عروبة الإخباري – هديل غبّون خلصت ورقة سياسات حديثة أعدها مركز “تمكين” للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان إلى وجود “ضعف” ملحوظ في إعادة تأهيل الأطفال ضحايا التسول مع رصد تكرار نحو 60 – 65 % منهم لهذه العادة، فيما أوصت بتطبيق وتفعيل 6 إجراءات من بينها إعادة النظر في مدة البقاء في دور الرعاية وتمديدها لفترة زمنية كافية، ما يسمح لهم بالبقاء للخضوع لبرنامج إعادة تأهيل مناسب.
واستعرضت الورقة التي نشرها “تمكين” على موقعه الإلكتروني في نحو 20 صفحة، الإطار التشريعي المتعلق بالحد من تسوّل الأطفال وحمايتهم وإعادة تأهيلهم، على مستوى اتفاقية حقوق الطفل الأممية، وقانون الأحداث الأردني، والانظمة والتعليمات ذات العلاقة، إضافة إلى نشر نتائج رصد ميداني شمل إجراء مقابلات مع مختصين وأصحاب مصلحة في مركزي رعاية وتأهيل الأطفال المتسولين في كل من مادبا (للذكور) والظليل (للإناث).
وأكدت الورقة أن إعادة التأهيل، تمثل جانباً رئيسياً من جوانب التقليل إلى أدنى حد من تسول الأطفال في البلاد، ويعالج بشكل شامل العوامل التي تدفع الأطفال إلى التسول، بما في ذلك الجوانب المهنية والنفسية والتعليمية والاجتماعية، وفقًا للقانون الأردني، ووجوب توفير إعادة التأهيل في ملاجئ مخصصة مع البرامج ذات الصلة، ومراقبة صحة الطفل العقلية.
وقالت إنه في حين أن وزارة التنمية الاجتماعية تتحمل المسؤولية الرئيسية عن توفير إعادة التأهيل، فإن أي عملية شاملة تتطلب جهات فاعلة متعددة وكيانات ذات صلة، فضلا عن التنسيق المنهجي فيما بينها، معتبرة أن “السياسات الأردنية الحالية المتعلقة بإعادة التأهيل إما قديمة أو غير مطبقة على أرض الواقع، ومن ثم فهي تتطلب إعادة النظر فيها”.
ورأت أن إعادة التأهيل، تقتصر في دور الرعاية على الحد الأدنى من الخدمات التعليمية، وألعاب التخفيف من التوتر، والتدريب على المهارات المهنية، في حين أن هذه الأنشطة يجب أن توفر مساحة للأطفال للتفريغ العاطفي، وزيادة الوعي بمخاطر التسول، مبينة ان الأنشطة المطبقّة “لا تعالج الأنماط النفسية والاجتماعية التي تؤثر على الصحة العقلية للأطفال والاندماج المناسب في المجتمع”.
وخلصت الورقة إلى أن قصر مدة إقامة الطفل في مركز الرعاية والتأهيل، تحول دون تقديم خدمات شمولية وإعادة تفعيل حقيقية”، مبينة أن الرصد الميداني لمركزي الرعاية المخصصين للأطفال في المملكة، أظهر أن متوسط مدة إقامة الأطفال تتراوح بين عدة أيام وشهر.
وفي سياق التوصيات، أوصت الورقة باعتماد نظام تعليمي مناسب، لكي يدرك الأطفال المتسولون مخاطر التسول، وأهمية العمل الماهر والتعليم، وبدائل التسول للحصول على دخل، وتنفيذ نظام ملائم للرعاية اللاحقة يشمل الرصد والتقييم المستمرين للأطفال المتسولين أثناء إعادة تأهيلهم في المجتمع، وكذلك اعتماد برنامج شامل ونظام إحالة بين وزارة التنمية الاجتماعية ووزارة العمل ووزارة التربية والتعليم، بهدف متابعة دورة الأطفال المتسولين من ضبطهم وحتى عودتهم إلى المدرسة.
كما أوصت الورقة بتنظيم دورات توعية لوالدين الأطفال المتسولين /أو مقدمي الرعاية بشأن أهمية إعادة التأهيل، وإمكانية الحصول على دخل مستدام من العمل اليدوي الماهر، وكذلك توسيع برامج الحماية الاجتماعية الممنوحة لأسر الأطفال المتسولين لتقليل اعتمادهم على التسول الذي يعتبر شكلا من أشكال الدخل لهم، وأيضا ضرورة تشجيع الطفل على العودة إلى الحياة الطبيعية.
وبينت الورقة أن الطفل لا يقضي في الواقع المدة بأكملها كما حكم عليه القاضي، مع الاشارة إلى أن المادة (389) من قانون العقوبات تنص على: “يعاقب الأطفال لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر”، ما يمكن المحكمة بدلاً من ذلك إحالتهم إلى مراكز إعادة التأهيل لمدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات”.
واستندت الورقة إلى المادة 37 من قانون الأحداث التي تنص على أنه يمكن اتخاذ تدابير خاصة لحماية الطفل ورعايته، بما في ذلك أمر أحد الوالدين أو الوصي برعايته، أو إيداع الطفل في مركز إعادة التأهيل لمدة لا تزيد على سنتين ؛ أو وضع الطفل تحت إشراف اختصاصي اجتماعي مختص لمدة 1 إلى 5 سنوات.
وبناء على هذه التدابير، يجب أن يقضي الطفل ما لا يقل عن سنة واحدة في إعادة التأهيل، ومع ذلك، فإن غالبية الأطفال المتسولين لا يقضون هذه المدة بالكامل كما ينص القانون.
وفيما يتعلق بنسب التكرارـ، اكدت الورقة أنه وفقا للاختصاصيين الاجتماعيين الذين أجريت معهم مقابلات خاصة بالورقة في المركزين، قد بيّنوا أن 60 %-65 % من الأطفال الوافدين هم متسولون متكررون، توجد لهم سابقة.
وفيما يتعلق بالخدمات وشموليتها في مراكز الأحداث، قالت الورقة أنه بالرغم من وجود الاختصاصيين الاجتماعيين في مركزي إعادة التأهيل، فإنهم لا يجرون عادة تقييما شاملا لاحتياجات الأطفال القادمين، بسبب النقص الحاد في الموظفين وقصر مدة إقامة الأطفال، إضافة إلى أن هؤلاء العاملين وفقا للورقة، غير قادرين على تقديم جميع الخدمات اللازمة للأطفال، بما في ذلك الدعم النفسي والاجتماعي والبرامج التعليمية المتسقة التي يتم تقديمها مع مناهج ونتائج محددة.
ورأت الورقة التي أعدّت بدعم من البرنامج الأوروبي الإقليمي للتنمية والحماية (RDPP II) لدعم لبنان والأردن والعراق، بأن تأهيل الطفل عبر برنامج رعاية لاحقة يصبح أكثر صعوبة لأنه أكثر مقاومة بعد خروجه من المركز، ما يعني أن الطفل قد يعود إلى بيئة أسرية تعيده إلى التسول، لأن أحد الأسباب الرئيسية لتسول الأطفال في الأردن هو من أفراد الأسرة، ووفقا لدليل منظمة العمل الدولية لإعادة التأهيل النفسي والاجتماعي، فإن منع تكرار الإيذاء والانتكاس سمة أساسية لإغلاق القضية.
65 بالمئة من الأطفال يكررون التسول بعد “التأهيل”
8
المقالة السابقة