديدة هي محصلة دراسة وخبرة ومعرفة لشبكة الخطوط التي تخدمها، معتمدة على المرونة في مقاطع الشبكة وزيادة وتيرة الرحلات التي تشغل اليها الشركة.. ومع تحسين مستوى الخدمة الذي تحرص عليه الملكية باستمرار لاستقطاب المزيد من المسافرين سواء المغادرين او القادمين او الترانزيت وهذا يرافقه تحديث اسطول الطائرات كافة عبر ادخال 20 طائرة جديدة من طراز ايرباص واخرى لخدمة الخطوط قصيرة المدى، واستبدال القديمة منها بـ 10 طائرات جديدة من طراز امبراير E2،وذلك قبل نهاية العام 2023 ..
هناك ومن خلال متابعة دقيقة ما يدعو الى التفاؤل، فالملكية وضعت نفسها على المسار الصحيح واغلقت الكثير من السلبيات واوقفت تحديات ما زالت تعمل بجد في ذلك، ولذا كان العنوان “اين كنا؟” حين كانت ادارة المدير الالماني السابق تخبط خبط عشواء، وتتحدث بما ليس قائما ، واذكر شخصيا انني كنت احضر اجتماع هيئة عامة قبل جائحة الكورونا وهو اخر اجتماع حضرته قبل ان تتحول الاجتماعات عبر الـ (اون لاين)، يومها هاج المساهمون من ذوي الاسهم التي احترقت، واذكر ان مساهمين كبيرين هما النابلسي والحموري كادا يشتبكان مع الرئيس التنفيذي الاجنبي الذي كان يتحدث في واد وكان الوضع في واد اخر، وقد اضطررت لتغيير مكان جلوسي حتى لا اقع في مرمى الكراسي التي كانت جاهزة للاستعمال بالقذف بها نتاج تصاعد الاشتباك الكلامي ومحاولة وقف الرئيس التنفيذي عن الكلام المجاني الذي كان يطلقه دون اعتبار للحال القائمة.
تلك كانت الملكية قبل ان يجري ادخالها للعناية لمدة اكثر من سنتين لنلمس الان التحسن اخيرا وليس الشفاء التام، فما زالت هناك مسافة يجب ان تقطع، ولذا لابد من دعم هذه الادارة الجديدة وهي ادارة استطاعت ان تشخص بالضبط امراض الملكية الاردنية وان ترسم خريطة طريق للخروج من حالة الخسائر الى الاستقرار والانطلاق مجددا .. فهناك عوامل يمكن السيطرة عليها ومعالجتها واخرى صعبة كأسعار الوقود وما تشكله .. لكن قدرة الادارة الحالية على كسب الداعمين سواء من الحكومة او المساهمين اصبحت ملموسة..
وها هي الادارة تترجم التوجهات الملكية التي تحرص على المساعدة او الدعم عسى ان يكون النجاح هو الحليف والشعار “ان من سار على الدرب وصل” بعد ان صحت العزيمة وقامت الارادة وانصرف الجميع الى العمل بدل الشكوى والذرائع والتبريرات..
الملكية الأردنية.. أين كنا وأين أصبحنا ؟
12
المقالة السابقة